لماذا كل هذا الانفلات؟ الانفلات الأخلاقى كان هو العنوان العريض الذى تفرع منه كل أنواع وأشكال الانفلات الأخرى التى نعيشها ونتنفسها على مدار الساعة، انفلات وظيفى ومهنى وثورى وسلطوى وإعلامى، انفلات فى الموالاة وانفلات فى المعارضة، هذا الجو المنفلت خلق حالة من عدم الثقة من الجميع تجاه الجميع بلا رابط ولا ضابط ولا خطوط فاصلة بين الممكن والمستحيل، عدم الثقة فى الآخر كانت نتيجة أسباب عديدة منها التاريخى ومنها الآنى لكن ما يمكن التقاطه بسرعة أننا نعيش مرحلة ما يسمى «الصراع الصفرى»، إما أنا وإما أنت ولا يمكن أن نكون معاً، هذا التطرّف الممقوت فى عدم الثقة الناتجة عن هذا الانفلات أوصلنا إلى مرحلة (التخوين القومى). أصبح من السهل واليسير أن أطلق رصاصات طائشة من قلمى أو أناملى أو لسانى عبر أى وسيلة إعلامية مقروءة أو مسموعة أو مرئيّة أو حتى من خلال وسائل التواصل الاجتماعى الذى أصبح عبئاً ثقيلاً على فكرة الدولة التقليدية وعلى فكرة الأسرة التاريخية. إن مصر الوطن والتاريخ والحاضر والمستقبل تعيش لحظات صعبة للغاية، بيد أنى أشعر أن قلب الوطن يخفق خفقات مخيفة ولا أحد يستطيع التنبؤ بما تسفر عنه تلك المعارك المصطنعة والمخططة والتى تبدأ دائماً بأفكار براقة لا يختلف عليها اثنان، لكنها تتحرك صوب مناطق نائية عن جغرافيا الفكرة الأساسية لتنحرف ثم تنكشف أمام الخاصة والعالمين ببواطن الأمور، ثم تبدأ فى الانكشاف أمام العامة والدهماء ببطء شديد ومقاومة رهيبة، لكن دائماً بعد فوات الأوان وبعد احتراق الأخضر واليابس على رؤوس الجميع، الأيام الماضية وحتى هذه اللحظة أرى حزمة من التحركات المنظمة مستهدفة الدولة المصرية بحق، ولا يجب أن ننخدع ولن نسمح لأحد أن يخدعنا بوجاهة ومنطق وعدالة توجهاته طالما أن تلك التوجهات تقود وطنى وشعبى إلى حالة الإحباط والتفسخ وانعدام الثقة والتخوين والكفران المبين بكل ما هو وطنى وكل ما هو قومى، أرانى أتحسس مواضع حساسة على خريطة العقل والمنطق لأقف على حقيقة ما يجرى وما مدى عفويته المزعومة، بيد أننى على قناعة بإخلاص الكثيرين ولا أبالغ إذا قلت إن الغالبية العظمى من أبناء الوطن وطنيون مخلصون لكنهم غير مدركين لأجزاء مهمة من خريطة التحديات وهذا مرده إلى فشل الدولة فى مخاطبة هذه القواعد من ناحية ونجاح الفصيل المناهض للدولة فى التشويش وإثارة كتلة ضبابية تغطى المشهد برمته فى محاولة غير يائسة من هذا الفصيل للانقضاض على الدولة مرة أخرى وتسليمها تسليم مفتاح لتلك القوى الإقليمية والدولية الطامحة والطامعة فى هذا الوطن!
يا سادتى، يا إخوانى، يا كل صاحب عقل وقلب.. مصر موجوعة، مصر متألمة، مصر منهكة، مصر لا تستحق منكم هذا العبث التاريخى.
نحن نمارس أسوأ أنواع الرذائل الوطنية.
نحن نمكن أعداءنا من العبث بمواضع عفتنا الوطنية ونحن نضحك ونتكلم ونتجادل ونستمتع فى بلاهة غير مسبوقة.
استيقظوا أيها النائمون..
استيقظوا بوعى واعلموا أن مصر فى قلب الأزمة، فى قلب الكارثة؛ فليتوقف الجميع عن الكلام ويبدأ الجميع صفحة جديدة من العمل.
ثقوا بالرئيس..
ثقوا بالرئيس..
أنتم ووطنكم وأعراضكم فى أيد أمينة ما فى ذلك شك.