تخيّل أنك تكون شخص عادي جدًا، وفي ظرف ساعات قليلة تصبح المطلوب رقم واحد في العالم. ذلك ما حدث تمامًا لـEdward Snowden في فيلم Citizenfour، يحكي قصة تسريبه لوثائق وكالة الأمن القومي الأمريكية، والتي تكشف تعاون الحكومة الأمريكية مع كبرى شركات الاتصالات والإنترنت للتجسس على المواطنين الأمريكيين، بل وجميع المواطنين في كل أنحاء العالم.
الغيلم يعتبر أكبر نجاح حققته الصحافة الاستقصائيه، ووصفه الجميع بأنه أهم فيلم وثائقي خلال القرن، فهو بمثابة توثيق لأشخاص يصنعون التاريخ بسبب كم المعلومات، التي قدمتها شخصيات الفيلم في القضية التي هزت العالم أجمع.
الفيلم بالفعل يصيب بالتوتر من أول مشهد، فمشهد افتتاحي يجعلك وكأنك تشاهد فيلم Thriller. صورة ضبابية لنفق مظلم مع وميض إضاءه متقطع، مصحوب بسرد صوتي يقرأ أحد الرسائل الإلكترونية التي استلمتها المخرجة Laura Poitras، في هذه المرحلة لا يمكنني أن أقدم شيئًا أكثر من وعد. أنا موظف حكومي في أحد أجهزة الاستخبارات. أرجو أن تكون مدركة أن الاتصال بك هو خطر بالغ، وأنك على استعداد للموافقة على الاحتياطات التالية قبل أن أشارك المزيد من المعلومات معك. وأعدك أن ذلك لن يكون مضيعة لوقتك". الفيلم يعتبر في منطقة خاصة ما بين الصحافة والفن، فهو يحتوي على كل عناصر الفيلم الوثائقي الكامل، فموضوعه شائك جدًا وعلى صلة بكل شخص في العالم بشكل يجعل كل شخص يفكر جيدًا في المعلومات التي يراها على الشاشة، وعلى الجانب الدرامي فهو مثير دراميًا جدًا بشكل يجعل الأعصاب مشدودة طوال مدة العرض من كثرة الهدوء الذي يتسم به الفيلم على عكس موضوع الفيلم تمامًا.
لمدة 8 أيام في غرفة Snowden في فندق في هونج كونج، تقوم Laura بتصوير محادثات Snowden مع صحفي الجارديان Glenn Greenwald، ورصد إجاباته على جميع الأسئلة مع شرح وافي لكيفية عمل برامج التجسس المختلفة والتعاون بين وكالة الأمن القومي بالتعاون مع الحكومات المختلفة، من خلال تصوير أشبه بالتصوير المنزلي، والذي يعكس عدم اهتمام المخرجة بالأمور الفنية بقدر ما يعكس اهتمامها بالمعلومات التي ترصدها من خلال شخصيات الفيلم مع التقطيع بين مجموعة من الأكواد والرسائل الإلكترونية والاتصالات المشفرة، رصد مراكز مراقبه وتجسس ضخمة، وثائق سرية، مع بعض من اللقطات الأرشيفية وتحليل المعلومات الكثيرة من خلال الجرافيكس.
طريقة سرد الفيلم هي بسيطة نسبيًا، فالمخرجة قررت التركيز على الشخصيات والموضوع وترك سرد الأحداث لهم، فنجد أن الأحداث مبنية على قرار snowden بتسريب الوثائق وما دوافعه لذلك، وما عواقب عملية التجسس، ثم يتم سرد الأحداث من خلال الوثائق نفسها، عن طريق تسريب بعض الوثائق لأجهزة الإعلام أولًا من خلال الصحفي Greenwald، والتي تفيد بالتجسس الداخلي أولًا، من خلال تجسس الحكومة الأمريكية على المواطنين الأمريكيين، ليرد رؤساء وكالة الأمن القومي والأجهزة الأمنية الأخرى بنفي وجود برامج مراقبة، ثم يقرر Snowden بالكشف عن هويته في مشهد يعتبر الأقوى في الفيلم، لنكتشف أن المقطع الشهير الذي انتشر في يونيو 2013 في جميع وسائل الإعلام والذي هز العالم من خلال تصريحات Snowden، كان جزءًا من الفيلم، وليتبعه مشهد أقوى عندما يجد Snowden نفسه في جميع وسائل الإعلام وفي الشوارع والميادين حتى في هونج كونج، ليحاول تغيير شكله لكي لا يتعرف عليه أحد.
يتصاعد الأمر أكثر فأكثر، ويقوم Snowden بالكشف عن التجسس الدولي عن طريق تسريب وثائق تفيد بتجسس الحكومة الأمريكية على المواطنين في الدول الأوروبية، ثم الكشف عن تجسس الحكومة الأمريكية على مسؤولين وشخصيات مهمه جدًا منها المستشارة الألمانية ميركل؛ ليتصعد الموضوع لأقصى الحدود، وتتدخل حكومات الدول الأوروبية في القضية.
الفيلم ينتهي بحصول Snowden على اللجوء السياسي في روسيا، ويقابله الصحفي Greenwald مرة أخرى في موسكو، ثم يخبره عن طريق الكتابة على الورق، حتى لا يسمعهم أحد، أن هناك موظفًا آخرًا لديه معلومات أكثر عن تلك القضية، ويريد أن يشاركها معه. Greenwald يقوم بتمزيق الورق إلى مربعات صغيرة قبل أن تلاحظ الكاميرا كلمه POTUS، وهي اختصار "رئيس الولايات المتحدة الأمريكيه" لينتهي الفيلم في مشهد أشبه بأفلام الإثارة.