رحلة الذهب من صخور «السكرى» إلى السبائك
معدات ضخمة لاستخلاص الذهب من الصخور فى منجم السكرى
أصوات صاخبة لعربات نقل ضخمة امتلأت بالصخور تقطع الطرقات طيلة اليوم جيئة وذهاباً، وحركة لا تهدأ أبداً نهاراً كان الوقت أو ليلاً، وموظفون يجلسون خلف مكاتبهم وقد انشغل كل منهم بما يقوم به فى تركيز تام، ونظام عمل صارم التزم به كل من فى موقع العمل، كبيراً كان منصبه أو صغيراً، هكذا هو الحال الذى كان عليه منجم السكرى الذى عاشت فيه «الوطن» يومين كاملين، ترصد خلالهما المراحل الكاملة لاستخراج الذهب المصرى من باطن الجبل، منذ بداية اكتشافه وحتى صهره على شكل سبائك ذهبية خالصة.
ترصدها «الوطن» لحظة بلحظة على مدار يومين من داخل المنجم ووسط الجبال
الاستكشاف ودراسة الجدوى
جبل ضخم لم يتغير شكله عن غيره من الجبال من حوله، وصحراء مترامية الأطراف أحاطت جوانبه الأربعة لم تدل على حياة جاءت من قبل إلى هذه المنطقة، على هذا الوضع كان جبل السكرى قبل أن يتحول إلى أهم منجم لاستخراج الذهب فى تاريخ مصر والشرق الأوسط، وقبل أن تدب فيه الحياة ويزدحم المكان من حوله بعمال وموظفين تخطى عددهم 4 آلاف عامل حتى الآن.
كانت البداية مع مرحلة الاستكشاف والبحث، وفيها بدأت شركة السكرى لمناجم الذهب بأخذ عينات عشوائية من الصخور لتحديد أنواعها وتحليلها، وبعد أن أثبتت هذه العينات أنها مجدية بدأت عملية التعمق فى البحث بصورة أكبر، وفق ما أكد جيولوجيى المنجم، من خلال حفارات مختلفة فى أنواعها، منها ما يتعامل مع سطح الجبل والأعماق البسيطة، ومنها ما يصل إلى أعماق كبيرة تتخطى 1200 متر تحت الأرض، وبناء على هذه العينات تم عمل خريطة مفصلة بالأماكن الموجودة فيها خامات الذهب ونسبة وجوده فى كل مكان، وهو ما يسمى جيولوجياً بـ«المنطقة المتمعدنة».
طريقتان هما المعمول بهما أو بإحداهما فى كافة مناجم العالم من حيث الكيفية التى يتم بها استخراج الذهب من باطن الأرض، فإما أن يكون استخراج خام الذهب بطريقة سطحية دون التعمق فى باطن الجبل، وهو ما يسمى بالتعدين السطحى، وإما أن يكون التعدين تحت سطح الأرض، أو بكلتيهما معاً، ويكون المحدد الوحيد لهذه العملية هو الطريقة الأفضل اقتصادياً للمنجم، وفى «السكرى» كان العمل بالطريقتين معاً هو الحل الأفضل، لا سيما بعد تأخر لأعوام طويلة نتيجة أسباب مختلفة ومتعددة، فكان إنجاز الوقت واستخراج أكبر كم من الذهب فى أقل وقت ممكن هو الهدف الأول والأخير، وحسب ما أكد الجيولوجيون بالمنجم فقد كان إجمالى العينات التى تم تحليلها منذ عقد الاتفاقية وحتى الإعلان عن الاكتشاف التجارى نحو 8 آلاف عينة، وقد وصل عددها حالياً إلى ما يقرب من 300 ألف عينة نظراً لاستمرار عمليات الاستكشاف.
