من حق وزير الثقافة الجديد أن يضع للمثقفين الكتالوج الشرعى والباترون الإخوانى، ومن واجب المثقفين أن يصنعوا فناً مطابقاً للمواصفات القياسية العلائية عبدالعزيزية المونتاجية طبقاً لقوانين الرقابة الإرشادية المقطمية البديعية! ولذلك قررت كتابة قصة شرعية خالية من الازدراء والمواد الحافظة مناسبة لباليه «كسارة حبة البركة» مستعيناً بكتاب أبلة نظيرة الإخوانية فى فن طبخ القصة الشرعية، وأبلة نظيرة لمن لا يعرفها كاتبة عملاقة كتبت أكثر من عشرين قصة تحمست لها جميع ربات البيوت فقد أنقذتهن تلك القصص أثناء أزمة ورق العنب الأخيرة وكانت بالفعل قصصاً تأكل صوابعك وراها!
القصة التى أقدمها للوزير بعنوان «وا مصيبتاه وا حر قلباه وا ويلتاه على الحب الذى تاه»، وقد احترت كثيراً فى أسماء الأبطال حتى لا يرفضها ويمنتجها الوزير وعندما ادلهَمّ الخطب فتحت كتالوج الفضيلة الإخوانية حتى اهتديت إلى أن يكون اسم البطل «عكرمة بن الأعمش» والبطلة «الخنساء بنت المنخوع» وهى أسماء رومانسية مناسبة للمرحلة، وبعد أن تملكنى الاطمئنان على حسن البيان أطلقت لخيالى العنان وبدأت فى نسج أحداث قصة الحب غير المريض المتفجر بالفضيلة والمحتقن بالورع والمتورم بالروحانية:
المشهد الأول نهار داخلى.. عكرمة ساهراً يفكر وهو يحتسى عصير حبة البركة بدون تبغ، أمامه التليفزيون مضبوط على قناة الحافظ، حاول عكرمة أن يرسم لحبيبته بنت المنخوع لوحة -آسف بلاش لوحة لأن الرسم حرام- فلنجعلها حاول عكرمة رسم ملامح حبيبته بالخط الكوفى، وبعد استحضارها رقص من فرط السعادة -بلاش رقص دى كمان وبلاش السعادة من أصله لأن الاتنين حرام- فلنجعلها طار من فرط النكد والتجهم، استيقظ عكرمة صباحاً وارتدى جلبابه القصير الذى اشتراه من التوحيد والنور وتعطر بالمسك وهبط الدرج بخفة الناقة فى ساحة الوغى وذهب إلى حيث تنتظره الخنساء على يسار الرصيف -آسف بلاش يسار الرصيف- فلنجعلها يمين الرصيف، أو لمزيد من الأمان من نظرات الذئاب البشرية الجائعة، لنجعلها تنتظره تحت الرصيف، أشاحت الخنساء بالجزء الظاهر من وجهها ولمزيد من النقاء والروحانية عبر عكرمة نهر الشارع بقفاه مغلقاً عينيه احتراماً لغض البصر حتى التقيا فى منتصف إشارة المرور وسرعان ما انطلقت شرارة الحب وأرسل قرص الشمس الأحمر الدامى أشعته الذهبية ليحمى حب عكرمة وبنت المنخوع العذرى، رفع عكرمة سندوتش الثريد نحو الشمس نازعاً منه ثمرة الخيار النجسة لتنزل الفيناله على صوت عبدالحليم -آسف عبدالحليم ازدرى فى «لا تكذبى»- إذن تنزل الفيناله على صوت وجدى غنيم مع غياب الأفق اللازوردى والناقة تدهس جسد العاشقين فى منتصف الشارع جزاء على لقائهما الآثم، فوا ويلتاه على الحب الذى تاه.
أتمنى من الوزير قبول قصة هذا الباليه الشرعى وعرضه فى مصلحة الطب الشرعى بعد إغلاق الأوبرا.