بروفايل: «الطهطاوى».. مهندس العلاقات الإيرانية
بعد ترشيح من عمرو موسى، اختاره «مبارك» ليكون الدبلوماسى الأنسب لمهمة إذابة جليد العلاقات المصرية - الإيرانية، إذ كانت العلاقات بين القاهرة وطهران تشهد قدراً من الهدوء بعد أعوام من التوتر فظهرت الحاجة لدبلوماسى يستطيع أن ينميها فى إطار من التحفظ، فكان القرار بتعيينه رئيساً لمكتب رعاية المصالح المصرية فى إيران. إنه السفير محمد رفاعة الطهطاوى، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، المرافق مؤخراً لمساعد الرئيس عصام الحداد فى زيارة إلى طهران ليعلن عن نفسه من جديد مهندساً للعلاقات المصرية - الإيرانية.
نجح «الطهطاوى» أثناء فترة عمله فى طهران فى خلق إطار مُرضٍ للعلاقة بين البلدين دون الارتقاء بمستوى التمثيل الدبلوماسى، الذى ظل يلح على القيادة المصرية السابقة بأن تصل به إلى مستوى السفارات وليس مكاتب رعاية المصالح، تمثل هذا الإطار فى خلق شراكات تجارية وتعاون اقتصادى دون إتاحة المجال للسياحة الإيرانية التى رأت فيها الأجهزة الأمنية آنذاك خطراً على النسيج المجتمعى فى مصر، إذ قد يكون غطاء لنشر التشيع فى بلد الأزهر.
هذه الرغبة نقلها «الطهطاوى» لوزير الخارجية الأسبق أحمد ماهر، الذى خلف «موسى» فى المنصب الوزارى، ولكن لم تجد مساعيه استجابة.. فنقل بعدها إلى طرابلس ليكون سفيراً لمصر لدى ليبيا التى عاد منها مديراً للمعهد الدبلوماسى، وبعد بلوغه سن المعاش اختير للعمل فى الأزهر الشريف متحدثاً باسمه، وبعد اندلاع الثورة المصرية قدم استقالته معلناً انضمامه للجماهير الثائرة وقتها.
مع إعلان جماعة الإخوان الدخول إلى ماراثون الانتخابات الرئاسية، عاد «الطهطاوى» للظهور كأحد أبرز الداعمين للإخوان ومرشحها، إذ رافقه فى كافة مراحل مشواره الانتخابى، وبعد إعلان نتائج الانتخابات، دخل «الطهطاوى» على الفور لبورصة الترشيحات فى إدارة «مرسى» ليتم اختياره رئيساً لديوان رئاسة الجمهورية.
دخوله أبواب القصر الجمهورى أعاد له من جديد حلمه المتجه نحو الشرق الإيرانى، وما من خطوة خطتها القيادة المصرية تجاه طهران إلا وكان «الطهطاوى» خلفها، بداية من تشجيع «مرسى» على حضور قمة عدم الانحياز فى طهران، واستقبال أحمدى نجاد فى القاهرة، وتضمين إيران ضمن مبادرة «مرسى» لحل الأزمة السورية على الرغم من أن إيران عنصر رئيسى من المشكلة، باعتراف وزير الخارجية محمد عمرو الذى يتابع زيارة الوفد الرئاسى عبر التليفزيون.
وجود إيران ضمن أطراف المبادرة كان سبباً مباشراً فى مقاطعة السعودية لاجتماعات المبادرة المصرية، ومع ذلك خطت القاهرة فى طريقها.. وإذا كان المعلن من زيارة الوفد الرئاسى لإيران هو بحث الملف السورى، فإن وجود رفاعة الطهطاوى يؤشر بأن علاقة إيران مع النظام الحاكم فى مصر ستسبق أى ملف، وأنه من الآن بات الأب الروحى لتوطيد الأركان بين حكم المرشدين.