«الوطن» داخل «كفر الشيخ العسكرى» هنا قِبلة علاج «سى» فى محافظات الدلتا
المرضى خلال حديثهم مع محرر «الوطن»
«من فضل الله علينا، حاجة الناس إلينا.. فلا ترد النعم»، عبارة على لافتة معلقة على جدار، تستقبل الزائرين فور المرور من البوابة الرئيسية لمستشفى كفر الشيخ العسكرى، ذلك الصرح الكبير الذى يستقبل مئات المرضى ليس من أبناء المحافظة فحسب، لكن من كل القرى والمراكز والنجوع والمدن بالمحافظات المجاورة، فالمستشفى الذى اُفتتح قبل 6 سنوات على مساحة 30 ألف متر مربع، يشهد بين جدرانه وحجراته خلية عمل متكاملة ومتناغمة تواصل الليل بالنهار فى خدمة مصابى فيروس الكبد الوبائى «فيروس سى» الذين يبلغ عددهم نحو 715 مريض فيروس سى من المدنيين، و57 مريضاً من شباب التجنيد يتكفل المستشفى بعلاجهم، إضافة إلى أعداد أخرى من المرضى والمصابين التابعين لأقسام مختلفة، الذين جاءوا بحثاً عن خدمة علاجية بالمجان أو بأسعار مخفضة، بعيداً عن «بهدلة» المستشفيات الحكومية و«التسعيرة العالية» فى المستشفيات الخاصة.
المستشفى يخدم 715 مريضاً من المدنيين و57 من شباب المجندين.. ونسب الشفاء تصل لـ100%
منذ اللحظة الأولى فور الوصول إلى المستشفى من الخارج، يظهر المؤشر الأول على مدى العناية والدقة فى الموقع الجغرافى للمكان البعيد عن زحام قلب المدينة وضوضائها، ويتسم بالهدوء والهواء النقى خاصة مع تخصيص 7 آلاف متر مربع كمساحات خضراء حول المستشفى المكون من 3 طوابق ويضم أجنحة وغرف إقامة للمرضى تم تأثيثها بأرقى التجهيزات الطبية والفندقية، بالإضافة لمبانٍ لإيواء الأطباء وأطقم التمريض وباقى العناصر الفنية والإدارية والخدمية وقاعات للمؤتمرات والندوات العلمية. «الوطن» أجرت جولة داخل المستشفى بدأتها من الطابق الأرضى الذى يشمل جناح العيادات الخارجية ويشمل 10 عيادات تخصصية فى «الأسنان والرمد والأنف والأذن والحنجرة والباطنة والقلب والعظام والصدر والحساسية والأطفال والنساء والتوليد»، إضافة إلى صيدلية خارجية لصرف العلاج للمرضى، وجناح الرنين المغناطيسى والأشعة التشخيصية الذى تم تجهيزه بأحدث أجيال الرنين المغناطيسى المغلق فى العالم، والذى يتميز بدقة التشخيص وأعلى معدلات الأمان للتمريض.
فى كل متر داخل المستشفى ثمة حركة على قدم وساق، فريق كبير من الأطباء والممرضين والمشرفين وموظفى الخدمات يواصلون عملهم بنظام وانضباط وحرص على رعاية المرضى، يؤكد الأمر العقيد طبيب سامح السيد، نائب مدير المستشفى، موضحاً أن «الانسجام» بين جميع العاملين من أكبرهم إلى أصغرهم داخل هذا المكان هو السر وراء النجاح المتحقق على أرض الواقع: «اتفقنا إن كلنا نشتغل علشان حاجة واحدة، هى مصلحة المريض. ومعيار جودة شغلنا إن المريض لا يشتكى من شىء. حطينا هذا الهدف قاعدة بيننا ونتعامل جميعاً كفريق عمل مشترك. محدش هينجح لوحده. لازم كلنا ننجح مع بعض».
من بين الوحدات المجهزة بصورة عالية، وحدة المناظير الجراحية المتطورة المخصصة لإجراء جميع العمليات الجراحية فى الصدر والبطن واستئصال الأورام وعمليات البروستاتا وإزالة الحصوات دون جراحة، بالإضافة لوحدة مناظير الجهاز الهضمى والقولون وأجهزة تعقيم المناظير، داخل تلك الوحدة أكد «السيد»، المتخصص فى المناظير التى تدخل فى علاج أمراض عديدة منها فيروس سى فى بعض الحالات، أن مستوى التعقيم والعناية بالمستشفى كبير جداً، ونسب الشفاء تصل إلى 100%، موضحاً أن مرضى التهاب الكبد الوبائى بالمستشفى يأتون من مدن ومحافظات مختلفة، وليسوا من أبناء كفر الشيخ فحسب: «المكان هنا أصبح منارة يقصده المرضى من أماكن عديدة، نظراً للخدمة المتطورة المقدمة، ونعمل على مواجهة فيروس سى ضمن خطة الدولة لكبح هذا المرض ووقف انتشاره ثم القضاء عليه تدريجياً»، يعتبر «سامح»، الذى يعاونه فريق من الأطباء الشباب، أن مرض «فيروس سى» كاد أن يتحول إلى وباء فى مصر، وكان لا بد من اتخاذ وقفة بكل علم وحسم وجدية، يضيف: «للأسف فضلنا فى غفلة من الزمن لفترة طويلة، وكان لازم ناخد هذه الوقفة، وبالفعل خدناها وتحركنا فى خطوات سريعة جداً، حتى جعلت مصر نموذجاً فى المجتمع الدولى فى علاج فيروس سى، لأن معدلات الإصابة انخفضت بصورة كبيرة، والدولة سخرت قدرتها فى كل شبر على أرض مصر، ونستطيع أن نقول إن لدينا بالفعل الآن سياحة علاجية لفيروس سى، بمعنى أن مواطنين يأتون من الخارج للقضاء على هذا الفيروس داخل مصر»، برغم الخطوات الإيجابية المتحققة فإن الرحلة لا تزال طويلة بحسبه، فيضيف: «لسه عندنا خطوات كتيرة، صحيح حققنا تقدم لكن لو وقفنا هنرجع زى الأول، لازم نكمل لحد ما نوصل لحلم مصر بدون فيروس سى إن شاء الله».