أزواج تحت الطلب بـ2000 جنيه «على الورق».. و3500 فى «الخلوة الشرعية»
شباب يلجأون لزواج «التحليل» بسبب ضيق الحالة المعيشية
جلس فى المقهى الذى يتردد عليه يومياً، حالة من الغضب انتابته بسبب غلاء المعيشة وقلة العمل، وضع يده فى جيبه فلم يجد سوى 5 جنيهات لا تكفى لشراء علبة سجائر، فصفق بكفيه طالباً من عامل المقهى شيشة، لينفث غضبه فى دخانها الأسود، ساعة مرت عليه وهو على الحال نفسه، استهلك ثلاثة «أحجار» لم تفعل شيئاً فى ذهنه المثقل بالأفكار، وما إن جاءه شخص همس فى أذنه قائلاً: «بقولك إيه عايزينك فى مصلحة النهارده»، حتى انفرجت أساريره وابتسم بملء فيه ولسان حاله يقول: «الحمد لله فرجت».
شباب عاطل يروى تجاربه مع بيزنس «المحلل»
فى ركن منزوٍ من المقهى الشعبى، جلس «محمد. ع» 26 عاماً، ومعه الشخص الذى جاءه بـ«سبوبة حلوة» حسب قوله، يتفقان على تفاصيل المهمة المطلوبة منه، التى اعتاد القيام بها عندما يضيق به الحال ولا يملك ثمن علبة سجائر: «أنا محلل شرعى، يعنى زوج تحت الطلب، أخلص المصلحة وآخد قرشين أعيش بيهم كام يوم لحد ما ربنا يكرمنى بشغلانة، ما أهو أنا هموت من قلة الشغل ودماغى هتطير من قلة الفلوس»، يعيش «محمد» فى دوامة من المصاريف لا تتوقف، وعمله كـ«نقاش» لا يكفى متطلباته الكثيرة، خاصة أنه لا يعمل طول الوقت: «بقيت بشتغل بظروفها، يوم فيه ويوم مفيش، وطول فصل الشتا مفيش شغل خالص، وأنا عندى مصاريف والبلد حالها واقف، أعمل إيه يعنى، أنا لا بعمل حاجة حرام ولا بسرق من حد حاجة، بالعكس أنا بحل مشكلة لزوج ممكن يكون عنده عيال واتورط فى 3 طلاقات، يعنى بعمل عمل إنسانى».
«محمد»: اتجوزت 9 مرات.. وأخدت مقابل آخر زواج 500 جنيه.. و«عبدالعظيم»: اتجوزت 5 مرات ومراتى متعرفش
بداية عمله كـ«محلل» كان بالصدفة: «الموضوع وقع قدامى بالصدفة كان ليّا واحد صاحبى، هو عصبى قوى وطلق مراته 3 مرات وعنده عيال وعايز يرجع لها.. عشان بيثق فيّا طلب منى إنى أتجوز مراته لمدة 48 ساعة بس مدخلش بيها وأطلقها تانى.. وعملت كده عشان عياله ومخدتش منه فلوس»، فى تلك الواقعة تحديداً شعر «محمد» أنه يقوم بعمل إيجابى، لأنه جمع شمل الأسرة من جديد، وبعد فترة لجأ إليه صديق آخر ليكون المحلل لزوجته، الأمر الذى جعله يقف كثيراً عند ذلك الأمر ويتساءل: «أنا ليه ماستفدش من الموضوع ده بدل قعدتى دى»، وفى الزواج الثالث وضع شروطاً: «خدت مقابل ألفين جنيه وكل اللى عملته إنى مضيت على عقد جواز وتانى يوم مضيت على عقد طلاق.. وشكراً»، تزوج الشاب العشرينى 9 مرات، هناك زوجات دخل بهن بالفعل حتى يكون الزواج شرعياً، وزوجات لم يقترب منهن ولم يرهن من الأساس، وذلك حسب طلب الزوج المطلق: «الجوازات اللى بيحصل فيها خلوة شرعية تسعيرتها أعلى شوية، باخد 3500 جنيه، وده كان بناء على طلب الأزواج لأنهم كانوا خايفين إن الجواز على الورق مايكونش شرعى»، 3 زوجات فقط اختلى بهن «محمد» والباقيات كان زواجاً على الورق فقط: «أنا برضه مش ماشى بتسعيرة وبراعى حالة اللى قدامى، يعنى فيه حالتين خدت فى كل واحدة 2000 جنيه، وفى حالة خدت فيها ألف بس، والزوجة رقم 9 كانت بمقابل 500 جنيه، لأن حالة الزوج المادية كانت سيئة جداً، أنا برضه براعى ظروف الناس»، أصدقاؤه العاطلون كان لهم نصيب من مهنة «محمد» غير المشروعة، صديقه «محمود. أ»، 30 عاماً، عاطل، أقنعه بأن يعمل معه فهو طريق سهل للحصول على أموال كثيرة بدون أى مجهود، وحسب «محمود» الذى تزوج 6 مرات: «أنا معنديش شغل ثابت يا دوب شغال نقاش وأجرتى باليومية، يوم آه ويوم لأ، ولما محمد عرض عليّا القصة دى بصراحة ماقلتش لأ، موضوع مضمون وفلوسه حلوة»، يعمل «محمود» بالطريقة نفسها، هناك زواج بخلوة شرعية وآخر على الورق فقط: «اللى على الورق بس باخد فيه من 1500 لـ2500 جنيه»، حسب الزبون وحسب الاتفاق الذى يشارك فيه مأذون، والشخص الذى يأتى بـ«السبوبة» ويتولى الاتفاق مع الجميع: «آخر مصلحة كانت من شهر ونص وحصل فيها دخول، خدت 3500 جنيه، ودول صافى ليّا بعد ما طلعت نسبة المأذون والراجل اللى بيتفق معايا».
