دون تقعير ودون فلسفات «مصر مش ناقصة»، يكفيها ما فيها وما تعرضت وتتعرض له على مدار الساعة ومن كل الاتجاهات، والغريب أن كل ما تتعرض له بلدنا معلوم للجميع بل ويذاع على الهواء مباشرة ودون استئذان، إذن هى مش ناقصة مزايدات من أحد لا باسم الوطن ولا باسم الدين، نحن نعيش حالة ضبابية غريبة، فيها من التناقضات والمتناقضات ما يجعل العقل عاجزاً عن استيعاب كل مفرداتها، هناك من يسبح بحمد ربه فى الصباح وينقلب عليه فى المساء هاجياً أو مشمئزاً، وكما هناك من يعبد الله على حرف فهناك من يحب الوطن على شعرة، يتعامل مع الوطن على أنه فندق إذا ساءت فيه الخدمة يبحث عن وطن آخر -أقصد فندقاً آخر- لن أتحدث فى العموميات فلا وقت لدينا للف والدوران، أجهزة الدولة مترهلة وتفكر بسطحية شديدة فى مسائل لا تحتمل الضحالة وحسن النوايا، أجهزة الدولة تتعامل بنفس الآليات التقليدية فى أمور لا تحتمل العبث التقليدى، أجهزة الدولة لا تريد أن تصدق أن الدنيا تغيرت، والناس تغيرت، ونظام الحكم تغير، والحزب الوطنى اتحرق، وأحمد عز خلاص، وكمال الشاذلى الله يرحمه، وصفوت الشريف وزكريا عزمى وفتحى سرور غير أحياء لكنهم فقط يتنفسون، أجهزة الدولة ما زالت تتعامل بنبرة فوقية استعلائية وعادت عبارات كنا نظن وهماً أنها ولَّت واندثرت «انت عارف انت بتكلم مين»، «دا واحد مسنود» «دا واحد واصل»، «دا على علاقة مباشرة بالراجل الكبير»، وطبعاً التعميم أول خطوات الضلال، لكن ما ذنب الدولة الجريحة أن تتحمل تبعات مسئول مقصر ومسئول خائف ومسئول فاسد ومسئول غير مسئول؟ ما ذنب هذا الوطن أن يتحمل «لعب العيال» بين بعض الجهات والمؤسسات؟ ما ذنب هذا الوطن أن يتحمل أوزار الممارسات الشخصية المرفوضة والشاذة لبعض رجال الشرطة فى نفس الوقت الذى تقدم الشرطة خيرة أبنائها فداء لهذا الوطن، أمين شرطة أو ضابط منحرف يثير فتنة يلتقطها أعداء هذا الوطن وتبدأ المؤامرات تحاك لنا بفعل المقصرين فينا، الرئيس السيسى غير المحظوظ بأداء من حوله يحمل هموماً تنوء من حملها الجبال، لقد كشف الرئيس الجميع وأحرج الجميع وبالمصرى «زنق الجميع» عندما اخترق حواجز ومطبات وقال ما قال مع عمرو أديب، وتناقله الجميع ولم يقف أحد عند حقيقة أن الرئيس بمداخلاته التليفزيونية يكشف المسئولين الذين كان من واجبهم فعل ما يفعله الرئيس وقول ما يقوله الرئيس، فعندما فشل وزير الشباب وفشل وزير الداخلية وفشل قادة الأحزاب وفشل الإعلام وفشل النخب وفشل البرلمان فى احتواء الشباب -كل الشباب- تحدث الرئيس وبدلاً من الوقوف خلفه ومساندته للوصول إلى حلول حقيقية لمشاكل مصر المحروسة، وقف البعض صارخاً لماذا يتنازل الرئيس ويجلس مع الشباب؟ الرئيس وهيبة الدولة؟ الرئيس وضع بعض حملة المباخر فى مأزق شديد، فقد كان هؤلاء يتخيلون أنهم يتقربون من الرئيس، لكن الحقيقة المجردة أن الرئيس ليس له شلة وليس عنده مقربون وليس له أصدقاء، لذلك يعيش هؤلاء فى ظروف نفسية صعبة ولديهم تناقض بين ما قالوه وما يقوله الرئيس، بيد أن الفارق بين الرئيس وبين هؤلاء، أن الرئيس يعمل ويسابق الزمن من أجل مصر فقط، أما هؤلاء فيتحدثون ويسابقون الزمن من أجل إرضاء الرئيس وتحقيق مصالحهم بهذا الرضا، والسؤال: هل فهم هؤلاء مؤخراً أن الرئيس يعمل على موجة أخرى غير موجاتهم؟ أقول لكل هؤلاء «مصر مش ناقصة».