المنيا.. الشرفا.. دويقة جديدة وأطفال محاصرون بكتل صخرية متصدعة ينتظرون نظرة المسئولين
الأطفال معرضون للمخاطر فى المناطق العشوائية
لم يقع أطفال الجبل فريسة للفقر المدقع وتدهور الخدمات فحسب، بل إن البراءة تواجه مسلسلاً مرعباً يومياً، ففى الصباح يخشون الموت تحت كتل صخرية متصدعة ومنهارة ما يحرمهم من اللعب واللهو أسوة بأقرانهم، وفى الليل لا يخلو منامهم من عواء الذئاب والثعابين والكلاب الضالة التى تسكن أعلى منازلهم، حتى مدرستهم محاصرة بالكتل الصخرية.
«الشرفا» تلك القرية الفقيرة التى تقع شرق النيل بالمنيا، تعد دويقة جديدة تعيش على حافة كارثة، فرغم أنها تقع على بعد 3 كيلومترات فقط من استراحة عبارة عن قصر فخم يقطن فيه محافظ المنيا، إلا أن الوضع المأساوى بالقرية لا يخطر على قلب بشر، فالقرية تقع فى حضن الجبل، وتحاصرها الكتل الصخرية المتصدعة من كل ناحية، حتى المدرسة تقع أسفل سفح الجبل، والمسئولون «ودن من طين وأخرى من عجين».
بصوت حزين يملأه اليأس والإحباط، يروى الحاج أحمد صابر، جانباً من مأساة الأهالى هناك، قائلاً «عايزين نعيش فى أمان حتى لو فى غرفة صغيرة، فكتل الصخر المتصدعة تقع فوق رؤوسنا، والذئاب نشاهدها بأعيننا ليلاً ونهاراً، والكلاب الضالة والثعابين تهاجم منازل القرية المتواضعة والمنهارة، لأن الجبل يحاصرها من كل اتجاه، فنحن نعيش فى قرية الشرفا المحرومة من جميع الخدمات، ومعظم سكانها عمال يومية بالمحاجر، وبين الحين والآخر تتساقط علينا كتل جبلية صغيرة، خاصة أننا نقيم بالقرب من محاجر الطوب الأبيض، وحتى وقت قريب كانت تحدث تفجيرات بالمحاجر المجاورة لنا بشكل يومى باستخدام ديناميت، وذلك لتفتيت الصخور واستخراج المادة الخام، ما أدى إلى حدوث تصدعات وتشققات بالجبل، ونتج عن ذلك حدوث تصدعات وتشققات بمنازلنا وأصبحت مهددة بالانهيار، ورغم أن القرية تقع على بعد 3 كيلومترات من استراحة المحافظ، وكذلك تعد المدخل الشمالى لمدينة المنيا الجديدة، إلا أننا لم نر محافظاً واحداً قام بزيارة القرية لتفقد أوضاعها المأساوية». ويروى الطفل على محمود، جانباً من يومياته المأساوية فى حضن الجبل، قائلاً تدخل علينا الثعابين غرف النوم ومعظم منازلنا بدون سقف والجبل مشقق من كل ناحية وأسفله المنازل، وعندما تسقط أمطار غزيرة تقتحم منازلنا ونعيش حياة أكثر من البلاء، ونطالب المحافظ بزيارة قرية الشرفا حتى يرى كيف يعيش أطفالها فى خطورة مستمرة، كما أننا محرومون من اللعب نهاراً أسوة بباقى الأطفال فى القرى الأخرى المجاورة، وذلك لوجود كتل صخرية متصدعة معرضة للانهيار فى أى لحظة، وفى الليل نشاهد الذئاب والثعابين والكلاب الضالة، التى تطاردنا حتى فى المنام ونشعر بالرعب من سماع صوتها المدوى الذى لا يتوقف طوال ساعات الليل.
ويقول ربيع محروس «فين الدولة من الصعيد؟ فالمسئولون وعدونا كثيراً بنقلنا من هذ المنطقة لأننا نعيش فى رعب حقيقى، ونخشى أن تسقط صخرة كبيرة علينا كما حدث فى منطقة الدويقة بالقاهرة ونتج عن ذلك وقوع العشرات من الضحايا، كما أن أطفالنا محرومون من الخروج من المنازل واللهو لأننا نعيش فى منطقة أشبه بحياة الكهوف نتحرك فيها بحذر ونخشى من وقوع كارثة».
ويضيف «اللى عايش فى قبر حاله أحسن من هنا، حيث أننا نعيش على كف الرحمن، فالجبل سيقع علينا آجلاً أم عاجلاً، ومعظمنا يكافح بالعمل فى المحاجر المجاورة ولا يملك سوى قوت يومه، ولا توجد لدينا أى إمكانيات لشراء منازل بعيدة عن هذا الجحيم، ونطالب المسئولين بأن ينظروا إلى أطفالنا الأبرياء الذين يواجهون الموت يومياً بعين الرأفة، حتى مدرستهم تقع فى حضن الجبل».
أما السيدة حسنية محمد، فتقول «عندما تسقط أمطار غزيرة تنهمر علينا وتقتحم المنازل، ونضطر لترك منازلنا وهجرها حتى تنتهى الأمطار، ولو هبت رياح شديدة نشعر بالرعب خوفاً من سقوط كتلة صخرية فوق رؤوسنا، كما أن المنطقة مليئة بالثعابين والحشرات والقوارض، وكثيراً يأتى مسئولون من الوحدة المحلية ويتفقدون القرية ووعدونا مراراً بنقلنا من هذه المنطقة الخطرة، لكن وعودهم زائفة ولا تتحقق».