بروس روثرفورد: البرلمان المقبل «الاختبار الحقيقى» لنوايا الجماعة
يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة «كولجيت» الأمريكية مؤلف كتاب «مصر بعد مبارك.. الليبرالية والإسلام والديمقراطية فى العالم العربى»، بروس روثرفورد، أن السؤال الأهم الآن: هل قيادات الجماعة -خصوصا مرسى والشاطر باعتبارهما اللاعبين الرئيسيين داخل التنظيم- تركز على تنفيذ أيديولوجية أم على حكم البلد بشكل رشيد؟ فقد أثبت الرجلان فى أكثر من موقف أنهما عمليان جداً؛ فقد أحجما مثلاً عن الدخول فى مواجهات مع المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية، رغم دعوات الجماعة ومطالبها لإصلاح هذه المؤسسات طوال السنوات الماضية. ومعالجة الإخوان لأزمة غزة قبل أسابيع قليلة على نحو يتناقض مع ما كان متوقعاً من فكر جماعة الإخوان المسلمين فيما يتعلق بإسرائيل وكامب ديفيد، دليل آخر على براجماتية هذه الجماعة (ربما يكون موقف مرسى من غزة نتيجة نفوذ وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسى وليس الجماعة). فى المقابل، سمح الإخوان بصياغة دستورية غامضة تسمح بدور أكبر للشريعة فى القوانين، هذه الصياغة الغامضة ستعتمد إلى حد كبير على تفسير أعضاء البرلمان المقبل لها؛ لذلك فالقوانين التى سيسنها البرلمان المقبل، الذى سيسيطر عليه فى الغالب الإخوان والسلفيون، ستكون مؤشراً على نوايا الإسلاميين. وتساءل: هل ستسعى الجماعة -مع السلفيين- لتمرير قوانين محافظة فيما يتعلق بالتعليم والمرأة وحرية الإعلام وتناول الخمور وغيرها من القضايا الاجتماعية رغم ما قد تخلقه هذه القوانين من فوضى، أم ستهتم بخلق تعددية من شأنها أن تقلل من المستوى الحالى من التوتر الاجتماعى وتصدر تشريعات تحمى صراحة حقوق الأقباط والمرأة، خصوصاً فى تولى وظائف عليا فى الحكومة.. ما أريد أن أقوله هو أن البرلمان المقبل هو الاختبار الحقيقى لنوايا الجماعة، وهل تريد حكم مصر بشكل فعال رشيد أم تطبيق الشريعة بأى ثمن؟
أما فيما يتعلق بمصر، فالدولة ستواجه 3 تحديات أساسية:
أولها: تحقيق التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل، والاستجابة فى نفس الوقت لمطالب العدالة الاجتماعية التى أشعلت ثورة 25 يناير. وعلى المستوى العملى، هذا يعنى توسيع قاعدة القطاع الخاص، لكن مع الحرص على محاربة الفساد والظلم الاجتماعى اللذين ميزا عهد مبارك.
وثانيها: إصلاح وزارة الداخلية؛ فهناك أدلة كثيرة على أن هذه الوزارة لديها ثقافة عميقة الجذور فى الفساد وعدم احترام حقوق المواطنين، وبالتالى يجب إصلاح كوادر وقيادات الوزارة لتترسخ الديمقراطية. وهذا الإصلاح قد لا يكون أمراً سهلاً؛ لأنها ستقاوم هذه الجهود، ما يعنى أن ضباط الشرطة قد يتواطأون لإحداث فوضى لزعزعة الاستقرار فى هذه اللحظة الدقيقة التى تمر بها مصر.
وثالثها: إعادة النظر فى علاقة الجيش بالدولة المصرية؛ فالجيش يعمل حالياً باستقلال ذاتى شبه كامل، بعيداً عن باقى مؤسسات الدولة. ومن الصعب أن تتحول مصر لبلد ديمقراطى، دون أن يتقبل العسكريون قيادة مدنية، ومبدأ أن يكونوا محل مساءلة البرلمان ورقابته، ويكون البرلمان بدوره مسئولاً أمام الشعب.
حتى الآن، ليس هناك ما يشير إلى أن مصر قد حققت أى تقدم يذكر فى القضايا الثلاث.
الأخبار المتعلقة:
مصر «الديمقراطية».. توحد المعارضة.. طوق «الإنقاذ» الأخير
فولكهارد فيندفور: مصر دخلت «مرحلة انتقالية طويلة»
الليبرالية «ناميس عرنوس»: الشارع اختار الإسلاميين بمبدأ «الراجل البركة».. وفكرنا يضمن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية