فى زمن «مبارك»، كانت توجد فى مكتب الأمن فى ماسبيرو قائمة بالممنوعين من الظهور فى التليفزيون المصرى، أطلق عليها اسم القائمة السوداء، وكانت تُرسل من مكتب أمن الدولة، كانت هذه الأسماء ممنوعة من دخول جنة ماسبيرو ومطرودة من فردوس برامجه، وعلى العكس كان هناك المائة المبشرون بماسبيرو، الذين تراهم على شاشات جميع البرامج جالسين فى جميع الصالونات والديكورات «أوبن بوفيه إكسكلوزيف فول بورد»!، الآن القائمة السوداء لم تعد تُكتب فى أمن الدولة، لكنها صارت تُكتب فى الأزهر، أو بالأصح تُملى بالتليفون من هناك!!، كيف يوقف برنامج «ملفات ساخنة»، الذى تُقدّمه الإعلامية «أيتن الموجى» على الفضائية المصرية، لأنها استضافت فى إحدى حلقاتها سيد القمنى؟!، قرّرت الإدارة وضع المسمار فى العجلة وإيقافه، أو تحويل البرنامج من برنامج على الهواء إلى برنامج مسجل، وهذا بالطبع نوع من القتل البطىء، وبمثابة وضع الملفات الساخنة فى الثلاجة وإجبار المذيعة على ترك البرنامج، وتقديم أكل بايت وملفات باردة ومعقّمة وصالحة للتناول السلفى الوهابى، ما حدث من منع ومصادرة ومطاردة تم بناءً على تليفون، ملخص المكالمة «القمنى لأ، وإياكم أن تستضيفوا هذا الرجل مرة ثانية، فهو قد انتقد الأزهر»، فزع المسئولون، فلو حدث هذا مرة ثانية فإن هناك تهديدات تناثرت هنا وهناك بأن شيخ الأزهر لن يُقدم برنامجه مرة أخرى على تلك الشاشة، وتتساءلون بعد ذلك يا أهل ماسبيرو لماذا لا يشاهدكم أحد؟!، لأن التليفزيون قد تحول إلى محكمة مكارثية تطرد وتطارد كل من لا يرضى عنه الأزهر، وكأنه يقبض على الساحرات الشريرات فى القرون الوسطى!، عودة القائمة السوداء إلى التليفزيون برعاية سلفية هى كارثة كنا قد ظننا أننا تخلصنا منها إلى الأبد بعد 25 يناير، التليفزيون المصرى مدعوم من جيوبنا وليس مدعوماً من جيوب دار الإفتاء أو مجمع البحوث الإسلامية أو هيئة كبار العلماء، والضرائب المخصومة من المواطن المصرى، سواء كان علمانياً أو أزهرياً أو بهائياً هى التى يقبض منها رئيس التليفزيون ورئيس الاتحاد مرتبه وحوافزه!!، لذلك ليس من حقه منع هذا أو حذف ذاك، كيف تكون تهمة المذيعة الدفاع عن البهائيين والأقليات الدينية؟!، هل هذه تهمة فى زمننا الحالى وعصرنا الميمون؟!، هل كان المفروض عليها أن تُحرض على قتل الشيعة كما فعلت عصابة الجاسوس «مرسى» فى الاستاد، فقتل الشيخ حسن شحاتة فى أبو النمرس بعدها مباشرة؟، هل صارت تهمة أن أقف إلى جانب المواطنة أم صار من الفرض الواجب على الإعلامى كى يرضى عنه أهل الحل والعقد فى ماسبيرو أن يكون عنصرياً طائفياً؟!، هل يجب على مقدمة البرنامج أن ترتدى جبة «ابن باز» وقفطان «ابن عثيمين» و«الحوينى»، حتى تصبح من الفرقة الناجية بالتليفزيون المصرى؟!، للأسف الإخوان لم يخرجوا من ماسبيرو، لكنهم سكنوا النخاع والعظم والخلايا، وأنصح السيد عصام الأمير أن يرفع لافتة «اتحاد الإذاعة والتليفزيون»، ويضع بدلاً منها «مكتب الإرشاد».