عسكرى مرور: تنظيم الشوارع فى أوقات الذروة يحتاج «قوة خارقة»
عسكرى المرور.. المغلوب على أمره دوماً
ميدان تتفرع منه شوارع رئيسية وأخرى فرعية، سيارات تتكدس فى كل الاتجاهات ذهاباً وإياباً، تصرخ أبواق السيارات فى أذنيه مطالبة إياه بفك الاشتباك، يقف هو حائراً بجسده النحيل مرتدياً ذاك الزى الفسفورى الذى سلمته إياه إدارة مرور القاهرة، ينظر يميناً ويساراً وكأنه يبحث عن الحل فى تلك الطرقات المزدحمة، تزيد حدة توتر السائقين كلما طال انتظارهم، يبدأ البعض فى الصراخ بينما يهم البعض الآخر بإلقاء التهم عليه بالتقصير تارة، تطوله بعض الشتائم وبعض اللعنات، تزداد حيرته فلا يجد أمامه إلا أن ينعزل عن كل تلك الأصوات ويستجمع ما تبقى لديه من تركيز ويبدأ فى محاولات تسيير الطريق، تمر السيارات ويصل كل واحد إلى مقصده ويظل هو واقفاً ينتظر تلك اللحظة التى ينهى فيها عمله ويسلم المهمة الشاقة إلى زميله، على أن يعود فى اليوم التالى إلى عمله كـ«عسكرى مرور».
نتلقى السباب والشتائم من بعض السائقين.. «إحنا الحيطة المايلة الكل بيرمى علينا ويقولوا إننا السبب فى تعطيل المرور.. وإحنا ملناش ذنب»
يبدأ عمله مع دقات التاسعة صباحاً، ويستمر لست ساعات متواصلة، يصف شاب المرور -رفض ذكر اسمه- مهمته قائلاً: «بافضل واقف ساعات طويلة سواء كان الجو حر أو برد ومش فى إيدى حاجة أعملها، وفى أوقات الحر الشديد الدنيا بتبقى زحمة جداً والناس والسواقين مابيبقوش طايقين نفسهم».
يتحدث عن ساعات الذروة فيقول «أصعب الأوقات هى التى تتكدس فيها السيارات فى مواعيد الذهاب والإياب من المدارس والجامعات، وأيضاً ساعات خروج الموظفين من أماكن عملهم، تتحول الشوارع فجأة إلى كتلة معدنية واحدة من آلاف السيارات، حينها أشعر أننى بحاجة إلى قوة خارقة لأستطيع تنظيم الحالة المرورية فى الشارع».
يتحدث عسكرى المرور عن بعض المواقف الصعبة التى يواجهها أثناء تأدية عمله قائلاً «بتحصل مشكلة لما الإشارة تقفل والسواق يكون مش عاوز يقف وبيكسر الإشارة ومش بيهمه حد، ولما أنزل من على الرصيف وأقوله يرجع عشان الإشارة قفلت وماينفعش يكسرها ألاقيه بيرد عليا بطريقة وحشة وفى الآخر بيسيبنى ويمشى».
التقليل من دوره والتحدث معه بطريقة غير لائقة من جانب فئة قليلة من أصحاب السيارات أو السائقين، هى أكثر ما يضايقه أثناء تأدية عمله، مشيراً إلى أنه على الجانب الآخر هناك أشخاص يقدرون مهمته ويتفهمون صعوبتها ويعاملونه باحترام وتقدير.
يتحدث عسكرى المرور عن فترة التدريب التى تسبق تسلمه مهام عمله قائلاً: «لينا تدريب كامل على إشارات ولوحات المرور، وكمان متدربين لو مسئول كبير فى الدولة أو وزير بيعدى نتعامل إزاى فى الحالة دى ونتصرف إزاى»، وعن إلقاء البعض تهمة التسبب فى الزحام على عاتق عساكر المرور يقول الشاب العشرينى: «إحنا الحيطة المايلة الكل بيرمى علينا، ويقولوا إحنا اللى بنعطل المرور، بس والله الموضوع ده مش بإيدينا»، وأنهى حديثه قائلاً «لو سائقو السيارات اتبعوا إرشاداتنا دون أن يحاول البعض أن يكون له الأسبقية فى المرور، فإن المشكلة ستحل، وإلا سنظل جميعنا محلك سر فى أماكننا».