التعدين تحت الأرض
«قواعد التعدين مكتوبة بالدم وماينفعش نستهين بأى قاعدة فيها»، هى الكلمات الأولى التى قالها «هانى يحيى»، مهندس التعدين تحت الأرض بمنجم السكرى، قبل أن يصطحبنا إلى باطن الجبل لشرح المرحلة الثانية من مراحل استخراج الذهب من المنجم، والمتمثلة فى التعدين، وكان التعدين تحت الأرض جزءاً منها، وصاحب ذلك مجموعة أخرى من التحذيرات على شاكلة «فى حالة رؤية أى حاجة غلط لازم نبلغ»، «ممنوع نلمس أى حاجة موجودة فى المكان»، «لازم تكونوا ماشيين ورايا واحنا موجودين تحت الأرض عشان المكان خطر»، دقائق قليلة انقضت فى تعديد هذه التحذيرات وغيرها، قبل أن يجلب لنا مهندس التعدين مجموعة من ملابس «السلامة» التى يجب أن يرتديها كل من كان موجوداً فى أماكن العمل، وهى عبارة عن حذاء ضخم «سيفتى» للحماية من تعرجات الأرض والصخور، «وفيست» وخوذة ونظارة وجهاز تنفس يتم استخدامه فى حالة الطوارئ لمرة واحدة فقط، يكفى لمدة 30 دقيقة فى حالة الحركة و90 دقيقة فى حالة الثبات، بالإضافة إلى كشاف صغير يتم وضعه أعلى الخوذة ويُستخدم للإضاءة ولأغراض أخرى أهمها الحديث بلغة الإشارة بين العاملين تحت الأرض نتيجة ارتفاع أصوات المعدات من حولهم، فعندما تكون الحركة دائرية بالكشاف مثلاً فهى تعنى أن صاحبه يطلب من الآخر أن يتقدم نحوه، وإذا كانت من أعلى لأسفل فهى تعنى الرجوع إلى الخلف، وإذا كانت الحركة من اليمين إلى اليسار فيكون المعنى المطلوب أن يتوقف المشار إليه عما يفعله حالاً.
لا يوجد فرد من العاملين فى عملية التعدين تحت الأرض إلا وله ما يسمى «كارت التعريف» يدوَّن عليه اسمه واسم الشركة التى يعمل بها ومهمته فى الشركة، وقبل النزول تحت الأرض يجب أن يتم وضع هذا الكارت على لوحة مخصصة له فى الخارج، ويعنى وجود الكارت على اللوحة أن صاحبه موجود فى الأسفل، ومن ثم لا يتم أى تفجيرات إلا بعد خلوّ هذه اللوحة من جميع الكروت بما يعنى خلوّ المنطقة بالأسفل من العمال، ولا ينزع هذا الكارت من على اللوحة إلا صاحبه مهما كانت الظروف، وبناء على ذلك تم ربط كروت التعريف الخاصة بنا مع كارت المهندس «هانى» على اللوحة قبل التوجه إلى النفق المؤدى إلى منطقة التعدين تحت الأرض.
الأشقر: «السكرى» يحتوى على كسارتين رئيسيتين تقدمان خدماتهما لمصنعين أحدهما منذ 2010 والآخر قبل 3 أعوام.. و«هانى»: قواعد التعدين مكتوبة بالدم وماينفعش نستهين بيها.. وممنوع نلمس أى حاجة تحت الأرض عشان المكان خطر
دقائق قليلة قطعتها السيارة من مكان لوحة كروت التعريف حتى وصلت إلى مدخل نفق مظلم، لا ترى فيه أمامك سوى ما تنيره لك كشافات السيارة، وعلى يسار الفتحة الرئيسية للنفق، كان هناك نفق آخر أصغر منه، وهو ما يسمى نفق التهوية، ويكون موازياً للنفق الرئيسى للتعدين ويتم استخدامه للإخلاء فى حالة الطوارئ بجانب مهمته الأساسية فى التهوية. لافتة متوسطة الحجم على يسار الداخل إلى النفق المؤدى إلى باطن جبل السكرى، كُتب عليها بخط واضح «نقطة تبليغ الراديو»، والتى يجب أن يقوم سائق «الدمبر» بالتبليغ عن وصوله إليها بمجرد رؤيتها، حيث يحتوى النفق على شبكة راديو تربط العاملين تحت الأرض ببعضهم البعض، ولكل مجموعة المحطة المخصصة لهم، وفق ما أشار إليه «هانى» بينما يجتمع الجميع فى محطة واحدة وهى محطة الطوارئ، وجميع المعدات تكون مزودة بجهاز الراديو من أجل التواصل طوال فترة العمل، وعلى يمين الداخل كانت نقطة «غاز الطوارئ»، وهو عبارة عن غاز له رائحة كريهة غير ضارة، يتم استخدامه فى تحذير العاملين بضرورة إخلاء المكان فى حالة الطوارئ، لا سيما فى حالة تعطل محطات الراديو.
