انقسام داخل المؤسسة الدينية حول إنشاء «أكاديمية الدعوة والإفتاء»
مشيخة الأزهر
أثارت فكرة إنشاء أكاديمية الدعوة والإفتاء، التى أعلنت عنها مشيخة الأزهر، خلافاً داخل المؤسسة الدينية بين مؤيد ومعارض لها.
وأكد الدكتور علوى أمين، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الفكرة ممتازة، وبداية حقيقية لتطوير الخطاب الدينى وترسيخ وسطية الإسلام، على أن تركز فى مناهجها على علوم الدنيا والدين، وتهتم بالأخلاق التى تُمثل نحو 90% من الإسلام.
واستنكر «أمين» الهجوم على الفكرة قبل تطبيقها وظهور نتائجها، لافتاً إلى أن الهجوم على الفكرة والأزهر، ينطلق من مبدأ «خالف تُعرف»، فيما سيبقى الأزهر مؤسسة عريقة.
وفى المقابل، قال عبدالغنى هندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومؤسس جبهة استقرار الأزهر، إن فكرة الأكاديمية، سيئة ومثيرة للرثاء، ولم يدُر حوار مجتمعى ولا داخلى حولها، وستنتهى إلى الفشل، لأنها كيان جديد بلا اختصاصات، وتسىء إلى التعليم الأزهرى، لافتاً إلى أن المؤسسات الدينية، لم تستغل دعوة رئيس الجمهورية إلى تجديد الخطاب الدينى، والظرف الدولى والحرب على التطرُّف والإرهاب، بعد ظهور «داعش»، لتطوير الخطاب الدينى ونشر وسطية الدين.
عبدالغنى هندى
عضو «الأعلى للشئون الإسلامية»: فكرة فاشلة تسىء إلى التعليم الأزهرى
قال عبدالغنى هندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومؤسس جبهة استقرار الأزهر، إن فكرة إنشاء أكاديمية الأزهر للدعوة والإفتاء، سيئة ومثيرة للرثاء، لافتاً إلى أنها تسىء إلى التعليم الأزهرى، وتُظهره فى هيئة الفاشل، وأن مؤسسات الأزهر ووزارة الأوقاف، لم تستغل الدعم الرئاسى فى تطوير الخطاب الدينى.. وإلى نص الحوار.
■ كيف ترى فكرة إنشاء الأزهر أكاديمية الدعوة الجديدة؟
- كان خبراً سيئاً، ويثير الرثاء، لأن أكاديمية الدعوة لن تحل شيئاً، وقد اتّخذ قرار بها دون حوار مجتمعى، أو حتى داخلى، وهى لن تفيد فى الاشتباك مع الأفكار الهدّامة، وستكون كياناً جديداً بلا اختصاصات واضحة، مثل الكيانات السابقة، فهيئات المؤسسات الدينية تحتاج إلى تحديد قانونى لاختصاصاتها، فالقانون حينما أحل مجمع البحوث الإسلامية مكان هيئة كبار العلماء التى عادت منذ فترة وجيزة باختصاصات تتشابه واختصاصات مجمع البحوث الذى يقوم هو الآخر بدور لا يختلف عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وهنا نحن الآن ننشئ أكاديمية جديدة، دون تحديد اختصاصاتها، ونحن نهوى إنشاء كيانات تلو الأخرى، بينما تخلينا عن هدفنا الأساسى وهو تطوير الخطاب الدينى.
«هندى»: من يسعى لإنشائها لا يعرف أصول وفنون الدعوة.. وستكون كياناً بلا اختصاصات
■ وكيف تخلت المؤسسات الدينية عن تطوير الخطاب الدينى؟
- هم لم يستغلوا الدعم الرئاسى، ولا الدعم الدولى غير المسبوق لمحاربة الإرهاب والتطرُّف، فالرئيس جعل تطوير الخطاب الدينى هدفاً استراتيجياً، ومع ذلك لم يلبوا رغبته، وكذلك لم يستغلوا الظرف الدولى الذى نشأ بعد ظهور «داعش» وإخوته الذى كان يتيح طرح مبادرات حقيقية على أرض الواقع للتطوير، وكان الداخل والخارج سيتلقفها بكل سرور.
وحينما خرجنا من مرحلة تنظيم الإخوان، كان الجميع يبنى طموحاً كبيراً على الأزهر، ولا نعلم ماذا فعل؟، فقد اكتفت المؤسسات الدينية بالرد على بعضها بمؤتمرات تجديد الخطاب الدينى.
■ هل تتعارَض فكرة الأكاديمية مع دور جامعة الأزهر؟
- فكرة إنشاء أكاديمية تُضعف المؤسسة الأزهرية، وتُظهر التعليم الأزهرى بمظهر الفاشل وغير المواكب للعصر، وأن هناك حالة يأس من تجديده، لذلك جاءت تلك الأكاديمية، فهم يعترفون بفشل العملية التعليمية بالأزهر.
