الناس بتسألنى: مازهقتوش؟
الكلام خلص.. قُلتوا كل حاجة (كل المشاكل وحلولها)!!
ورغم ذلك.. فى الشارع، فى المجالس الخاصة، فى الإعلام،، لسَّه قاعدين يعيدوا ويزيدوا، يقولوا المتقال، ويكرَّروا نفس الكلام!!
المدهش إن التسعين مليون كلُّهم «أطباء باطنة».. كل واحد قاعد يوصَّف ويشخَّص حالة المريضة (اللى هىَّ مصر) ومفيش «جَّراحين» يقطعوا العرق ويسيحوا الدم.. مفيش حد عايز يقوم.. يتحرّك.. يمد إيده ويبنى طوبة.. كُلّه قاعد ينظَّر.. ويفت (من الفتة)!!
60 سنة «تفعيص» فى جسد المحروسة، لدرجة أن أى سواق من الـ2 مليون سواق «توك توك» وهو مغمّض يسمّع لك «دفتر أحوال البلد، ويكتب لك الروشتة».
والخبراء المُتخصصون ريقهم نشف، لسانهم اتدلدل من كتر الكلام والمناشدات لتطبيق ما يُقدّمونه من أفكار ومقترحات وحلول.. والسادة «الجهابذة» اللى بيديروا البلد «ودن من طين وأخرى من عجين».. صُمٌّ بُكمٌ لا يعقلون.. وعلى رأى أستاذنا «يوسف إدريس»: إما أنهم لا يقرأون، أو إذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يفعلون شيئاً».. وعاجبهم دماغهم وإدارتهم بفكر الفقر، اللى مغرّقنا فى شبر مَيّه!!
والحل للخروج من «الورطة» (ولا أقول الكارثة) اللى إحنا فيها.. قُلت ألف مرّة: ناخد آخر سطر من تجربة البلاااااد اللى نجحت وقامت وقفزت مثل ماليزيا، الهند، البرازيل وحتى إثيوبيا.. إثيوبيا اللى بتحقَّق الآن أعلى معدل نمو فى العالم (12%)، وتستهدف (15%) سنوياً.. عملوا إيه؟
جابوا 300 خبير «كمايسترو».. اختاروهم من المبدعين، الخلاقين، المبتكرين، المحترفين فى الإدارة.. شُغلهم: «ينسّقوا» بين الوزارات والهيئات.. «يتابعوا» يوم بيوم «أداء» كل المؤسسات بكل قطاع من القطاعات.. «يراقبوا» أى انحرافات فى تنفيذ البرامج والخطط، فى ضوء «الرؤية الاستراتيجية» للمشروع الحضارى للدولة (فى التعليم والبحث العلمى، فى الزراعة، فى الصناعة، فى التعدين، فى الفنون والآداب، فى الرياضة، فى السياسة الخارجية.. الخ).
همّا «الكرباج» اللى بيطرقع ورا ظهر كل مسئول.. يُحفّزه، يخوفّه، يقدم له أفكاراً ومقترحات.. أكرّر: بالتنسيق الدائم بين الهيئات والمؤسسات والوزارات!!
فى النهاية: نصل إلى «هارمونى».. بين كل العازفين من الموسيقيين (طبالين وزمارين) ليخرجوا لنا قطعة فنية مُمتعة، تجعلنا نصفق «للفرقة» كلها.. ونرفع القبعة لكل «مايسترو» ولقائد «الأوركسترا»!!
السؤال: هل هذا هو ما يحدث الآن؟
بالقطع، لن تجد مصرياً واحداً مبسوطاً أو راضياً عن أداء «فرقتنا الموسيقية» من الوزارات والهيئات والمؤسسات.. فكل واحد من هؤلاء شغال مع نفسه.. على هواه بلا «مايسترو».. والنتيجة: هيصة وزمبليطة، دوشة وإزعاج، تلوث سمعى، والكل غضبان ومُستاء من هذا الضجيج بلا طحين!!
