المخدرات أفقدته عمله وماله و«دبلة» الخطوبة.. والمركز وضعه على طريق «حياة جديدة»
محرر «الوطن» يلعب بلياردو مع «عادل»
صنايعى «شاطر» فى إحدى ورش النجارة بدمياط، ومشجع زملكاوى يهتم بمباريات فريقه ويمارس هوايته فى بعض أوقات فراغه، وفى يده اليمنى يرتدى «دبلة» خطبته، فينتقل من بيته البسيط إلى الورشة ثم يقضى مساءه بين العائلة أو الأصدقاء أو أمام شاشة التليفزيون، هذه كانت حياة «عادل» الهادئة جداً قبل 7 أعوام، لكنه لم يكن يدرك أن خطوة واحدة فى طريق المخدرات ستقوده إلى عشرات الخطوات الأخرى، وأنه شيئاً فشيئاً سيفقد كل ملامح حياته القديمة، فيخسر عمله وبعض المال الذى ادخره وأيضاً تنتهى علاقته التى كانت تقترب من عتبة الزواج.
«تعبت من المخدرات، خسرتنى حاجات كتيرة، من ضمن الحاجات اللى خسرتها خطيبتى، كنت بحبها، وسبنا بعض بسبب المخدرات، وحسيت إن أهلى تعبوا معايا فحبيت أتغير».. هكذا وصل «عادل» إلى قراره بالإقلاع عن الهيروين بعد 7 سنوات من التعاطى، كان القرار صعباً لكنه صمم على تنفيذه بإرادة قوية، فانتقل من عزبة النهر بدمياط إلى مركز علاج الإدمان بمستشفى القوات المسلحة بالإسماعيلية: «جيت المستشفى بقالى 85 يوم، سمعت عن المكان فحبيت أتغير وأبطل بعد ما كرهت المخدرات».
مثل كثيرين غيره، بدأ «السكة الغلط» من خلال صحبة السوء حسب وصفه: «قالوا لى جرّب، فجربت. وبعد كده بقيت أنا اللى بدوّر وأشترى لحد ما رجلى دخلت فى السكة، وبقيت أشرب كل يوم قبل ما أنام، وأصحى من النوم أدوّر على الهيروين وأحاول أجيبه بأى طريقة».. هكذا كانت بداية الطريق، لكن منذ أن وطئت قدماه أرض المركز كانت البداية الجديدة الحقيقية: «من ساعة ما وصلت حسيت بتغيير كبير فى حياتى، بدأت أفكر لقدام وأحدد أهداف لما أخرج من هنا بإذن الله هحققها، قبل كده ماكانش عندى أى أهداف، كان كل هدفى المخدرات، بدأت أحس إنى إنسان وأحلم، وبإذن الله أحقق أحلامى».
أهم أحلام الشاب الحاصل على دبلوم صنايع وبلغ 26 سنة من عمره، هو أن يدخل الفرحة إلى قلب والدته، الحاجة حكمت: «عايز أفرح أمى، ده حلم بالنسبة ليا، عايز أدخل عليها وأنا متعافى تماماً، ومقاطع المخدرات دون رجعة، وأشتغل وأبنى بيت. أمى بتدعيلى ويمكن ده السبب فى القرار اللى ربنا وفقنى وخلانى آخده وآجى المكان ده». بين فترة إلى أخرى تراوده فكرة العودة إلى السكة القديمة، وهو أمر طبيعى من وجهة نظر نفسية، لكن أحلامه التى بات يفكر فيها باستمرار تعيده إلى صوابه، إضافة إلى منظومة العمل والمجتمع الجديد الذى أصبح هو أحد أفراده: «ساعات بسمع صوت فى دماغى يقول لى ارجع تانى. لكن أول ما بحس بكده، بجرى على المشرف بتاعى أتكلم معاه. علمونى إن أنا مش مسئول عن الفكرة اللى تيجى فى دماغى، لكن مسئول عن الفعل نفسه».
«عادل»، الذى يقترب من إتمام شهوره الثلاثة الأولى بالمركز، استعاد كثيراً من أنشطته وهواياته: «رجعت ألعب كرة قدم تانى، بنلعب فى ملعب الكرة اللى موجود فى المركز، وبلعب كمان بلياردو وبينج بونج»، مشجع كرة القدم بات يحرص على متابعة مباريات المنتخب القومى فى بطولة الأمم الأفريقية، وتشجيع اللاعبين بحرارة: «فرحنا كلنا لما مصر كسبت غانا، كنا بنشوف الماتش مع بعض، وشجعنا اللعيبة ودعينا ليهم، خاصة عصام الحضرى ومحمد صلاح اللى مشرفنا»، ليست القراءة من ضمن هوايته، إلا أنه يشارك بعض زملائه فى المركز والمشرفين فى قراءة كتاب باسم «زمالة المدمنين» الملىء بالعبر والنصائح التى ربما لم تصل إليه فى الماضى، لكنه أصبح الآن يعيها وينفذها.