دراسة: "الطفل الثاني" في الصين لن يعالج نقص العمالة و"الشيخوخة"
"الطفل الثاني" في الصين لن يعالج نقص العمالة
أظهرت دراسة حديثة نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية، أمس، أن تخفيف قيود تحديد النسل، التي أعلنتها السلطات الصينية أواخر 2015، لن تسهم بشكل كافٍ في معالجة نقص العمالة ومشاكل الشيخوخة.
ويوصي باحثون، الحكومة، برفع سن التقاعد الإلزامي المنخفض، ورفع سقف المعاشات التقاعدية، حتى تتمكن من مواجهة تلك المشكلات.
وتعتبر الصين أكثر الدول من حيث عدد السكان، حيث بلغ عدد سكانها لهذا العام نحو مليار و370 مليون نسمة.
ومع تطبيق سياسة إنجاب الطفلين التي بدأت مطلع العام الحالي، من المتوقع أن يصل العدد الإجمالي للسكان إلى مليار و450 مليون نسمة بحلول 2029.
وبفرض استمرار الحكومة بسياسة إنجاب الطفل الواحد، التي عملت بها لنحو 36 عاما، لوصل العدد إلى مليار و400 مليون نسمة بحلول 2023، بفارق بسيط جدا، مقارنة بالعدد السابق، وليس من شأنه معالجة مشكلات النمو السكاني التي تواجهها الصين.
وسياسة الطفل الواحد كانت تفرض على سكان المدن لإنجاب طفل واحد، مقابل طفلين إذا كان المولود الأول أنثى في الأرياف. وبدأت الحكومة تطبيق هذه السياسة في 1979، بهدف الحد من تزايد السكان وتحقيق التنمية الاقتصادية. إلا أن بكين أنهتها رسميًا أواخر العام الماضي، وبدأت تطبيق سياسة الطفلين مع بداية العام الحالي، وذلك ضمن سياسة السلطات الساعية إلى معالجة مشكلة ارتفاع معدل الشيخوخة ونقص العمالة.
تسينج يي، أحد معدّي الدراسة، من جامعة بكين، قال إن التحليل هو الأول من نوعه، ويدرس تمامًا الفروقات بين المناطق المدنية والريفية، وآثار الهجرة على النمو السكاني.
وتفترض الدراسة أن معدل الخصوبة الكلي، أو معدل الولادات عند كل امرأة، سيرتفع من 2.1 طفل لكل امرأة في المناطق الريفية، و1.24 طفل في المناطق الحضرية، ليصل إلى 2.15 و1.67 طفل على التوالي، خلال السنوات العشر المقبلة. وتتوقع الدراسة أن يصل معدل الخصوبة الكلي إلى 1.81 بحلول 2030، مع الأخذ بعين الاعتبار المستوى الاقتصادي والاجتماعي المتدني في المناطق الريفية، وحقيقة أن الأقليات العرقية متاح لها إنجاب 3 أطفال أو أكثر.
من جانبه، اعتبر تساي يونج خبير ديموجرافي في جامعة "نورث كارولينا" بتشابل هيل (لم يشترك في إعداد الدراسة)، أن تقدير معدل الخصوبة الكلي ليصل إلى 1.81 بحلول العام 2030 "فيه إفراط من التفاؤل".
ويرى يونج، أن "انخفاض معدل الخصوبة في الصين، ليس ناجما عن سياسة تقييدية"، وإنما هو نتيجة ميل السكان بشكل متزايد، إلى تأجيل الزواج، أو التخلي عنه، فضلا عن عدم رغبتهم في الإنجاب.
ويرجح باحثون بريطانيون وصينيون في مجلة "لانسيت"، أن آثار السياسة الجديدة "سياسة إنجاب الطفلين"، في معالجة مشكلات الشيخوخة ونقص العمالة، لن تظهر في أقل من عقدين.
ولمواجهة المشكلات، أوصى الباحثون أن تقدم الحكومة على رفع سن التقاعد الإلزامي المنخفض، للنساء إلى حد 50 أو 55 سنة، وللرجال إلى 60 سنة، ورفع سقف المعاشات التقاعدية، وغيرها من الإجراءات.
وأشارت الدراسة إلى أنه عندما اعتمدت السلطات سياسة الطفل الواحد، ومنعت بذلك 400 مليون حالة إنجاب إضافية، ذهب علماء السكان للقول بأن معدل الخصوبة في البلاد سينخفض بشكل كبير، مقابل تنامي اقتصاد البلاد، وارتفاع مستويات التعليم.
وعلى مدى 36 عاما، تسببت سياسة الطفل الواحد بارتفاع نسبة الذكور على الإناث، نتيجة حالات الإجهاض للأجنة الإناث، ناهيك عن تفضيل النسل الذكوري.
كما أجبرت السياسة العديد من النساء على الإجهاض القسري، أو ترك طفلهن الثاني للتبني، ما سبب لهنّ جروحا عاطفية عميقة، حسب الدراسة. وتتوقع الدراسة أن يزيد عدد الذكور على الإناث بنحو 30 مليون، مع نهاية العقد الحالي.