مصطفى الفقى: الحوار غير المشروط هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة
قال الدكتور مصطفى الفقى، المفكر السياسى، فى حوار لـ«الوطن»: إن الرئيس محمد مرسى أخطأ فى عدم خروجه للتحدث للشعب، فى ظل الأزمة الحالية، مشيراً إلى أن تتابع الأحداث لن يمكن حله إلا بالقضاء على الانقسامات السياسية بين القوى الوطنية والرئاسة، وأنه حان الوقت لإجراء حوار وطنى يجتمع فيه الكل كمصريين، بغضّ النظر عن أى انتماء سياسى دون إملاءات أو شروط من الطرفين، خاصة أن الدولة فقدت هيبتها ودخلت دائرة العنف بشكل واضح، ما جعل صورتنا أمام العالم تهتز فى ظل الاستقرار الغائب.
* ما تحليلك لما تشهده مصر الآن من أحداث مشتعلة؟
- هيبة الدولة ليست قوية، وقبضتها على الأمور ليست كما يجب، والاستقرار غائب والبلد منقسمة انقساما شديدا لم يحدث فى تاريخها من قبل، ولا توجد خطة إخراج ذكى فى التعامل مع القضايا.
* كيف ترى أزمة بورسعيد بشكل خاص؟
- لا يوجد ذكاء فى اختيار التوقيت المناسب للحكم، كان الأمر يحتاج لتعامل آخر، خاصة أننا فى توقيت يجمع بين الحكم وذكرى الثورة.[Quote_1]
* وما رأيك فى تعامل الرئيس محمد مرسى مع الأزمة، والنتيجة التى خرج بها مجلس الدفاع الوطنى الذى عُقد برئاسته؟
- تعامل أقل من مستوى الحدث؛ لأن الوضع الحالى فى ظل أحداث شديدة العنف يحتاج لمواجهة أكثر اقتحاما من مجرد بيان يقال من أحد الوزراء، وسط غياب الرئيس عن المشهد أمام المواطنين.
* فى رأيك، ما دور الرئيس الحقيقى لاحتواء الأزمات الراهنة، خاصة مع تصاعد الأمر فى أكثر من محافظة؟
- كنت أتمنى أن يخرج الرئيس بنفسه ويخاطب الناس؛ لأنه الرئيس، وبطبيعة الحال يطمئن المواطن نسبياً برؤية الرئيس متحدثاً بنفسه فى الأزمات، ثم تأتى الخطوة الثانية بضرورة الدعوة لمصالحة وطنية، لا حل فى الوقت الراهن سوى بالمصالحة بين القوى الوطنية المختلفة، سواء من خلال النخبة أو التيارات الشعبية أو السلفيين أو الإخوان مع مؤسسة الرئاسة، تقوم على التوافق التام، يجب أن يجتمع الكل تحت كلمة مصريين فقط على كلمة واحدة، دون أى شروط، سواء من جبهة الإنقاذ أو الرئيس نفسه، وحان الوقت للتعجيل بالدعوة إلى هذا الحوار غير المشروط من أى طرف.
* وما رأيك فى رد فعل جبهة الإنقاذ الوطنى والبيان الذى جاءت به تعقيبا على الأحداث؟
- يجب أن ندرك ويدرك الجميع ضرورة أن نتوقف عن التجمعات الفئوية والطائفية والحزبية؛ فالموقف لا يحتمل بيانات، فقط البحث بجدية شديدة عن حل الأزمات والإيمان بفكرة البحث عن الخير «لو جه على إيد سلفى يبقى كويس، لو جه على إيد إخوانى يبقى كويس، لو جه على إيد يسارى يبقى كويس»، هذا هو التفكير المنطقى الوحيد المقبول فى الوقت الراهن.[Quote_2]
* كيف ترى المشهد الحالى من خلال نظرة العالم لنا؟
- وصلنا بمشكلاتنا إلى حالة متأخرة نسبياً، خاصة مع التدهور السريع فى الأحداث، جعلت صورة مصر فى الخارج بدأت تهتز، والحل الوحيد هو مراعاة القوى الوطنية والرئيس والإخوان لهذا المشهد، وسرعة التجمع والاتفاق لإنقاذ مصر داخليا وخارجيا.
