عمال الشركات «المشطوبة»: بيوتنا اتخربت
أحد العمال المشردين من شركات الصرافة
امتدت «لعنة الدولار» لتطال أصحابها بعد أن شنت الحكومة حملات تفتيشية واسعة على شركات الصرافة كانت نتيجتها إغلاق عدد كبير من هذه الشركات، ومن ثم تشريد آلاف العمال والموظفين الذين قضوا حياتهم لا يعرفون سوى هذه المهنة «المربحة» مقارنة بغيرها.
«عثمان»: مش عارف أجهز بنتى.. و«خالد»: بعت عفش بيتى.. و«محمود»: البطالة تعلم الإرهاب.. و«أبوالحسن»: أغلقوا 25 شركة وزودوا عدد العاطلين
«أنا بقالى 23 سنة شغال فى الصرافة وهى مصدر رزقى وأكل عيشى ومعرفش أشتغل حاجة غيرها»، بهذه الكلمات افتتح عثمان إبراهيم حديثه، الرجل الذى تخطى عامه الأربعين، والذى كان يعمل صراف شباك بشركة المعادى للصرافة التى أغلقت منذ ما يقرب من 3 شهور، يقول «عثمان»: «أنا دلوقتى قاعد فى البيت مش عارف أروح كده ولا كده، وبقالى 3 شهور على الوضع ده، وماليش أى مصدر دخل تانى، غير إنى عندى أربع عيال ومنهم بنت على وش جواز وكنت بجهزها، دلوقتى مش عارف أجيب لها منين ولا عارف هجهزها إزاى؟».
وعن سبب إغلاق الشركة، قال: «هما لما راحوا يفتشوا فى الفرع اللى فى أسيوط بعد ما لقوا كل حاجة تمام فبيفتشوا موظف لقوا فى جيبه إيصال قديم وكارت مكتوب عليه أسعار، فعملوا محضر بالكلام ده، وعلى أساسه كان الشطب، والشركة ليها 7 فروع اتقفلوا كلهم، وكل فرع كان شغال فيه من 10 إلى 15 موظف وطبعاً كل دول اتشردوا»، متابعاً: «أنا من ساعة ما اشتغلت فى الصرافة أول مرة أشوف شطب لشركات صرافة بالطريقة اللى بتتم دلوقتى».
ويقول إبراهيم أبوالحسن، الذى يعمل مدير حسابات بشركة سيناء للصرفة، التى طالها قرار الشطب كغيرها: «هما بيقولوا إن فيه بطالة فى البلد وبيحاولوا يحلوها جايين يشردوا ناس تانية من شغلها عشان يزودوا البطالة أكتر، يعنى همّا تقريباً قفلوا أكتر من 25 شركة لو متوسط كل شركة 10 فروع، ومتوسط الناس اللى شغالة فى كل فرع 15 موظف، شوف بقى هما شردوا كام واحد»، واستدرك «إبراهيم» فى حديثه قائلاً: «كل واحد مننا عليه التزامات مطلوبة منه آخر الشهر، يعنى أنا متزوج وربنا رزقنى ببنت وقاعد فى شقة إيجارها 700 جنيه فى الشهر، لما أقعد من الشغل زى كده هصرف على بيتى منين؟ وبعدين همّا ما راعوش ظروف الناس اللى شغالة فى الشركات دى، يعنى مثلاً أنا لو عندى بنت واحدة فيه غيرى عنده أربع عيال، وفيه اللى كان خاطب وفشكل خطوبته بسبب إنه بقى عاطل».
وأضاف: «لما الشركة اللى أنا كنت شغال فيها اتقفلت قلت أروح أشوف شركة تانية، بس للأسف ما لقتش لأن هما قفلوا معظم الشركات اللى كانت موجودة، وحاولت أدور على أى شغل تانى مش لاقى برضه، لأن البلد ما فيهاش شغل أصلاً زى ما أنت عارف، وحتى لو رحت مكان يقول لك طيب سيب اسمك ورقم تليفونك وإحنا هنتصل بيك، وأهو ده الطبيعى فى البلد».
واستدرك «إبراهيم»: «أنا مش عارف نتيجة القفل ده كانت إيه، يعنى يا ريت هما قفلوا الشركات والدولار نزل لـ8 جنيه ولا 7 جنيه، لأ ده العكس هو اللى حصل وزودوا الطينة بلة وخلاص». من جانبه، قال محمود الخطيب، الشاب الثلاثينى الذى كان يعمل محاسباً فى شركة سيناء للصرافة، فرع المريوطية: «أنا خريج كلية تجارة وشغال فى الصرافة من 5 سنين تقريباً، والدنيا كانت حلوة وخطبت، والمفروض كنت هتجوز على أول السنة، لحد ما اتقفلت الشركة اللى أنا كنت شغال فيها، وطبعاً بقى الدنيا اتلخبطت خالص، لا بقيت لاقى الإيجار اللى بدفعه للشقة اللى كنت واخدها لجوازى وبجهز فيها، ولا بقى عندى مصدر دخل أصلاً، وحصلت مشكلات بينى وبين أهل خطيبتى، لأنه طبعاً مفيش حد بيستحمل حد، وللأسف الموضوع اتفشكل من أسبوع، حتى الدبلة لسه سايبة أثر فى صباعى».
أما خالد عطفت، الذى كان يعمل صراف شباك فى شركة الروضة «المغلقة»، لم يكن أمامه سوى بيع بعض مفروشات بيته لسد احتياجات أسرته، فيقول: «أنا كان عندى أنتريه جايبه من قريب بـ4000 جنيه، ما كانش قدامى غير إنى أبيعه قبل العيد بنحو 3 أيام بـ1100 جنيه عشان أعرف أصرف على البيت، خاصة إنه ابنى تعب وكان محتاج تحاليل وإشاعات دخلت فى 500 جنيه»، واستدرك فى حديثة قائلاً: «أنا بالوضع اللى أنا فيه ده لو ماشى فى الشارع واحد قابلنى قال لى خد القنبلة ده حطها فى المكان الفلانى وهديك 2000 جنيه، وأنا قدام خيارين، إن ابنى يموت أو أحط القنبلة، لأ بقى أنا ساعتها هقول له هات 5000 وادينى حزام ناسف، ما أنا كده كده ميت، لأن الدولة حسستنى إنه أنا رب أسرة عاجز قدام ولادى، وبالتالى أنا مت فى عينيهم، فمش هتفرق بقى خلاص».