مدير مكتبة الإسكندرية: مفهوم التطرف لا يزال غير محدد الأبعاد
مدير مكتبة الإسكندرية في ختام المؤتمر
اختتمت مكتبة الإسكندرية مساء اليوم الخميس، فعاليات مؤتمر "العالم ينتفض: متحدون في مواجهة التطرف"، الذي أقيم في الفترة من 17 إلى 19 يناير 2017، بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمفكرين والخبراء الدوليين المتخصصين في قضايا التطرف.
وقال الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، إن مفهوم التطرف لايزال غير محدد الأبعاد، ويعاني من عدم الضبط، ويوظف سياسيًا على نطاق واسع، ويستخدم أحيانًا لتبرير سياسات خاطئة، ومظالم عديدة، ويحتاج إلى ضبط وتحديد دقيقين، وأن المجتمعات العربية تعاني من قيم متناقضة أدت إلى إيجاد عوامل انقسام وتمزيق بداخلها؛ مثل الصراع بين التراث والحداثة، بين عدم الاجتهاد والاكتفاء بالموروث، وبين السعي إلى تحديث الخطاب الديني، وجميعها من القيم التي تؤدي أحيانًا إلى الفهم الخاطئ للدين وشيوع تفسيرات دينية خاطئة.
وأكد أن التطرف ظاهرة عالمية، ليست فقط عربية أو إسلامية أو شرق أوسطية كما يحلو للبعض وصفها، وهناك تصاعد للظاهرة في أوروبا الغربية نتيجة انتقال مقاتلين من هذه المجتمعات لصفوف التنظيمات المتطرفة، وانتشار التهميش لأبناء الجاليات العربية والإسلامية، وشيوع موجات من التطرف والعنصرية في هذه المجتمعات، والتي قد تزيد خلال الفترة القادمة نتيجة التحولات السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، وامتدادها إلى أوروبا.
وأوضح أن هناك استراتيجيات متعددة لمواجهة التطرف يمكن النظر فيها والاختيار من بينها، أو محاولة التزاوج بين هذه الاستراتيجيات، منها نزع الراديكالية؛ أي تجفيف منابع البيئة الدافعة للتطرف، مثل الأخذ بالتعددية الثقافية، واستراتيجية الاستيعاب أي محاولة تذويب الهويات الثقافية الفرعية في الثقافة العامة للمجتمع، مُستطردًا بأن هذه الاستراتيجية أدت في بعض الأحيان إلى التهميش والتطرف، أيضًا استراتيجية القبضة الحديدية مثل المراقبة والتضييق، وزيادة عدد السجون، وسحب جوازات السفر من المقاتلين الأجانب، وغيرها.
وشدد أن مواجهة التطرف، وإن كانت تحتاج إلى مواجهة أمنية للحيلولة دون وقوع أحداث إرهابية، إلا أنه لا غني عن المواجهة الفكرية لمنابع الفكر المتطرف، فالفكر لا يواجه إلا بالفكر، ونزع بذور التطرف مسألة أساسية لتحصين الأجيال الشابة، يضاف إلى ذلك الاهتمام بقضايا التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، ويتم ذلك من خلال النهوض بالبحث الاجتماعي الذي يقوم على الدراسات الميدانية الجيدة التي ترصد التحولات الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب الإعلام الذي ينبغي أن يلعب دورًا في بناء الوعي النقدي، ويحول دون نشر الفكر المتطرف، ويشكل خط الدفاع الأول لتنوير وتوعية الناس وعدم إعطاء أية شرعية للأفكار المتطرفة.
ودعا سراج الدين إلى ضرورة الاهتمام بقضايا الأمن القومي من خلال مواجهة التطرف الذي يشكل تهديدًا للأمن، ويمزق المجتمعات، ويهدد الاستقرار السياسي، والاهتمام بفئة الشباب، وتحصينها ضد الفكر المتطرف، والقضاء على البطالة، والنهوض بحال المرأة التي تعتبر من أبرز ضحايا التطرف جنبًا إلى جنب مع التعددية الدينية والثقافية في المنطقة العربية.
وأنهى سراج الدين محاضرته بأن الحديث عن مواجهة التطرف يرتبط بمحاور عديدة؛ منها الخطاب الديني من خلال تحديثه، وربطه بالقضايا الوطنية، ونشر القيم الإنسانية، ومواجهة الوعي الزائف والمنحرف، وتطوير ثقافة قانونية من خلال التعليم والإعلام، والتأكيد على أن الدين لا يتعارض مع القانون الذي يحقق العدالة، وارتباط المواطن بالقانون.