من حقنا أن نتساءل: لماذا بقيت كل من قطر وإسرائيل وإيران بعيدة عن أى تفجير مثل كل بلدان أوروبا والشرق الأوسط؟
منذ عهد حسنى مبارك (تفجير كنيسة القديسين) ومروراً بسنوات مصر العجاف منذ أحداث يناير الفوضوية وهدم مؤسسة الشرطة كهدف رئيسى، ظلت الكنائس المصرية هدفاً لكل أنواع التنظيمات المتطرفة.
ولعل التفاف الأقباط حول نداء الرئيسى «السيسى» ومساندة الأنبا تواضروس لثورة يونيو، من أهم حوافز ضرب الأقباط.
سواء كانت أمريكا أو إسرائيل أو قطر أو إيران أو تركيا، فإن العواصم الأربع تنقل مخططات دولية مخابراتية تخدم أغراض الدول الثلاث غير العربية الحاكمة باستعباد العرب، وهى إسرائيل وإيران وتركيا، ولكل منها هدف مختلف فى التوسع على حساب العالم العربى، ولكنهم متفقون جميعاً على هدم القومية العربية، ولكل غرض فى أحلامه سواء بعودة الإمبراطورية التركية أو الفارسية، أو إنشاء دولة من النيل إلى الفرات، أما قطر فهى مجرد جندى مطيع موظف لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تنفذ بطاعة عمياء تعليماتها.
من هذا المدخل على المصريين أن يسألوا أنفسهم: لماذا إيران وإسرائيل وقطر بلا تفجيرات بل وتعالج إسرائيل مصابى الجهاديين فى سوريا؟
ولماذا تتحرك قطر بسرعة مع السودان وإثيوبيا، وطبعاً داخل سوريا، ومع تركيا؟ فالهدف هو القضاء على الدول العسكرية الكبرى حول إسرائيل وهذا هدف أمريكى إسرائيلى بدأ بالعراق، ثم سوريا ثم مصر (لولا وقفة السيسى ومعه الشعب المصرى والتفاف أقباط مصر حوله).
إن المشاهد السياسية لا يجوز تحليلها فرادى، فهى مثل «لعبة الميكانو» تضع القطع المتناثرة بجوار بعضها فتقرأ اللوحة كاملة عنوانها أمريكا، فالهدف المخطط لهدم الدول العربية الكبرى تحت دعوى إتاحة الفرصة لقيادة الدول الصغيرة الشابة مثل قطر للدول العربية، فيكون «القرضاوى» خطيب ميدان التحرير، و«الجزيرة» منبر المصريين ويكون ضباط المخابرات القطرية هم قادة ليبيا.
إن إحياء الصراع السنى الشيعى بين إيران والسعودية ودول الخليج، مقدمة للقضاء على إيران، كما كان غزو العراق لإيران مقدمة للقضاء على العراق، وإن جر تركيا للملعب السورى بإيعاز من قطر وثمن مدفوع مقدماً من أموال الشعب القطرى هو مقدمة لتفتيت سوريا والعراق وإيران وتركيا نفسها بإنشاء دولة كردية، واللعبة سهلة مجموعة من البلهاء والغرباء والمهووسين دينياً يسيطرون على قطعة أرض فى العراق وسوريا ويعلنون دولة سنية هى دولة داعش، ثم يقاومهم الأكراد بالسلاح الأمريكى فتعلن كركوك عاصمة كردستان العراق، إذاً ما الحل مع مصر التى ليس فيها صراع سنى أو شيعى؟
فليكن الصراع المصرى الوحيد هو حرب قبطية إسلامية، وليس مسلسل يوغوسلافيا ببعيد، إذ انقسمت إلى البوسنة السنية والعرب المسيحية الأرثوذكسية، وكرواتيا المسيحية الكاثوليكية، وكان هذا بداية تفكيك شرق أوروبا بالكامل ضمن مخطط تفكيك الاتحاد السوفيتى بالثورة البرتقالية، التى لا مانع أن تكون دموية أحياناً، ولقد جرت عدة محاولات لتفجير الكنائس أثناء ثورة يونيو بواسطة تنظيم الإخوان خاصة فى الصعيد، ولكن البابا تواضروس قال قولته الشهيرة إن لم يكن لنا كنائس فسنصلى فى المساجد، وأغلق بهذا باب الفتنة أمام كل أجهزة مخابرات العالم.
وعموماً إذا أردت السبب فتش عن أمريكا، هذا ما تعودناه من هذه الدولة المتعددة الأوجه، فهى تضحك فى وجهك وتطعنك فى ظهرك، وأخشى أن يكون «ترامب» حصل لأمريكا على عدة مليارات من دول الخليج تحت وازع الدفاع عنهم ضد إيران والبدء بضرب سوريا لهزيمة إيران، والجليطة وقلة الذوق أن يتم ضرب سوريا والرئيس الصينى معه على العشاء والرئيس السيسى يغادر أمريكا قبلها بليلة واحدة وملك الأردن ما زال فى أمريكا، فما خفى كان أعظم، هل عادت خطة «أوباما» لتفتيت الدول العربية الكبرى مرة أخرى، وإلا أحدكم يفسر لى لماذا فرحت هيلارى كلينتون وخرجت مسرعة تعلن تأييدها للضربة العسكرية؟ احذروا الأمريكان ليس لهم عهد ولا وعد.
وختاماً: إن استمرار هذا المسلسل التفجيرى يشكل تحدياً كبيراً أمام أطراف ثلاثة:
أولاً: مسلمو مصر عليهم أن يجعلوا أقباط مصر يشعرون بمزيد من الدفء والحب والالتفاف حولهم، ورعاية مطلبهم من كافة المسئولين والجيران والجامعات والمدارس، فالجرح القبطى غائر وألم النفوس واعر، وهم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم صهرنا ونسبنا وجب علينا الوقوف بجانبهم فى هذه المأساة التى يدفعون ثمنها بسبب موقفهم الوطنى من مصر.
ثانياً: الحكومة المصرية مطالبة بتقديم تسهيلات عديدة فى بناء الكنائس التى من الواضح أن كنائسهم القديمة اكتظت بالسكان، وكلما كثرت الكنائس قل الزحام وسهلت السيطرة على الموقع ويجب أن يصاحب هذا برنامج سريع لأسوار وبوابات محيطة بالكنائس خاصة الرئيسية التى يتجمع فيها أكبر الأعداد فى المناسبات الدينية للأقباط.
ثالثاً: الإعلام المصرى والمدارس والجامعات والجمعيات الأهلية، عليهم تقديم مبادرة شاملة فى كل المواقع تحت شعار «أخى المصرى القبطى نحن معك»، انشروا الكلمة الحانية والمشاعر الإنسانية المشتركة، واجعلوا أعياد الأقباط المصاحبة لشم النسيم عيداً لمصر كلها بالبهجة والسرور والأمل.