■ ما توقعاتك لتلك الأكاديمية؟
- ستفشل بلا شك، فالدعوة ليست كالتعليم، حيث يتدرّب الخريج ستة أشهر ليدخل سوق العمل، فالمعلمون لديهم علوم تربوية، أما الدعاة فليس لديهم تأهيل للعلوم الدعوية، كما أن الساعين إلى إنشاء تلك الأكاديمية لا يعرفون أصول وفنون الدعوة وسيضرون التعليم بشكل كبير، فهناك أكاديميتان للتدريب بالأوقاف والإفتاء حالياً لتدريب العاملين بهما، وليست لهما أى فائدة أو أثر، وهناك أزمات تشريعية كبيرة فى الأزهر، فقانونه رقم 103 لسنة 61، لا يشير إلى الأوقاف بشكل مباشر، وتصريحات مسئولى الأزهر توضح أنهم يريدون أخذ قطاعات الدعوة والسيطرة عليها دون حديث عن تعديلات تشريعية للقوانين، وكان الأولى عمل أجندة تشريعية بالقوانين يحتاج إليها قطاعا التعليم والدعوة أفضل من إنشاء أكاديمية جديدة لتفشل بسبب عدم وجود تخصّص واضح.
علوى أمين
أستاذ الشريعة بـ«الأزهر»: خطوة جيّدة للارتقاء بـ«الدعاة» وتطوير الخطاب الدينى
رحّب الدكتور علوى أمين، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، بفكرة إنشاء أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعّاظ والمفتين، باعتبارها خطوة لتصحيح المفاهيم، وإعداد خطباء يدركون أمور الدين والدنيا، وبداية لتطوير الخطاب الدينى، مستنكراً الهجوم على الفكرة ورفضها دون تجربتها وتقييم نتائجها. وإلى نص الحوار..
■ كيف ترى فكرة إنشاء أكاديمية لإعداد الدعاة والأئمة؟
- أراها فكرة ممتازة وخطوة جيدة فى طريق تطوير الخطاب الدينى، وستُصحح كثيراً مما يقع فيه الخطباء على المنابر، خصوصاً ما يتعلق بالمفاهيم، فكتب التراث الإسلامى، ليس الجميع يفهمها، لأنها تحتاج إلى أستاذة كبار من جامعة الأزهر، لشرحها وبيانها، فقد يستخرج الأئمة من تلك الكتب معانى غير حقيقية، لذا يجب أن تشمل تلك الأكاديمية على مناهج متكاملة.
«أمين»: الهجوم على الأزهر ينطلق من مبدأ «خالف تعرف»
■ وما تلك المناهج؟
- مناهج مُتجدّدة، دون تكرار المناهج التى كانت مقرّرة عليهم فى الجامعة، فالمنهج المُدرّس يجب أن يكون متكاملاً فى الاقتصاد واللغات وأصول الدين والعقيدة والشريعة وأصول الفقه والقواعد الفقهية والتنمية البشرية، بحيث يكون هناك جمع شامل لمواد الدنيا والدين، فى منهج مبسّط شامل كامل يجعل الأئمة على وعى بما يقولونه على المنابر، ومدركين له تماماً، وإذا كنا نتحدث عن تجديد الخطاب الدينى، فيجب أن تشمل الدراسة الأخلاقيات فى الإسلام.
■ ماذا تقصد بأخلاقيات الإسلام؟
- 90% من الدين الإسلامى عبارة عن أخلاقيات، بينما الأئمة دائماً ما يتحدّثون فى العبادات ويتركون جانب الأخلاقيات، ولا أعلم لماذا لا يتحدّثون عن الوطنية والصدق والأمانة والحب، فيجب أن نتحدث فى ما يدور على الساحة، وتكون هناك متابعة من الأوقاف لتلك الخطب.
■ لكن هناك من ينتقدون إنشاء مثل تلك الأكاديمية؟
- أتعجب وأستغرب ممن يهاجمها، دون أن يرى ما يمكن أن تقدمه، علينا أن ننتظر بدء عملها، ثم نُعلق عليها، لكن الهجوم لمجرد الهجوم على الأزهر كارثة كبرى، وهو من مبدأ «خالف تُعرف»، ولا أعلم هل الهجوم سيُفيد أحداً؟، فالأزهر مؤسسة عريقة، والهجوم عليها لن يُزيدها إلا علواً وسمواً، وعلينا أن ننتظر التجربة حتى تبدأ، ثم نُحدّد موقفنا منها، ومن تدرّبوا على الخطابة هم أحسن الأئمة فى الأوقاف.
■ كيف يمكن تطوير الخطاب الدينى فى مصر؟
- أرى أن تطوير الخطاب الدينى، يكون بالتركيز على وسطية الدين واعتداله، ويشمل الأخلاقيات داخل المجتمع الإسلامى، وأدعو جامعة الأزهر وعلماءه إلى ضرورة العمل على عودة الأخلاق إلى المجتمع، فمفهوم التطوير عندى هو التمسُّك بإظهار الجانب الحقيقى للإسلام، وإبراز سماحة الدين ورحمته، وتأكيد أن الجماعات التكفيرية وما تستند إليه ليس إلا آراءً شاذة، وتفنيد مقولاتها والرد عليها، باعتبار أفكارها من فكر الخوارج، فهناك آراء مغلوطة على الساحة، وأفكار للتطرُّف والدعوة إلى الخلافة، بينما نحتاج إلى إعادة الروح الحقيقية والفكر الصحيح، خصوصاً بين الشباب.