كان لدى أبى دكان صغير: شاى وسكر وصابون وعدس وزيت وملح وسجائر، وعلى واجهة الدكان صورة ملصوقة بالغراء للرئيس عبدالناصر: الكتفان بعرض الصورة والوجه أوسع من الأفق. كان أبى يبيع ويشترى بـ«المليم»، وكان يلف بضاعته الفقيرة فى ورق جرائد: «عبدالناصر يخطب».. «عبدالناصر يتحدى».. «عبدالناصر يبحث». كان رزقنا حلالاً وعشقنا حلالاً وخوفنا حلالاً وغناؤنا حلالاً. كان كل شىء فى حياتنا حلالاً طيباً، لأن «أبانا» يحبنا ويحرسنا ويعطف علينا. يجلس معنا على عتبات البيوت وأسطح الأفران، ويستظل بصفصافنا ونخيلنا. كان حاضراً فى الحلم والحكاية والموال.. وفى الخرافة: «لو أبوك جمال.. عدِّى البحر من غير ما تتبل». وكان أبى ينصحنى: «عش بشرفك ومت بكبريائه.. لتراه فى الجنة».