السؤال الآن:
نعملها إزاى؟
السيد الرئيس «القائد الأعلى للأوركسترا» يتفضّل يعمل «ورش عمل» من الخبراء (من أصحاب الخبرات بكل قطاع).. ولو مفيش من المصريين بالخارج، أو حتى نجيب خبراء أجانب، عندهم سابق خبرة فى وضع «الرؤى الاستراتيجية» بالدول التى نهضت أو نطلب من الشيخ «محمد بن راشد» حاكم دبى.. إشمعنى؟
لأن تجربته يُحتذى بها، لأنه جرّب الشركات العالمية والخبراء الدوليين وبعض المصريين، لأنه من المحبين لمصر ولن يبخل علينا بأى طلبات أو متطلبات.. ولأن دبى تجربة عربية صحراوية. ولدينا عشرات المواقع التى تصلح أن تكون مثل دبى وسنغافورة وتايوان وغيرها.. ولدينا من الموارد والثروات والكنوز أكثر عشرات المرات من كل هؤلاء مُجتمعين.. كل ما ينقصنا هو: الإدارة (بعد أن توافرت «الإرادة»).
«والإدارة» تحتاج قبلها إلى «رؤية».. والرؤية تحتاج إلى خطط وسياسات وبرامج وآليات.. مين حيحطها؟
نجيب مؤسسة عالمية متخصّصة، تعمل لنا «هيكل جديد» للدولة المصرية.. لأننا بعد عقود من حُكم نفسنا لنفسنا (بغشومية).. لم يعد لدينا «دولة» ولكن أصبح لدينا «شكل دولة».. «شبه دولة» بلا مضمون.. «زى مدارسنا»: لها مبنى وفيها ناظر ومدرسين وجدول حصص، ومصاريف وكتب وكراريس وامتحانات.. والحقيقة: مفيش تعليم!! شرحه «مستشفيات، ووزارة صحة، وأطباء، وأسرّة، وممرضات، واستقبال وإسعاف.. ومفيش علاج»!! وزراعة للزراعة، ومراكز بحوث زراعية، ونهر النيل، ومياه جوفية، وبنستورد بـ21 مليار أكل وشرب ودخان!! وهكذا فى كل قطاع وبكل مؤسسة.. أشكال وأشباه بلا مضامين!!
الخلاصة: أرجوكم ارجعوا للبرنامج اللى كان على روتانا مصرية من خمس سنين (تقدر تشوفه مع هالة سرحان.. على يوتيوب)، قُلت لها فيه:
«أنا خايف منّنا».
اندهشت، وسألتنى: يعنى إيه خايف منّنا؟
قُلت: إحنا فاشلين فى الإدارة.. تاريخنا بيقول كده.. لولا الجندى الألبانى محمد على تاجر الدخان مكانش بقى فيه «نهضة» ولا دولة حديثة ولا جيش قوى ولا قناطر وترع وسدود.. وقُلت: لو معايا 2 ميار دولار، أعمل بيهم حاجة واحدة «أجيب أشهر وأكبر مؤسسة دولية متخصصة فى (هيكلة الدول) تعمل لنا «دولة» من أول وجديد.. دولة «لامركزية» المحافظ فى محافظته هو رئيس الجمهورية.. دولة تحرق غابة التشريعات اللى واقفة حال البلد، وهتودّينا فى 60 داهية.. تعمل لنا قوانين جديدة طبقاً للدستور المركون.. وتعمل لنا هيكلة لكل مؤسسة فى الدولة (مؤسسة العدالة، مؤسسة الشرطة، مؤسسات الإنتاج، مؤسسات الخدمات) من أول النظافة وتنظيم المرور إلى الاكتفاء الذاتى من الغذاء، عشان نبطل ناكل فول، يمكن نبقى بنى آدمين.. نفكّر بعقولنا مش بالجزمة اللى فى دماغنا لنُنقذ بلدنا.. بلدنا الذى يضيق فيها الخناق على رقابنا!!
اللهم إنى قد بلغت للمرة الألف.
نستكمل الاثنين المقبل.