حينما أوجّه مؤشر الراديو لأضبطه على التردد «108» عبر موجات الـ«إف إم»، لا أكاد أصدق أننى أسمع إذاعة الشباب والرياضة التى دائماً ما رفعت شعار «تسمع وكأنك ترى»، وتصدح منها أصوات عشقها الأثير قبل أن يحبها مستمعوها، ويعمل بها مذيعون يجوبون الدنيا كلها من أجل إشباع رغبة سامعيهم من عشاق الكرة، وينعم بأثيرها الملايين من أبناء الدول العربية، حتى إن مواطناً سعودياً يُدعى «الدكتور عبدالله» كان يصر على التداخل هاتفياً مع الإذاعة فقط ليشيد بها ويطلق عليها لقب «عروس الإذاعات العربية».
فى حقيقة الأمر.. الشىء الوحيد الذى تتابعه شبكة «الشباب والرياضة» بشىء من الاهتمام هو الدورى العام، وتقتضى الأمانة أن أشيد بمحاولات الإذاعة لتقديم استوديوهات تحليلية جيدة للمباريات واجتهادات مذيعيها أثناء نقلهم للتقارير من داخل الملاعب وإجراء حوارات مع اللاعبين والأجهزة الفنية بعد المباريات. ولا بأس أن يكون عدد كبير من المعلقين الرياضيين بالإذاعة «مالهمش طعم ولا لون»، لأن هذا، فى رأيى، هو حال التعليق الرياضى ككل خلال الفترة الأخيرة.
حزن شديد انتابنى حينما وجدت تجاهلاً شديداً من «الشباب والرياضة» لمباراة الأهلى والترجى التونسى فى نهائى بطولة الأندية الأفريقية أبطال الكؤوس لكرة اليد، فلم نجد رسالة صوتية واحدة عن المباراة التى أهدت للأهلى البطولة، وهذا بالطبع أدار فى ذهنى شريطاً من الذكريات الأليمة مع الإذاعة فى الأشهر القليلة الماضية بدءاً من عدم نقلها لقرعة مصر فى تصفيات كأس العالم على الهواء وكذلك عدم بث قرعة كأس الأمم الأفريقية المقبلة بالجابون، ولا مانع لديها من تجاهل مباريات منتخب الكرة الخماسية فى كأس العالم الأخير ووصوله للدور ربع النهائى من البطولة، ناهيك عن عدم اهتمامها بكافة الدوريات المحلية فى اللعبات الجماعية باستثناء كرة القدم.
تاريخ «الشباب والرياضة»، يشير إلى أنها كانت سباقة فى نقل كل شىء عن الألعاب الشهيدة، وكانت لا تفوّت حدثاً تدخل فيه مصر بجملة مفيدة إلا واستوفت نقله على الهواء، فكان المستمعون يعرفون كل شىء عن تلك اللعبات.
دورة الألعاب الأولمبية بـ«ريو دى جانيرو»، صورت جانباً آخر من إخفاق إذاعة الشباب والرياضة، خاصة إذا عرفنا أن الإذاعة كانت ترسل بعثات كاملة يقودها رؤساء الشبكة أنفسهم وتفرد ساعات كاملة لنقل فعاليات «الأولمبياد»، إلا أن «الشباب والرياضة» اكتفت، هذه المرة، بنقل رسائل صوتية قصيرة عن الفعاليات بما فيها المنافسات التى فاز فيها الأبطال المصريون بميداليات برونزية.
الشبكة، التى كانت أيقونة الإذاعات العربية فى نقل المباريات العالمية، قررت، فى واقعة سابقة، تجاهل إحدى مباريات كأس الأمم الأوروبية الأخيرة لتنقل مباراة ليس لها أهمية فى الدورى العام، وحينما تواصلت هاتفياً مع الإذاعية منى المنياوى، رئيس الشبكة، صارحتنى بأن الأمر خارج عن إرادتها وأن عقد الإذاعة مع إحدى الشركات يعطى الأولوية لمباريات الدورى العام دون أى بطولات أخرى.
هناك نموذج يستحق الاحترام والتقدير ورفع القبعة، إن جاز لنا التعبير، وهنا أتحدث عن إذاعة أردنية تسمى «جى بى سى راديو»، تابعت من خلالها مباريات كأس العالم 2014، وبطولة الأمم الأوروبية الأخيرة وبطولة دورى أبطال أوروبا كل عام.. هذه الإذاعة تنقل تلك المباريات بغض النظر عن كونها حصرية أو مشفرة، وتبثها عبر التردد الأرضى بالأردن والتردد الفضائى الذى يمكّن كل المستمعين فى الدول العربية من متابعتها، وحينما أبلغت هذا لرئيس «الشباب والرياضة» وعدتنى بأن تنظر فى الأمر، «وكان الله بالسر عليماً».
إلى كل من يهمه الأمر.. سواء كانت رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المبجلة أو رئيس الإذاعة المصرية الموقرة أو رئيس شبكة الشباب والرياضة العزيزة.. أنتم مدعوون لإنقاذ تلك الإذاعة العريقة.. ردوا لها شبابها من جديد.. انفضوا التراب عن وجهها الذى غاب بتجاهلكم لها وعدم معرفتكم لدورها الحقيقى تجاه مستمعيها.. ألبسوها ثوبها الرياضى الأنيق كى تستعيد لقب «عروس الإذاعات العربية».