دقائق أخرى قطعتها السيارة وهى تسير فى نفق عمقه 500 متر عمودياً وبطول 3 كيلومترات، انتشرت على جانبيه فتحات كبيرة مخصصة لفتح الطريق فى حال ما إذا تقابلت سيارتان، وأبواب أخرى مغلقة ومن فوقها لافتة كُتب عليها «غرفة الهواء النقى»، وهى غرف محصنة ومكيفة الهواء يتم اللجوء إليها فى حالات الطوارئ ويتم الانتظار فيها حتى وصول فرق الإنقاذ، وفى آخر النفق كان المستوى «بتاح 790»، وهى النقطة المراد الوصول إليها، حيث ارتفع بها صوت ماكينة ضخمة جلس على كرسى قيادتها أحد الأجانب العاملين بالشركة، يقوم بعملية حفر فى باطن الجبل استعداداً لعملية التفجير، طلب «هانى» منه أن يتوقف عن العمل بإشارة من يده ليبدأ حديثه قائلاً: «هو بيقوم بعمل فتحات بين المستوى اللى احنا فيه دلوقتى والمستوى اللى فوقينا واللى هو «بتاح 810» ودى هيتم تفجيرها خلال الفترة الجاية».
للتعدين تحت الأرض طرق متعددة للدخول إلى باطن الأرض أو إلى المكان الموجود فيه خام الذهب، وفق ما أوضح «هانى»، مشيراً إلى أن الطريقة المستخدمة فى منجم السكرى تتلخص فى الدخول إلى جسم الجبل بمستويات مختلفة فى الارتفاع فوق بعضها البعض، والتفجير ما بين هذه المستويات لعمل نفق رئيسى ندخل من خلاله إلى مكان خام الذهب، على أن تبدأ بعد ذلك مرحلة الإنتاج، وتفجير الأنفاق يأتى بعده مرحلة تطوير هذه الأنفاق من خلال أسمنت مضاف إليه مواد كيميائية معينة يتم رشه على حوائط النفق، بالإضافة إلى بنط وخوازيق من الحديد يتم وضعها داخل الحوائط لتجعلها متماسكة، على أن يراعى فى عمل الأنفاق أن تكون فى غير الصخور الموجود بها خامات الذهب، وفق مهندس التعدين. وفى المستوى «بتاح 810» كان الوضع مختلفاً، حيث تم فصلها عن غيرها بلافتات كُتب عليها «ممنوع الدخول»، بينما كان الوضع فى الداخل هادئاً، فقط مكان التفجير الذى يشبه التجويف فى باطن الحائط، وكميات قليلة من الصخور فى انتظار من ينقلها.
«طبعاً مفيش حد شغال هنا دلوقتى لأن معدة الإنتاج بتحفر تحت وبمجرد ما بتخلص بتيم تفجير المنطقة دية، وبعد ما يدخل واحد بجهاز قياس الهوا والغاز ونتأكد من سلامة المكان نبدأ نرفع الخامات وننقلها من المكان»، يقولها «هانى» قبل أن يوضح أن استخراج هذه الصخور يتم من خلال «لودر» يتحكم فيه السائق إلكترونياً نظراً لخطورة المكان الذى يوجد به الخام، وبعد أن يتم أخذ الخامة المراد الوصول إليها وتحميلها ونقلها إلى المصنع، يتم إغلاق المنطقة الخاصة بها بشكل كامل بحوائط خرسانية لخطورة الوجود فيها بعد ذلك.
التعدين السطحى
بعد الخروج من منطقة التعدين تحت الأرض كان التوجه نحو منطقة التعدين المفتوح، أو «التعدين السطحى»، وهى الجانب الآخر من المرحلة الثانية من مراحل استخراج ذهب السكرى، ففى إحدى عربات الدفع الرباعى، جلس على كرسى القيادة المهندس محمد فرغلى، مدير التعدين السطحى بمنجم السكرى، الذى أشار إلى وجود فوارق جوهرية بين التعدين السطحى والتعدين تحت الأرض، حيث يتركز عمل التعدين تحت الأرض على العروق التى بها كميات كبيرة من الذهب ومن ثم فهو يتعامل مع كميات أصغر من الصخور، على العكس من التعدين السطحى، فهو يتعامل مع كميات كبيرة وضخمة من الصخور، لذلك تكون المعدات المستخدمة فى التعدين السطحى أكبر من المعدات المستخدمة فى التعدين تحت الأرض، معبراً عن ذلك بقوله: «التعدين تحت الأرض بيدخّل فى اليوم عدد أطنان من الصخور أقل من اللى أنا بدخّلها لكن نسبة الذهب فيها بتكون كبيرة ومركزة، على العكس بقى فى التعدين السطحى، وفى النهاية بتكون النتيجة متقاربة»، مشيراً إلى أن السبب وراء العمل فى خطين متوازين هو العمل على زيادة إنتاجية الذهب فى المنجم.