«مصائب قوم عند قوم فوائد».. مقولة يستند إليها «عبدالعظيم. ح»، 31 عاماً، موضحاً أنه يقوم بهذا العمل فى سبيل حل مشكلة تعرض لها بعض الأزواج، بسبب استنفاد مرات الطلاق، مؤكداً أن الموضوع يتم بمنتهى السرية من جميع الأطراف المشاركة فيه: «أنا اتجوزت 5 مرات ماشوفتش فيهم غير واحدة بس، الباقى بيبقوا عاملين لأخوها أو أبوها توكيل وبتجوزها وبيدونى فلوسى أمشى، ونتفق على ميعاد نكون عند المأذون ونطلق على طول.. الجواز بالشكل ده مابيكونش ليه عدة، لأنى ببقى محلل بقضى غرض وخلاص»، على الرغم من أنه متزوج منذ سنتين، إلا أنه يفعل ذلك بدون علم زوجته: «الحالة بقت صعبة وأنا باخد فى الحوار ده مش أقل من 2000 جنيه بيساعدونى كتير فى المصاريف»، مشيراً إلى أن مهمته تتوقف عند الإمضاء على وثيقتى الزواج والطلاق، بدون أن يراها: «أنا بشتغل فى ورشة حدادة بس المصاريف مابتكفنيش طبعاً، ومراتى متعرفش إنى بتجوز عليها لأنى مش بعمل ده بغرض المتعة، الغرض الوحيد هو الفلوس وبس»، الزوجة الثالثة فقط هى التى اختلى بها «عبدالعظيم» وحصل فيها على مبلغ 3800 جنيه، أما باقى الزوجات الأربع فلم يرهن ولا يعرف عنهن سوى أسمائهن المدونة فى وثائق الزواج والطلاق.
«عبدالشافى»: إذا لم يتم الزواج بشروطه الشرعية يعتبر «زنا».. و«خضر»: الشباب بقى مريض بالتواكل.. «أى حاجة سهلة تجيب فلوس»
من جانبه قال الدكتور محمد عبدالشافى، العميد السابق لكلية الشريعة والقانون بجامعة أسيوط، إن الدين الإسلامى حدد شروط الزواج، ومن بينها أن يتم بنية دوامه، وإن حدث خلاف يستحيل معه استمرار العشرة يقع الطلاق، فيما عدا ذلك يعد مخالفاً للشرع، فالزواج لا تتحدد له شروط أو أوقات معينة، وأوضح «عبدالشافى» أن وجود زوج محلل لكتابة عقد الزواج ومن ثم الطلاق يعد «زنا» فى حالة رجوعها للزوج الأول، وكذلك فى حال نكاحها بغرض تحليل الزواج، لأن شروط الزواج هنا ليست مستوفاة، ولا يعد زواجاً «حلالاً».
فيما أشار «عبدالشافى» إلى أنه من الناحية القانونية، إذا ثبت نية الزواج، بأنه قام على شروط ليست مستوفية للدين، أمام القاضى بمحكمة الأحوال الشخصية، فيعتبر فى القانون فى حكم «الزنا» الذى يعاقب عليها القانون، كما أن الزوجة تتعرض للعقوبة، ولكن ذلك بناءً على دعوة تقيمها النيابة العامة، وأوضح أن الزوج المحلل يتعرض للسجن أيضاً، لأن ذلك يعد تزويراً فى أوراق رسمية، على حد قوله.
«الشباب المصرى مريض بالتواكل».. هكذا عبرت الدكتور سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، عن استيائها تجاه ما يقوم به بعض الشباب، الذى لا يزال يعتمد على الآخرين فى الحصول على الأموال، موضحة أن البعض يفتقر إلى تحمل المسئولية، طالبة من الأزهر الشريف أن يعقد سنة ويسميها عام تعلم العمل وأهميته، باعتبار العمل عبادة، واكتساب مهارات وخبرات، بدلاً من النوم فى البيوت، مشيرة إلى أنهم يستسهلون: «فلوس جاية سهلة ليه مايتجوزش ويبقى محلل.. محدش عايز يشتغل وفى الآخر بيشتكوا من إن البلد هى اللى مفيهاش شغل».