الرئيس الأمريكى أوباما اجتمع مع رئيس الفلبين دوتيرتى يوم الأربعاء قبيل مأدبة عشاء خلال قمة الآسيان بعد يومين فقط من نعت الأخير له بـ«ابن العاهرة»، حيث التقيا فى قاعة انتظار، وكانا آخر شخصين يغادرانها.. وقال البيت الأبيض فى بيان إن «أوباما ودوتيرتى تبادلا النكات»!!!
رد فعل أوباما فى اليوم السابق بإلغاء لقائه برئيس الفلبين بعد الإهانة البالغة، والتى جاءت رداً من دوتيرتى على قول مساعدى الرئيس الأمريكى إنه قد يعرب لدى لقائه عن قلقه للعدد الكبير لضحايا الحرب على الجريمة فى الفلبين، رد الفعل كان منطقياً لو وضعنا فى الاعتبار أن أوباما ترفع عن الإهانة وقرر بصفته رئيس أقوى دولة فى العالم عدم النزول لمستوى نظيره الفلبينى.. ولكن أن يلتقيه فى اليوم التالى ويتبادلا النكات -حسب بيان البيت الأبيض- حتى لو كان دوتيرتى قد أبدى أسفه للجدل الذى أثاره تصريحه، فقال: «إننا نأسف لكونها بدت وكأنها هجوم شخصى على الرئيس الأمريكى»، فالسؤال هو علام كانت النكات التى تبادلاها؟!
دوتيرتى يأسف لأن الشتيمة الشخصية لأوباما ووالدته بدت وكأنها هجوم شخصى عليه وقال نصاً: «لا يمكنك إطلاق أسئلة وتصريحات بهذه البساطة يا ابن العاهرة، سألعنك خلال المنتدى»؟!!! علامات التعجب تعبر عن حالة الاستغراب التى انتابتنى منذ أطلق رئيس الفلبين المعروف بلسانه السليط سبابه لرئيس أمريكا، ولكن حالة الاستغراب تفاقمت مع جملة «تبادلا النكات».. والأدهى أن الرئيس الأمريكى قال بعدها إنه أبلغ الرئيس الفلبينى إنه لا يأخذ تصريحاته على محمل شخصى!!! عفواً لامتلاء الصفحة بعلامات التعجب..
قد يبدو المشهد العالمى مسلياً وممتعاً لو فاز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة وسبه دوتيرتى، فرد ترامب بأسلوبه المعروف، ثم التقيا بعد يومين، خاصة أننى شاهدت فيديو لترامب فى حلبة مصارعة حرة وهو يضرب مصارعاً ويلقى عليه بكعكة، ويشارك فى قص شعره عنوة..
هذا هو المشهد المسلى، ولكن المشهد المؤسف هو لأوباما الذى أصبح يتلقى الإهانة تلو الأخرى من أطراف عدة.. إن ما فعله بوتين مع أوباما فى سوريا مدهش، ولكن أن يصل فى النهاية إلى حد اتفاق الطرفين على التعاون فى كل شىء بعد أن كانت الإدارة الأمريكية تهدد وترعد وتزبد.. إن ما تفعله إيران من إهانات متتالية للولايات المتحدة خاصة فى البحر يوماً بعد يوم تدعو لدهشة شديدة من أمريكا التى واجهت الاتحاد السوفييتى السابق بحرياً فى مواجهة حافة الهاوية والتى كادت تدفع العالم نحو حرب نووية لولا تراجع موسكو..
هل هى شخصية الرئيس الأمريكى، أم أنها سياسة الولايات المتحدة التى أصبحت مهادنة لكثير من الدول؟ هل أخطأنا فى التعامل مع واشنطن وكان لزاماً علينا أن نعاملها بنفس الصلف فلا نضع لها اعتباراً.. ربما كنت من هؤلاء الذين اهتموا برأى الولايات المتحدة فيما يحدث فى مصر إبان ثورة 2013 حيث كنت وما زلت أنقل كل ما يقال فى الصحف والمراكز البحثية الأمريكية عن مصر، بينما كان من الواجب أن أقول لهم «اذهبوا إلى الجحيم» وهو ما كان يتوجب أيضاً على النظام فى مصر فعله وقتها وحتى اليوم..
بالطبع لا يمكن أن نطبق أمثالاً شعبية على السياسة مثل «القط يحب خنّاقه» ولكن لا بد أن هناك سراً خفياً يدعو أوباما لابتلاع إهانة بالغة لوالدته ويقول إن الأمر ليس شخصياً.. وبالتأكيد السر ليس فى أنه سيغادر البيت الأبيض بعد شهور قليلة، ولا لأن اليوم يوافق ذكرى 11 سبتمبر.. من فضلك عزيزى القارئ، أبلغنى بهذا السر الأعظم لو كنت تعرفه..