بروفايل| زكي طليمات.. المسرح يتحدى الاحتلال
زكي طليمات
تحلّى بصبر الرواد، ولم تعثره العقبات عن الوصول إلى أحلامه، فواجه جبهات النزاع دون خوف، وتوغل الفن في عروقه وتجلّى في اتقانه لفروعه المختلفة ممثلًا ومؤلفًا ومخرجًا، واستحق زكي طليمات لقب رائد المسرح المصري.
حصل زكي طليمات، المولود في 29 أبريل 1899، على البكالوريا من الخديوية الثانوية، والتحق بمعهد التربية، وأوفد في بعثة إلى فرنسا للدراسة في معهد التمثيل بباريس، ومسرح الكوميدي فرانسيز، ومسرح الأوديون، ومعهد حرفية المسرح بباريس، كما حصل من المعاهد والمسارح المذكورة على دبلوم في الإلقاء والأداء، وشهادة فن الإخراج وشهادة المناظر المسرحية وحرفية المسرح.
"مراقب المسرح المدرسي"، أول المناصب التي شغلها في المسرح وتدرج فأصبح المدير الفني للمسرح القومي، والعميد المؤسس لمعهد فن التمثيل العربي، ومدير عام المسرح المصري الحديث، والمشرف الفني العام لفرقة البلدية بتونس، والمشرف الفني العام لفرقة المسرح العربي بالكويت.
"الحمير المصرية"، الاسم الذي أطلقه طليمات على الجمعية التي أسسها عام 1930، حين أنشأ معهد الفنون المسرحية بهدف تمصير فن المسرح، لكن ضغوط الاحتلال البريطاني أغلقته، فرّد طليمات على ذلك بتأسيس هذه الجمعية بمشاركة مثقفين بارزين، كما ذكرت مجلة "ذاكرة مصر المعاصرة" في عددها الصادر عام 2013.
تأسيس الجمعية لم يكن سلوكًا طريفًا بقدر ما كان رد فعل على تعنت سلطات الاحتلال التي خشيت عواقب تمصير المسرح، إذ أوعز الاحتلال إلى الملك فؤاد أن المعهد يمثل خطرًا على حكمه، لأنه عندما يتعلم المصريون كتابة المسرح سيخرجون إلى الناس بمسرحيات تشير إلى الفساد، فأصدر الملك قرارا بإغلاق المعهد.
حين فشلت جهوده، قرر تأسيس هذه الجمعية "لما يتميز به الحمار من صبر وطول بال وقوة على التحمل"، وشاركه في تأسيس الجمعية شكري راغب، مدير دار الأوبرا المصرية، آنذاك، حسب المجلة التي أضافت أن الجمعية التي انضم لها أدباء وفنانون، من أبرزهم طه حسين وعباس العقاد، وفي وقت لاحق الممثلة نادية لطفي، تضم 30 ألف عضو من المصريين ولهم عدة ألقاب "فعند انضمام العضو للجمعية يلقب بالحرحور أي الجحش الصغير ثم يحصل على رتبة أعلى حسب مجهوده، ويظل العضو 20 عاما دون أن يحصل على اللقب وهو (حامل البردعة) أي (حمار كبير)، ولم يحصل على هذا اللقب سوى ثلاثة أعضاء هم زكي طليمات وشكري راغب والمرسي خفاجي رئيس الجمعية الحالي".
وتسجل المجلة أنه بفضل جهود أعضاء الجمعية أعيد فتح المعهد، وواصل طليمات جهوده في تطوير فن التمثيل والتي شملت عدة دول عربية، وكادت الجمعية أن تغلق عام 1986 عند وفاة آخر أعضائها المؤسسين وهو السيناريست والمخرج والممثل السيد بدير، ولكن جهود وزير الصحة المصري الأسبق محمود محفوظ أسهمت في استمرارها.
تقول المجلة إن الجمعية واجهت منذ تأسيسها مشكلة عدم اعتراف الحكومة بها بسبب اسمها الذي اعتبرته غير لائق ولا يوافق التقاليد، وأصاب الإحباط أعضاء الجمعية وفقدوا أهم صفات الحمير وهي الصبر والتحمل وقرروا تغيير اسم الجمعية ليتسنى إشهارها، حسب ما نشرت شبكة أخبار "سكاي نيوز".
وتقدم الجمعية خدمات مختلفة منها محو الأمية، وتشجير الأحياء، وإنشاء الحدائق واستصلاح الأراضي لتمليكها للشبان، وتنظيم الرحلات الداخلية والخارجية ورعاية المرضى، من خلال عيادات أطباء من أعضاء الجمعية، كما تقدم الأجهزة الطبية الحديثة هدايا للمستشفيات الحكومية.