بروفايل: الفخرانى..«ونوس الفن»
صورة تعبيرية
بمجرد أن تُنطق الحروف الأولى من اسمه الكبير، تجد بقعة الضوء مستقرها على وجهه البشوش، ويرفع يديه فى الهواء ملوحاً لكل محبيه، ثم يصعد درجات المسرح فى خفة شديدة، وتطارد خطواته شريط الذكريات الذى يمر بسرعة تتناسب مع تنوع شخوصه التى قدّمها خلال مشواره الفنى، قبل أن يحمل الفنان الكبير يحيى الفخرانى جائزة فاتن حمامة التقديرية، فى الدورة الـ38 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، تقديراً على دوره فى إثراء الفن المصرى والعربى.
يملك يحيى الفخرانى قوة خفية لا يعلمها أحد، حقّقت له مكانة على الساحة الفنية لا تقبل المنافسة، يظن البعض أن السر فى تفاصيل وجهه الطيعة، أو فى قدرته على التقمص، وربما فى القبول، لكن بالتأكيد موجودة فى موهبة منحت صاحبها تأشيرة العبور إلى قلوب الجماهير، فهو الطبيب الذى ضل طريقه إلى عالم الفن، ودخل مستودع الشخصيات، يتلبسها الواحدة تلو الآخرة، بخفة وبراعة الساحر، وعندما وصل إلى سن النبوة حصل على معجزته الخاصة، ليظل النجم الذى وُلد نجماً منذ أول أدواره وأصغرها.
مسرح الجامعة كان المولد الحقيقى للشاب الذى التحق بجامعة عين شمس لدراسة الطب، وهو أيضاً الذى شهد شرارة الحب الأولى مع زوجته الدكتورة لميس جابر، وطوال سبع سنوات ظل ينتقل بين خشبات المسارح وأروقة الجامعة والمستشفيات، حتى قرر أن يُصارح نفسه بحبه الحقيقى للفن، متنازلاً عما سواه، ليُقدم أول أعماله السينمائية فى فيلم «آه يا ليل يا زمن» عام 1977، تلته مجموعة كبيرة من الأعمال فى السينما والتليفزيون، خطت بداية ممثل شاب قد لا يمتلك وسامة النجوم فى شكلها المعتاد، لكنه يمتلك الموهبة.
طوال أربعة عقود قدم المشخصاتى صاحب الـ71 عاماً ما يقرب من 112 عملاً متنوعاً بين السينما، المسرح، والدراما، لكن رصيده على الشاشة الذهبية ظل الأكثر بريقاً، رغم ابتعاده طوال 18 عاماً منذ آخر أعماله «مبروك وبلبل»، الذى قدم من خلاله المخرجة الشابة ساندرا نشأت فى أول أعمالها، كما تعاون مع مجموعة من كبار المخرجين، منهم الراحل محمد خان فى «خرج ولم يعد» و«عودة مواطن»، إضافة إلى «أرض الأحلام» للمخرج داوود عبدالسيد، وآخر أعمال الفنانة الراحلة فاتن حمامة، التى يحمل تكريم مهرجان القاهرة اسمها.
20 عاماً قد لا تكون فترة طويلة فى تاريخ فنان بحجم «الفخرانى»، لكنها شكلت مسيرته السينمائية، وما بين أول وآخر أعماله قدّم قدراً هائلاً من التفاصيل وتجارب مختلفة تضاف إلى تاريخ السينما المصرية، وتميز بمجموعة كبيرة من التفاصيل التى علقت فى أذهان المشاهدين، سواء قالب الفانتازيا فى «حب فى التلاجة»، أو الثرى العابث «عزيز خزبك» فى «الذل»، وتعاطف المشاهدون مع القروى صاحب القدرات العقلية المحدودة «بلبل»، بخلاف الدكتور صلاح أبوالعزم فى «الكيف»، فكلها أدوار أهلت يحيى الفخرانى لأن يتربع على عرش السينما ومنافسة النجوم طوال عقدين.