صانعو «الأزيار» ينازعون من أجل البقاء: إحنا فى زمن «الكولدير»
أحد صانعى «الزير» على ضفاف النيل فى العياط
على ضفاف نهر النيل فى مركز العياط بالجيزة يمارسون عملهم، الشمس زادتهم اسمراراً، لكن النيل زادهم هدوءاً وتركيزاً، فى أجواء مختلفة بعيدة عن الضوضاء، يجلس صانعو الفخار بالعياط وسط عدد كبير من المنتجات التى صنعوها تواً ويضعونها فى الشمس ليجف طينها، قبل سنوات قليلة كان عددهم يقدر بالعشرات منتشرين فى الشارع الشرقى للنيل، لكن بعد تدهور الصناعة قل عددهم وأصبحوا 30 فقط، منهم أفراد عائلة «حافظ عبدالهادى» التى ما زالت تتمسك بالمهنة.
انتشار الثلاجات والمبردات قضى على الأمل الأخير فى استمرار مهنتهم
«المهنة دى أثرية، ومتقسمة مجاميع، فيه ناس بتشتغل فى القلل، وناس فى الجوزة، وناس تالتة فى الأزيار»، حسب «حافظ» الذى تخصص هو وعائلته فى صناعة الزير: «كل حاجة لها طينة معينة وشغل معين ومحدش هنا بيعمل كل حاجة»، صناعة الزير تنقسم إلى 4 مراحل، كل منها تستغرق ربع ساعة: «مهنة صعبة اللى يشتغلها لازم يبدأ صغير عشان يستحملها، ودلوقتى محدش أصلاً بيتعلمها لكذا سبب، منها انتشار التلاجات والكولديرات، الزير خلاص مات». وعلى الرغم من الصعوبات التى تواجهها عائلة «حافظ»، فإنها تتمسك بالمهنة التى تواجه الانقراض: «بفرح لما أخلص من زير رغم إن مكسبه بسيط، تمنه 15 جنيه والجهد المبذول فيه أكتر من كده، لكن أدينا بنعافر عشان نكمل، يمكن الدولة تدعم الحرفيين واحنا منهم».
«أحمد»، أحد أبناء «حافظ»، خرج من المدرسة وتعلم الحرفة منذ عامين ونصف العام، كان يحمل الزير إلى الناحية الأخرى أمام البيوت البدائية المصنوعة من الطوب الأحمر، وكان بجانبه عدد من عربات الكارو التى تنقل الأزيار إلى التجار لبيعها، ويحكى «أحمد»: «أنا بحب المهنة دى قوى، وأصريت أشتغل فيها على الرغم من إنها صعبة بس أنا عايز أكمل زى أبويا».
«محمد»، شقيق «حافظ»، و«عبدالهادى» ابن عمه، اثنان آخران من أفراد العائلة العاملين فى صناعة الأزيار، قررا منذ صغرهما العمل بها واستكمال نهج العائلة، يحكى «محمد»: «إحنا مستمرين فى المهنة رغم أحوالها السيئة، والوضع كل يوم بيبقى أسوأ، ماحدش مهتم بالمهنة اللى مسيرها هييجى عليها وقت وتنقرض».
لا ينوى «محمد» ترك المهنة حتى مع تدهور أحوالها وهجرة الكثيرين منها: «مش هنقدر نسيبها رغم دخلها المادى اللى بقى قليل، وعندنا أمل الصناعة ترجع تشد حيلها تانى ونرجع نشتغل».