«يا مصطفى.. دمبر 51 واقف ليه؟.. مينفعش يفضل مستنى محمل بالشكل ده»، كلمات وجهها «فرغلى» إلى أحد عمال منجمه، قبل توضيحه أن متوسط خام الذهب فى المنجم السطحى يصل إلى 1.6 جرام فى كل طن حجارة، مشيراً إلى أن الصخور ليست كلها بنسبة واحدة، كما أن هناك صخوراً لا يوجد بها ذهب فى الأساس: «فى الحالة دية بنضطر إننا نفجّر الصخور دية وننقلها على الدمبر لمكان تانى عشان نعرف نوصل فى الآخر للمكان اللى احنا عايزينه». قمة مرتفعة لها حواف أحيطت بأسلاك حديدية وقفت بجوارها سيارة «فرغلى» لنترجل بعدها إلى هذه الحافة وقد ظهر أسفل منها المنجم السطحى لجبل السكرى فى شكل «مصاطب» منحدرة لأسفل ترتفع كل واحدة منها عن الأخرى 20 متراً، وتم تصميمها بطريقة هندسية من أجل تدعيم حوائط الجبل عند التعمق لأسفل، ويوضح «فرغلى» طريقة سير العمل فى منجمه قائلاً: «المنجم متقسم 3 قطاعات، والعمل فى كل قطاع بيكون من خلال جداول أعدها المهندسون، واللى من خلالها بيتم توضيح طريقة الشغل فى كل قطاع والفترة الزمنية اللى هنشتغلها وكمية الحجارة والصخر وكمية خامات الدهب اللى هنخرّجها من كل مكان»، مشيراً إلى أن الهدف اليومى من عدد أطنان الصخر فى المنجم السطحى 200 ألف طن يومياً، وهو الأمر الذى يعمل من أجله 49 سيارة نقل «دمبر» لها قدرة تحميلية 150 طناً فى النقلة الواحدة.
التفجير والنقل.. آخر مراحل التعدين
تجهيزات طوال اليوم وحديث دائر بين هذا وذاك حول «التفجيرة» التى تتم فى آخر وردية النهار من كل يوم، حيث لا تسمح القوانين المصرية بعمل أى تفجيرات إلا مع بداية أول ضوء إلى نهاية آخر ضوء، لذلك تبدأ عملية التجهيز للتفجير فى الرابعة فجراً من كل يوم، وتكون البداية من مخازن المفرقعات لجلب المادة المتفجرة، وهى عبارة عن نترات الأمونيوم مضاف إليها سولار وأنواع أخرى من الزيوت، والتوجه بها إلى الحفر المجهزة فى المنطقة المراد تفجيرها لتتم عملية «الحقن» يليها ردم هذه الحفر بالحصى بعد أن يتم توصيل الأسلاك بين الحُفر وبعضها البعض.
فى الرابعة والنصف بدأت عمليات إخلاء الموقع بأكمله استعداداً لعملية التفجير، وبدأت موجات الراديو تستقبل نداءات المسئول عن عملية التفجير بضرورة إخلاء المكان خلال دقائق، ليقوم بدوره هو بعد عملية الإخلاء بتوصيل الشريط الموصل إلى جميع الحُفر بجهاز التفجير، ليبدأ بعدها العد التنازلى على موجة الراديو المخصصة لهم من الرقم 10 إلى الرقم 1، يأتى بعدها صوت تفجير مكتوم وغبار لم يرتفع عن سطح الأرض كثيراً ليختفى بعدها سريعاً، وهو ما يسميه المهندس «فرغلى» بالتفجير الحذر، يقول «التفجير مالوش مساحة معينة، وبيحددها مسئول التفجير مع المهندسين المختصين، إنما عمق حفرة التفجير نفسها فبيكون نحو 22 متراً.