* هل ستمتد حالة الاحتقان إلى باقى المحافظات؟
- ليس بالضرورة، ستهدأ من جديد خلال أيام، هناك سوء حظ فقط فى حالة الارتباط بين ذكرى ثورة 25 يناير والمظاهرات التى خرجت تعلن غضبها على الأوضاع الحالية، مع حكم الإعدام على مشجعى بورسعيد، الذى جاء فى بيئة سياسية غير مناسبة، بطبيعة الحال ستهدأ المحافظات المشتعلة خلال أيام.
* هل باتت الأزمة أزمة نظام لم يُجِد التعامل فى الأزمات، أم أن الأمر مجرد رد فعل على أحداث متتالية؟
- لا وقت للتحدث عن هذا أو ذاك، الأمر كله هو عنف موجود من البداية لن تطفئه التصريحات قدر البحث عن حل للمشكلات والانقسامات التى لم نشهدها من قبل.
* ما سبل التهدئة التى يمكن أن تبدل المشهد المشتعل حاليا لتعيد الاستقرار لكل المحافظات على السواء؟
- أن يتحدث الرئيس للجميع ويقدم لهم وعوداً واضحة بحل المشكلات الحالية، ولا عيب أن يقول للناس إنه سيعيد النظر فى كل ما يقلق الناس، وكل ما أدى إلى هذه الاضطرابات بشكل عام، وهو أمر ينطبق على كل أماكن الاشتباكات، فيما عدا بورسعيد؛ لأنه لا يوجد تعليق على أحكام القضاء، ولا يمكن لأى فرد مهما كان أن يعلق عليه أو يعيد النظر فى حكم محكمة كباقى المشكلات.[Quote_3]
* ما رأيك فى تلويح بعض المحافظات بالاستقلال عن مصر؟
- لا وصف لذلك سوى أنه نوع من العبث، كيف تستقل محافظة عن دولة مركزية لها ثقلها ولها جيش قوى؟ إذا نفذ البعض هذا التهديد ستتم السيطرة على الموقف فى ساعات قلائل.
* بعد نزول الجيش فى «بورسعيد»، كيف ترى خطته فى التعامل مع الأزمة؟
- سيختلف رد فعل الجيش عن المواقف السابقة، ويتوقف دوره عند حماية المنشآت الحيوية (المحاكم، البنوك، المديريات، المحافظة، المصالح الحكومية)، وسيحاول حقن الدماء قدر الإمكان بالطرق السلمية، ومهما حدث لن يتدخل فى الأمور السياسية أو يقحم نفسه فى وجهات النظر المختلفة فى الشارع كما حدث من قبل.
* صف لنا وضع ثورة 25 يناير فى ظل الأحداث التى جاءت فى ذكراها الثانية؟
- الثورة المصرية تدخل أصعب مراحل الاختبار على الإطلاق، ليس فقط لأنها لم تفرز قائدا مباشرا لها حتى الآن فباتت بلا قائد، لكنها أيضا لم تقدم أى برنامج واضح الملامح حول رؤيتها وأهدافها بشكل واقعى ملموس، ولم تستند إلى فلسفة واضحة كبقية الثورات العالمية ذات الفلسفة بعيدة المدى، التى تجرى إثرها الأمور مهما اشتدت الأزمات، لم تكن توافقية، باتت وكأنها مجرد انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس، وتلقفها التنظيم الوحيد الجاهز لتلك العملية السياسية الجديدة، وهو الإخوان المسلمون بدعم واضح من السلفيين.
* فى رأيك.. إلى أين تذهب مصر؟ وماذا عن مستقبلها؟
- دائما ما أحتفظ بتفاؤلى تجاه مصر؛ لأنها دولة قوية ولها تاريخ، وتتعامل بشكل أعمق مع كل الظروف، وباقية مهما حدث من مواقف والكل زائلون، كل ما فى الأمر أن مصر واجهت عنفا كبيرا، والعنف يولد عنفا أكبر، ولا بد من كسر تلك الدائرة لنظل نقول: «تفاءلوا بالخير تجدوه».
أخبار متعلقة:
حوارات الأزمة
عمرو حمزاوى: التصعيد يمكن أن يشمل إسقاط النظام والرئيس والجماعة
صبحى صالح: «شلة الأُنس فرحانة باللى بيحصل فى البلد.. ومفيش حاجة اسمها ثوار بعد الدستور»
عمرو الشوبكى: «الجماعة» أهدرت «دولة القانون».. و«الفشل السياسى» فى إدارة الأزمة وراء ما يجرى فى بورسعيد