صدق أو لا تصدق: «المقاولين بيدوروا على ناس تشتغل.. ومش لاقيين»
فريق «الوطن» مع مهندسى أكبر مشروع إسكان اجتماعى فى مدينة 6 أكتوبر
محمد السيد حداد مسلح، يلمع العرق بين مسام بشرته القمحية، يغطى رأسه «كاب صغير» يحميه من أشعة الشمس، ينقل الأسياخ الحديدية من أسفل إلى الطابق الثانى بإحدى العمارات بمساعدة زملائه، يقول بنبرة مرتفعة: «كنا بنحتاس لحد ما نلاقى مقاول نشتغل معاه، فلو ملكش مقاول شغال معاه بقالك سنين مش هتلاقى شغل لفترة طويلة، إنما هما اللى بيجروا ورانا دلوقتى، والمشروع دا بصراحة انعكس علينا بالخير واستفدنا منه، ويحتاج حالياً إلى المزيد من عمال المعمار».
وأضاف «السيد»، لـ«الوطن»، أن كثرة الأعمال وعدم توافر «صنايعية حريفة» ضاعفا يومية الصنايعى؛ والأجرة تختلف حسب المقاول، والشركة التى يعمل معها، لكنها تصل لـ160 جنيهاً بعدما كان «اتخن صنايعى بياخد 80 جنيه من 3 سنين بس». ولفت إلى أن كل مشروع إسكان جديد يستقطب أعداداً كبيرة من الشباب الراغب فى العمل، موضحاً أن المشروع به شباب من مختلف ربوع مصر، سواء من الصعيد أو الوجه البحرى أو مدن القناة، معرباً عن فخره لمشاركته فى «بناء وتعمير مصر»، على حد وصفه.
مقاول حفر: العمال يحضرون أقاربهم وأصدقاءهم للعمل فى المشروع لأنه يحتاج إلى عمالة كثيفة
ويقول عبدالناصر فواز، مقاول حفر بالمشروع، إن أعداد كبيرة من الشباب يقدمون للبحث عن «لقمة العيش» فور رؤية العمارات التى يجرى إنشاؤها، فضلاً عن أن العاملين يجذبون أصحابهم وأقاربهم من بلدانهم المختلفة ليأتوا للعمل، موضحاً أن المشروع يفتح يديه لـ«عمال الحفر، والنجارين، والحدادين، والبنائين، ومبيضين المحارة، والسباكين والنقاشين والمبلطين». ويضيف فواز قائلاً: العاملون فى المشروع يبدأون العمل على ورديات من «أول الشمس ما تطلع لحد ما تغيب»، لكن حاجة العمل تحتاج أحياناً لبذل مزيد من الجهد فيها، والبقاء لفترة زمنية أطول، واصفاً ما تشهده مدينة 6 أكتوبر من أعمال بناء لصالح «محدودى الدخل» بـ«المجهود الحربى»، خاصةً أن المشروع لم يتجاوز بعد حاجز الـ50 يوماً مع وجود هياكل عمارات بدأت فى الظهور.
أما محمد أحمد، أحد الشباب المقبلين من الفيوم للعمل بالمشروع، فيقول إنه لأول مرة يرى «ناس عايزة تشتغل بجد»، موضحاً أن أقرانه من بلدته عملوا بالمشروع قبله وأتوا به إلى هنا، وإن المقاولين العاملين بالمشروع، ومسئولى الشركات، مش لاقيين ناس تيجى تشتغل، من يحضر إلى هنا للعمل يجد فرصاً كثيرة ومغريات أكثر ورواتب مجزية تكافئ المجهود المبذول، حتى لو لم يكن لديه خبرة فى العمل، ويتم تعليمه، مستشهداً ببعض الشباب الذين بموقع العمل، وهو ما أكده محمود أحمد (18 سنة)، مقبل من سوهاج للعمل بالمشروع، موضحاً أنه قدم للعمل بالمشروع للاستفادة منه، ولكى يتعلم صنعة تفيده فى المستقبل.
«أحمد»: جئت من سوهاج لأتعلم صنعة «الحدادة» و«محمود»: «الناس الفاضية هما اللى بيقعدوا على النت»
محمود السيد يلتقط منه أطراف الحديث: «لازم نشتغل ونجاهد عشان لقمة العيش والواحد بيبنى نفسه. والعالم الفاضية هما اللى بيقعدوا ع النت والفيس بوك، وأنا عايز أبقى راجل وأشتغل». بينما يقول محمد صابر، كهربائى من محافظة قنا: «نتنقل وراء مشروعات الإسكان، ونبحث عنها لنعمل فيها، بأعرف الشغل فين، وأجرى مع الشركات عشان أشتغل. بقالى 8 سنين على الحال دا، مساحة الشقق كبرت لتصل إلى 94 متراً بعدما كانت 65 متراً، كما أن المواطن يستلم الشقة (على المفتاح)، حيث لا يحتاج إلى أن يقوم بأى أعمال أخرى».
وأوضح الكهربائى أن «الصبى» الذى يعمل بالمشروع يحصل على يومية 75 جنيهاً، وأن أناساً كثيرين قدموا للعمل بالمشروع «عشان عايزين يبقوا رجالة ويشتغلوا»، لافتاً إلى أن بعض الشبان والرجال قدموا أيضاً ليعملوا مساعدين حتى يتعلموا، ويزدادوا خبرة، ويحصلوا على مرتبات جيدة.
بينما يقول المهندس أحمد فتحى، أحد المهندسين بالمشروع: العمل يبدأ من الثامنة صباحاً حتى الرابعة عصراً كوردية أساسية يحصل العامل فيها على 75 جنيهاً نظير عمله، ومن يكمل العمل فإنه يتحصل على «إضافى» تصل قيمته أحياناً إلى 150 جنيهاً عن اليوم الكامل، أو يوم ونصف لتصل لـ180 جنيهاً، موضحاً أن هناك مولدات كهربائية تُستغل بالمشروع حال العمل ليلاً. ويضيف «فتحى»، لـ«الوطن»، أن الشركات تحتاج إلى مزيد من العمال، وأن غالبيتهم قدموا للعمل عن طريق المعارف والأصدقاء، موضحاً أن العمال قدموا من كل جهة بالجمهورية سواء الصعيد أو الأرياف أو بحرى، قائلاً: «الناس لما بتشوف إن فيه شغل بتيجى تشتغل وتاكل عيش.