بروفايل| "نكبة فلسطين".. ذكرى فصل الروح عن الجسد
صورة أرشيفية
"ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا.. فـ لنا في أرضنا ما نعمل.. ولنا الماضي هنا.. ولنا صوت الحياة الأول.. ولنا الحاضر، والحاضر، والمستقبل.. ولنا الدنيا هنا.. والآخرة"، ففصل الروح عن الجسد يزيد أي "عاشق من فلسطين" كشاعر عروبتها محمود درويش ومواطنيه إصرارًا على تذكر ما يحاول تشويهه مسار التاريخ، فتظل قِبلتهم للأقصى رغم تشريدهم وإخراجهم من ديارهم عنوة في محاولة لهدم معالمهم السياسة والحضارية والاقتصادية.
"15 مايو" من كل عام ذكرى لـ"نكبة" العروبة أكملها، وحُلمًا للعودة في نفس اليوم، لتظل "النكبة" شاهدة على مجازر وخسائر شكّلت طمي الأراضي الفلسطينية، الذي يبني جسرًا للعبور إلى العودة في يوم ما، حتى تسرد البيوت، التي تُورث الأجيال مفاتيحها، تاريخ لم يمض في وجدانهم.
حكم المسلمون فلسطين لمدة تزيد عن 2200 عام، منها ما كان تحت ظل الخلافة العثمانية حتى عام 1900، وبالنسب التقريبية كانت نسبة المسلمين حينها تقترب من 85%، ونسب السميحين حوالي 10%، و3% نسبة اليهود، حتى وصلوا إلى 5% نتيجة هجرتهم المنظمة منذ عام 1882، بعد أن وقع اختيارهم على فلسطيني كوطن يجمع شملهم المشتت، مُحمّلة بالفكر الصهيوني أن أرض فلسطين أرضهم، غير عابئين بسكانها الأصليين.
وبعدها عُرف الإقبال على الأراضي الفلسطينية باسم "الهجرة الثانية" عام 1904 وحتى 1914، حيث هاجر 40 ألف يهودي فزدات نسبة السكان من اليهود إلى 8%، وكانت موجة الهجرة الثالثة عام 1919 وحتى 1923، فزادت نسبتهم إلى 12%، وظل امتلاكهم للأراضي بنسبة 3%، ثم جاءت الهجرة الرابعة ووصلت نسبتهم إلى 17%، ثم ازدادوا إلى 30% في الهجرة الخامسة عام 1944، حتى زادت المستوطنات في الهجرة الساداسة إلى 31% عام 1947، حتى ملك الصهاينة 8.8% من الأراضي وللعرب البقية في العام نفسه.
ومع كل هجرة لليهود الكثيفة، كانت تقام نزاعات على موارد الرزق والسكن والأراضي مع أهالي فلسطين الأصليين، وقدّم بعض ساكني القدس احتجاجًا للخلافة العثمانية عام 1891، مطالبين بوقف هجرة اليهود الروس إلى فلسطين، وبعد تفاقم المشاكل عقب الهجرة الثالثة عقدت 7 مؤتمرات فلسطينية، أولها عام 1919 لرفض وعد "بلفور".
واندلعت أول انتفاضة فلسطينية، وعقد مجلس لمقاطعة الصهاينة اقتصاديا، وبعد الهجرة الرابعة حدثت ثورة البراق، التي استشهد فيها 116 فلسطينيًا وقتل 133 يهوديًا، تلتها مظاهرة القدس الكبرى عام 1933، وعقب الهجرة الخامسة اندلعت الثورة الفلسطينية الكبرى ضد البريطانيين والمهاجرين من اليهود، وبدأت بإضراب لمدة 6 شهور.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، تقاسمت بريطانيا وفرنسا بلاد الشام، وكانت فلسطين من نصيب بريطانيا، التي طبقت ما عُرف بـ"وعد بلفور"، يقتضي مساعدة اليهود على إقامة "وطن" لهم في فلسطين وعُرف بـ"وعد مَن لا يملك لمَن لا يسحق"، وفي عام 1947، اقترحت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية مقترحة ودولة عربية مقترحة، على أن تبقى القدس منطقة دولية، ونال الاقتراح دعم الاتحاد السوفيتي وأمريكا، ورفض الفلسطينيون قرار التقسيم.
ونظمت جامعة الدول العربية جيشًا يسمى بـ"جيش الانقاذ"، قبل موجة الهجرة السادسة لليهود، وفي شهر مايو 1948 انسحبت بريطانيا من فلسطين، وأعلن الصهاينة قيام دولة إسرائيل على أرضها، وفي اليوم التالي اندلعت الحرب بين الجيوش العربية واليهود، وانتهت الحرب باحتلال الصهاينة لحوالي 78% من الأراضي الفلسطينية، لأسباب أرجعها بعض المؤرخين إلى "عدم التنسيق بين الجيوش العربية وتضارب الأوامر، وبعض الاتفاقيات السرية الخائنة، وضعف الجيوش، ونفاذ الذخيرة"، وعقب الهزيمة، تقسّمت فلسطين إلى 3 مناطق، الضفة الغربية وقطاع غزة في يد العرب حتى عام 1967، والجزء الثالث أقام عليهم اليهود دولتهم "إسرائيل".
وفي حرب 1948، استشهد أكثر من 15000 فلسطيني وعربي، وحدثت أكثر من 50 مذبحة موثقة وقعت بحق الفلسطينيين، منها "دير ياسين"، حيفا، عين الزيتون، الحسينة، بيت لحم"، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 531 قرية ومدينة فلسطينية بالكامل، وتضاف إلى النتائج تهجير الفلسطينيين، حيث عاش مليون و400 فلسطيني بأراضيهم قبل النكبة، أما بعدهم تم تهجير ما يقرب من 780 ألف فلسطيني، وخلال 10 سنوات تلت الحرب دخل إلى فلسطين أكثر من 850 ألف يهودي.
وقُسّمت القدس، عقب الحرب، إلى "القدس الشرقية" تحت أيادي العرب، والتي تحتوي على البلدة القديمة التي بها المسجد الأقصى، حتى احتلتها إسرائيل عان 1967، و"القدس الغربيةط بيد اليهود، وبعد الحرب أصبحت المدن التي يسكنها المحتلون باسم مدن الـ"48، أراضي 48، أو إسرائيل"، وتشمل "عكا، حيفا، يافا، طبريا، بيسان، صفد، الرملة، الناصرة، عسقلان، بئر سبع"، التي انضمت إلى هيئة الأمم المتحدة في العام التالي للحربـ وأصبحت النكبة هي احتلال إسرائيل لـ78% من الأراضي الفلسطينية ولأهلها الأصليين 22%.