قمة إسطنبول للأزمات الإنسانية تطالب المجتمع الدولي بحماية 60 مليون لاجئ
![الرئيس التركي - رجب طيب أردوغان](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/8824487381463210546.jpg)
الرئيس التركي - رجب طيب أردوغان
دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الاثنين، إلى تقاسم أفضل "لعبء" الأزمات العالمية، وذلك خلال قمة عقدت في إسطنبول، لدراسة سبل التعاطي بشكل أفضل مع الأزمات الإنسانية.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، نحو 6 آلاف مشارك إلى العمل على "بناء مستقبل مختلف"، لمواجهة أخطر أزمة إنسانية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يوجد حاليا نحو 60 مليون لاجئ ومهجر، و125 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات، مضيفا: "المهمة ليست سهلة، ولا بد من إرادة سياسية واسعة افتقدناها خلال السنوات القليلة الماضية".
وقرارات القمة لن تكون ملزمة بأي حال، ما آثار شكوك الكثير من العاملين في المجال الإنساني، عما سيتحقق خلال القمة، حتى أن منظمة "أطباء بلا حدود" رفضت تلبية الدعوة التي وجهت إليها، متوقعة الاكتفاء بإصدار "إعلان حسن نوايا" من دون أي خطوات ملموسة.
وتسعى هذه القمة التي ستستمر يومين، إلى إطلاق سلسلة مبادرات والتزامات لتجنب النزاعات وفرض احترام القوانين الدولية الإنسانية، وضمان مصادر تمويل ثابتة للمشاريع الإنسانية.
وناشد مضيف القمة أردوغان، المجتمع الدولي، بـ"تحمل مسؤولياته" لتجنب النزاعات، مضيفا أن النظام الحالي غير كاف، فالعبء يقع حصرا على عدد من الدول، واليوم على الجميع تحمل مسؤولياتهم، مذكرا باستقبال بلاده نحو 3 ملايين لاجئ، بينهم 2.7 مليون سوري.
وأضاف الرئيس التركي: "الحاجات تتزايد يوميا، لكن الموارد لا تتبعها بالضرورة"، مضيفا: "تركيا تدرك ذلك بمرارة"، مذكرا بإنفاق بلاده 10 مليارات دولار على استقبال لاجئين سوريين، ومنددا بتهرب عدد من أفراد المجتمع الدولي من مسؤولياتهم.
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فدعت في الافتتاح إلى التوقف عن قطع الوعود الفارغة بالمساعدة، وقالت: "قطعت وعودا فضفاضة، وأموال المشاريع لا تصل، يجب أن يتوقف ذلك"، مضيفة: "العالم ما زال يفتقد إلى أنظمة مساعدات إنسانية تناسب المستقبل".
وصرح نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون، بأن الجلسة الأولى أحرزت تقدما في الاتفاق على الحاجة إلى تجنب النزاعات، عوضا عن التعامل مع تبعاتها الدامية.
وقال إلياسون: "الأولى أن ندرك الحاجة إلى الانتقال من معالجة الأعراض إلى معالجة الأسباب الجذرية، أعتقد أن هذه هي الخلاصة الرئيسية للجلسة"، مضيفا أن الإنفاق على تجنب النزاعات ضئيل مقارنة بنفقات الإغاثة.
- "إجماع عالمي جديد" -
وانطلقت القمة التي يحضرها أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة، بالصورة الجماعية المعهودة، تلتها مراسم افتتاح شارك فيها الممثل دانيال كريج، الذي لعب دور الجاسوس البريطاني الشهير جيمس بوند.
وقال كريج، إن القمة قادرة على إطلاق أهم حركة إنسانية في تاريخنا، محذرا من إصدار "كلام فارغ" لن يتبعه أفعال.
وستكون هذه القمة مناسبة لعقد لقاءات ثنائية عدة، حيث أعربت ميركل أمس الاثنين، عن "قلقها العميق"، للرئيس التركي، بعد قرار رفع الحصانة البرلمانية في تركيا، ما قد يعرض عشرات النواب المؤيدين للأكراد لملاحقات قضائية.
وقالت ميركل في مؤتمر صحفي عقدته على هامش القمة الإنسانية بعد لقائها أردوغان: "الإجراء يشكل مصدر قلق عميق عبرت عنه للرئيس التركي، قلت لأردوغان إن الديمقراطية بحاجة لقضاء مستقل وصحافة مستقلة وبرلمان قوي".
من جانبها، قالت وزيرة البيئة الفرنسية سيجولين رويـال، لـ"فرانس برس": "مكافحة الأزمة المناخية تعني التحرك لتجنب النزاعات".
ويشكل اختيار اسطنبول لعقد المؤتمر بادرة رمزية بقدر ما هي مثيرة للجدل، ويتهم عددا من المنظمات غير الحكومية، تركيا، بإعادة السوريين إلى بلادهم، وهو ما تنفيه إسطنبول.
وتشهد المنطقة نزاعات كثيرة، ولا سيما في سوريا، حيث أفيد عن مدنيين قضوا من الجوع في مدن محاصرة، وهو ما يصور بشكل صارخ عجز النظام الإنساني الحالي عن التصدي للأوضاع.
وأضافت ميركل: "نحن بحاجة إلى اجماع دولي جديد لصالح احترام القانون الإنساني الدولي، سواء في سوريا أو غيرها، إننا نشهد تعرض مستشفيات ومرافق صحية للقصف المنهجي".
وذكرت وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في تقرير منها، أن نصف مدارسها تقريبا طالتها النزاعات في السنوات الخمس الأخيرة.
وأضاف أمين عام منظمة العفو الدولية سليل شيتي، في بيان منه: "من العبث توقع تحسن الاستجابات الإنسانية، فيما تمر أعمال القصف المتكررة لمستشفيات ميدانية والاستهداف الروتيني للمدنيين بلا محاسبة".
وأعلنت منظمة "أطباء بلا حدود"، التي تعرضت 75 من مستشفياتها لهجمات العام الماضي، مقاطعة القمة، بسبب غياب أي مبادرات ملموسة للحد من القيود الخطيرة التي تفرضها بعض الدول، على صعيد إيصال المساعدات الإنسانية.
وقال إلياسون في هذا الإطار: "يؤسفني جدا اتخاذهم هذا القرار، أحد الدوافع الرئيسية للقمة هو غضبنا العارم إزاء انتهاكات القانون الإنساني الدولي"، مشددا على أمله في أن تنعكس "قناعات" المنظمة في نتائج اللقاءات.
ورغم ذلك، يأمل المشاركون وبينهم العديد من المنظمات غير الحكومية المتوسطة والصغيرة الناشطة على الخطوط الأمامية، لمواجهة الأزمات الإنسانية، في أن تعطي القمة دفعا في الاتجاه الصحيح.
وقال مدير الهلال الأحمر التركي كرم كينيك، لوكالة "فرانس برس": "قمة إسطنبول يجب أن تكون مرحلة أساسية عبر تحديد أهداف تنموية وتعزيز نظام التمويل".
وأضاف أردوغان: "نحن نقطع الوعود هنا اليوم، لكن علينا إرفاق القول بالفعل"، متابعا: "عندئذ تصبح مشاكلنا كلها محلولة".