التصنيع.. تحويل الصخور إلى ذهب
فتحة دائرية ضخمة لا يُرى ما بداخلها إلا من أعلى تشبه إناء ضخماً مقعراً، وتتوسطها يد كبيرة من المعدن، اتسع قطرها كلما انحدرت لأسفل إلى ما يشبه النفق، تلك هى «الكسارة» التى تستقبل الصخور التى يتم تفجيرها، وعلى جانبيها من الخارج وقف «دمبرين» على يسار أحدهما وعلى يمين الآخر كانت إشارتا مرور، تكونت كل واحدة منها من لونين، اللون الأحمر عند إضاءته لا يمكن لسائق «الدمبر» أن يلقى حمولته إلا إذا تحول لونها إلى اللون الأخضر. «العملية دية بيتحكم فيها واحد قاعد فى غرفة تحكم وقدامه شاشات بتوضح ليه كل حاجة»، يقولها المهندس «إسلام الأشقر»، نائب مدير مصنع المنجم، مشيراً إلى أن الوصول إلى خام الذهب الموجود داخل الصخور من خلال عملية الصهر يتطلب تقليل حجم هذه الصخور إلى نسبة صغيرة جداً تصل إلى 7 ميكرون، وهى نسبة لا يمكن مقارنتها بالأحجام التى تخرج من التفجير الذى يتم فى مرحلة التعدين.
يحتوى منجم السكرى، حسب «الأشقر»، على كسارتين رئيسيتين، تقدمان خدماتهما إلى مصنعين، أحدهما قديم أنشى فى عام 2010، والآخر أنشئ منذ 3 أعوام فقط، تستقبل كل منهما الصخور الناتجة عن التفجير بهدف تقليل حجمها، بحيث يتراوح متوسط حجم الصخرة بعد خروجها من المرحلة الأولى للكسارة ما بين 10 إلى 11 سنتيمتراً، لتدخل بعد ذلك على المرحلة الثانية من الكسارة التى تعمل على تقليل حجم الصخرة إلى 3 أو 4 سنتيمترات، ويكون هذا الحجم هو المنتج النهائى للكسارة.
حركة لا تهدأ طيلة اليوم لهاتين الكسارتين، فالصخور تأتى إليهما من كل مكان تبتلعانها واحدة تلو الأخرى، ليصل متوسط كميات الصخور التى تدخل إلى الكسارة الكبيرة فى الساعة الواحدة إلى نحو 1900 طن، بينما تصل فى الكسارة الأخرى إلى ما بين 1000 إلى 1500 طن فى الساعة، وفق ما أشار إليه «الأشقر»، موضحاً أن المرحلة التالية لذلك تأتى من خلال صب هذه المنتج عن الكسارة من خلال سيور متحركة فوق مجموعة من الأنفاق التى تقوم بدورها بتغذية المصنع من خلال التحكم فيها وفى الكميات التى تمررها إلكترونياً، وتنزل الكميات على سيور أخرى تنقلها إلى «طواحين» تتراوح قدرة طحنها بين 700 إلى 1000 طن فى الساعة الواحدة، على أن تخرج الصخور من الطواحين بعد ذلك بحجم 150 ميكرون، ويتم تجميعها فى تنكات يخضع فيها المنتج إلى مرحلة التعويم التى يتم فيها فصل خامة الذهب عن غيرها من خلال مواد كيميائية، وهذه المرحلة تعتبر هى بداية التركيز القوى للخام، وتكون نسبتها من 5 إلى 7% من إجمالى ما تم طحنه، ويخرج منها الخام بحجم 40 ميكرون ويتم تجميعه فيما يشبه الخزانات التى تقوم بفصل الخام المنتج عن المياه من خلال مواد كيميائية معينة، لتخرج بعدها إلى مرحلة أخرى تسمى بمرحلة إعادة الطحن، يخرج منها الخام بالحجم المطلوب وهو 7 ميكرون، ليتم فصله عن غيره من المواد بعد ذلك عن طريق خلايا كهربائية، ليتحول بعد ذلك إلى ما يشبه التراب بعد تجفيفه، ليتم تعبئتها فى أكياس من الأقمشة، تُلقى فيما بعد فى فرن الصهر بدرجة حرارة 1200 درجة مئوية وصبها بعد ذلك على قوالب فى شبه مدرجات تكون الدرجات الثلاث الأولى منها ذهباً وما دونها شوائب يعاد صبها مرة أخرى، ليتم إرسال السبائك بعد ذلك إلى كندا لتصفيتها.