3 أيام فى خدمة العائدين: «مفيش راحة واخواتنا تعبانين»
صورة أرشيفية
عينان غائرتان احمرتا من قلة النوم، توسطتا وجهاً أسمر يعلوه شعر شاب عن آخره، وعلى جبهته ارتسمت تجاعيد دلت على بلوغه العقد السادس من عمره، على هذا الحال كان «هانى رشدى» حارس أمن الكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية، الذى يقول إنه لم يذق طعم الراحة منذ ثلاثة أيام مضت.
«بلّغونى يوم الخميس بالليل إن فيه ناس جاية الصبح من العريش وهيقيموا عندنا فى الكنيسة، وبدأنا استعداداتنا من بدرى جداً»، يقولها «هانى» الذى يبدأ عمله فى الظروف الطبيعية كل يوم من العاشرة صباحاً وحتى الخامسة عصراً، إلا أن ما حدث جعله يقيم ثلاثة أيام كاملة بلياليها داخل أسوار الكنيسة يستقبل فيها العائدين من العريش ويقدم لهم خدماته «من الساعة 8 الصبح يوم الجمعة واحنا بنستقبل ناس، وفى اليوم ده بس دخّلنا هنا نحو 40 أسرة، وبعد كده كل الكنائس هنا فتحت أبوابها للناس».
«هانى» حارس أمن الكنيسة: «إحساس وحش إنك ماتكونش عارف تأمّن عيالك»
مشاهد كثيرة رآها «هانى» كان أصعبها عليه بكاء الشباب والأطفال الذى لم يهدأ طيلة اليوم، الأمر الذى جعل الخوف على أسرته يتسلل إليه، رغم إقامتهم فى الإسماعيلية بعيداً عن الأحداث: «الشباب اللى لسه 20 سنة كانوا بيعيطوا من كتر اللى شافوه، وده خلانى وكل أقباط الإسماعيلية دلوقتى خايفين، وأنا واحد من الناس مش عارف اطمّن بنتى لما بتسألنى هو اللى حصل فى العريش ممكن يحصل عندنا ولا لأ». يتأمل الحارس الخمسينى بعينيه اللتين امتلأتا بالدموع ما يحيط به من أثاث متهالك جاء به المقبلون من العريش قبل أن يضرب كفيه ببعضهما: «الناس اللى جاية غلابة جداً وفيه منهم ناس جايبة بطاطين تتكسف تمشى بيها»، معبراً عماً بداخله قائلاً: «إحساس وحش إنك ماتكونش عارف تأمّن عيالك، وأنا مش خايف على حاجة فى حياتى غير على بناتى، ولازم البلد كلها تعرف إن مفيش أمان موجود عشان يوفروه ويبطلوا يقولوا بلاش نتكلم عشان السياحة، لأن أرواح الناس أهم من 100 حاجة زى السياحة».