المستسلم فى انتظار «وظيفة»: «فلوسى بتروح ع السجاير»
محمود سامى أثناء عمله
يجلس مستسلماً، يتمنى أن ينال الوظيفة التى ظل يحلم بها طوال حياته، ينتظر من يوفر له قوت يومه ومن يصرف له العلاج بالمجان، بل ينتظر أيضاً من يمنحه الحل المثالى لمواجهة مشكلاته التى غالباً ما يكون متعمداً أن يرتكبها، دون جهد ملموس منه على أرض الواقع أو محاولة بسيطة ليعتمد على ذاته، هذه الصفات وغيرها لن تجدها سوى فى شخص واحد، هو «المتواكل». فى الخامسة فجراً، دقت ساعة انتظار العمل، يستيقظ «شعبان شحاتة» ليبدأ يومه الذى يقضيه على أحد المقاهى الشعبية، جوله يومية استمرت قرابة 13 عاماً بلا جدوى، جلس فيها على المقاهى، موجهاً سؤاله المعتاد: «متعرفش حد يشغلنى عنده»، حتى انتهى به المطاف فى غرفة ضيقة بلا أثاث يعيش فيها برفقة زوجته وأولاده الأربعة، رغم أنه لم يبذل جهداً ولم يبحث عن عمل قط إلا أنه ما زال مقتنعاً بأن حياته ستصبح أكثر استقراراً وأن العمل سوف يأتيه أينما كان. أيام لا تحصى حصل فيها الرجل الأربعينى على أعمال يومية تنتهى بانتهاء اليوم، ثم يعود إلى جولته المعتادة من الفجر وحتى منتصف الليل، ويقول: «اشتغلت مبيض محارة ونجار مسلح ونحات وفى طائفة المعمار، وكل شغلانة كانت كل شوية مراتى تتخانق معايا وتسيبلى البيت وتمشى والعيال بيسقطوا لأنهم مش بياخدوا دروس، أنا عارف إنى مقصر معاهم، بس مفيش حاجة فى إيدى والفلوس اللى باخدها لو اشتغلت بتروح على السجاير».
«شعبان»: «مستنى الشغل بقالى 13 سنة».. و«بهجت»: «بقبض 20 جنيه فى اليوم بالعافية»
ويؤكد «شعبان» أنه تعرض لكثير من المواقف المحرجة أثناء بحثه عن العمل، ويقول: «اللى يقولى وأنا مالى واللى يقولى معرفش حد، واللى يقولى روح اسرق أحسن بدل ما انت بتشحت على شغل، واللى يقولى اللى معاه شهادات هو اللى يشتغل، واللى يقولى هو حد لاقى شغل». تواكل وصل أيضاً إلى الساعين للحصول على المعاش، الذين يتطلب منهم إعداد العديد من الأوراق لتخليص «المعاش». بهجت خلف الله، كان واحداً من هؤلاء الذين أفنوا حياتهم فى انتظار المعاش دون أن يبرحوا مكانهم يقول: «مش بفهم حاجة فى الورق ومستنى أى حد تبع مجلس الشعب يعملى ورق المعاش»، يعمل الرجل الستينى فى جراج لـ«الموتوسيكلات» ولديه 4 بنات يعولن أنفسهم ويضيف: «باخد 20 جنيه فى اليوم بالعافية وساعات بيكون حسب الشغل، عاوز حد يجرى معايا فى الورق عشان ساعات مش بقدر أنزل الشغل وبستلف من الناس عشان أصرف». بدا حال «محمود سامى» مثيراً للجدل، حيث قضى أكثر من 5 أعوام على عربة فول بمكان مهجور لا يمر به سوى السيارات التى نادراً ما تشترى منه، ويقول: «قاعد بها هنا فى نزلة الوراق، مفيش زباين خالص والعمارات دى كلها فاضية ولسه جديدة، ببقى قاعد مستنى الرزق وساعات بروّح بقدرة الفول بحالها».