نقاد: السينما تعكس قضايا المرأة الواقعية فى المجتمع
سعاد حسنى فى «القاهرة 30»
على مدار تاريخ السينما المصرية، اهتم صناع السينما بطرح عدد من قضايا المرأة من خلال الأعمال السينمائية، منها ما اعتبر طرحاً قوياً كما هو الحال فى فيلم «أريد حلاً» الذى أخرجه سعيد مرزوق، وكتبت قصته الكاتبة الصحفية حُسن شاه، وتناول علاقة الرجل والمرأة، وامتد تأثيره إلى تغيير قانون «بيت الطاعة»، وبعض الأفلام وقف دورها عند طرح المشكلة كما هو دور الفن بشكل عام. ويرى النقاد الموضوع من عدة زوايا، بعضهم يشير إلى أن ما تطرحه السينما هو محصلة للواقع المجتمعى، أو لتوجه فكرى عام، وأنه سيتم طرح المزيد من الموضوعات المستجدة فى الفترات المقبلة، فيما يرى آخرون أن المخرجين تبنوا قضايا المرأة فى أفلامهم أكثر من المخرجات أنفسهن.
محمود عبدالشكور: «بركات» و«مرزوق» و«خان» أفضل المخرجين معالجة لقضايا المرأة.. وأعمالهم أكثر حساسية وعمقاً
الناقد محمود عبدالشكور قال إن المرأة فى السينما المصرية ترجمت صورتها بما يناسب صورة المجتمع نفسه، ففى الماضى كانت المرأة مهمشة، وكان ظهورها فى الأفلام عبارة عن وسيلة للبهجة والإغراء الجنسى أحياناً فقط، ولكن فى الستينات عبّر المخرجون عن وجود المرأة بدور أكبر، فظهرت نماذج غير مسبوقة للمرأة، فى شكل ساخر مثل فيلم «الأستاذة فاطمة» لـفطين عبدالوهاب، ثم تحول شكل المرأة من الشعبية إلى القوية فى فيلم «السفيرة عزيزة» للفنانة سعاد حسنى من إخراج طلبة رضوان، والمرأة التى تعلمت وازداد لها الوعى مثل فيلم «الباب مفتوح» عن رواية لطيفة الزيات.
وأضاف «عبدالشكور»، لـ«الوطن»: «يمكن أن نلمس قضايا المرأة فى أعمال 3 مخرجين مصريين أولهم هنرى بركات، الذى قدم مجموعة من أهم أفلامه مع الفنانة فاتن حمامة مثل فيلم (أفواه وأرانب) الذى تعاطف بشدة مع المرأة رغم جهلها، وفيلم (إمبراطورية ميم) وهو من أكثر المخرجين حباً واحتراماً للمرأة، وتابع التطور الذى حدث فى صورتها، والمخرج الثانى سعيد مرزوق، فكانت المرأة عنده محورية وكان متعاطفاً معها فى فيلم (أريد حلا) وفيلم (زوجتى والكلب) وفيلم (الخوف)، فهو من أكثر المخرجين اهتماماً بصورة المرأة المصرية، والمخرج الثالث محمد خان وهو من أكثر المخرجين الذين قدموا نماذج نسائية، وظهر ذلك مؤخراً فى فيلم (فتاة المصنع) لفتاة ليست متعلمة ولكنها شديدة الاعتزاز بكرامتها وأنوثتها وشخصيتها، إضافة إلى شخصية (منى) فى فيلم (زوجة رجل مهم)، وهؤلاء مخرجون أنصفوا المرأة وعبروا عنها باحتراف شديد، وقدموا أفلاماً أفضل كثيراً من أفلام نادية حمزة وإيناس الدغيدى».
وأوضح «عبدالشكور» أن المخرجين الذكور كانوا أكثر حساسية وعمقاً فى تقديم النماذج النسائية من المخرجات، مثل المخرجة إيناس الدغيدى التى قدمت أفلاماً بها تعاطف مع المرأة إلا أن فيها مشكلات فنية، فليس من المهم أن تتعاطف مع المرأة ولكن المهم أن تعبر عن ذلك التعاطف، ومن أفضل المخرجات هالة خليل وكاملة أبوذكرى.
«السينما المصرية أنصفت قضايا المرأة».. هذا ما أكده الناقد محمود قاسم، فى بداية حديثه عن حال المرأة، مؤكداً أن «السينما أنصفتها بشكل واقعى باختلاف الأزمنة وتطور الكتاب، فمنذ قيام ثورة 52 كانت تظهر المرأة فى معظم أدوارها بدور الراقصة فقط، حتى عندما ظهرت فى دور (محامية) قال لها يوسف وهبى (عليك لعنة الفلاح) فالمجتمع لم يكن متقبلاً للمرأة إلا العمل الأدنى فى المجتمع، ولكن بعد الثورة أصبحت المرأة تشارك فى النضال مثلما حدث مع فاتن حمامة فى فيلم (الله معانا) وفيلم (أنا حرة) للفنانة لبنى عبدالعزيز، وأصبح هناك تغيير فى شكل المجتمع».
وأشار «قاسم» إلى أن السينما أصبحت تقدم المرأة بصورة مختلفة من خلال دورها الواقعى فى المجتمع وأصبحت تتعرض لنفس قضايا الرجل، وتواجه المشاكل نفسها وأصبح من حقها أن تكون وزيرة، وتستطيع أن تثبت نجاحها أو فشلها كما حدث فى فيلم «تيمور وشفيقة» حيث كانت منى زكى وزيرة وظهر الرجل فى صورة حارس لها فقط.
وعن تنوع صورة المرأة فى السينما أوضح «قاسم» أن السينما قدمت أغلب صور المرأة، ومنها المرأة المديرة، والقاتلة، ورئيس العصابة، والمعلمة، وجاء الاختلاف فى شخصيتى «سمارة» و«توحة» اللتين قدمتها تحية كاريوكا وهند رستم، ولكن كان واضحاً فى الأفلام أن الرجل كان يتعامل مع المرأة باعتبار أنها أداة فقط ولم يرَ أنها تستطيع أن تقيم حياة كاملة، فالسينما المصرية ما زالت تتعامل مع المرأة على أنها سلعة، مثل الأفلام كالتى قدمها السبكى ويعمل فيها على تكرار ظهور الراقصات.
وتابع: «معظم أفلام الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تعبر عن حال المرأة، رغم أنه رجل مخضرم عاش فترة كبيرة بين السيدات، وعلى النقيض من ذلك هناك من المخرجات مثل إيناس الدغيدى وأسماء البكرى، وكاملة أبوذكرى من لم يولين قضايا المرأة اهتماماً واضحاً وصريحاً، ولكن المخرجة نادية حمزة اهتمت بتلك المسألة فى فيلم «نساء صعاليك».
من جانبه، يرى الناقد كمال رمزى أن السينما أنصفت المرأة المصرية وقضاياها، فمثلاً أفلام لبنى عبدالعزيز ظهرت فيها بشكل مختلف، كما فى فيلم «أنا حرة» قصة إحسان عبدالقدوس، فذلك الرجل كان له فضل كبير فى تقديم نماذج من بنات عصر الستينات بشكل بالغ الوضوح والجرأة فقد نقل صورة المرأة المغلوبة على أمرها إلى صورة البنت الفعالة، كذلك فيلم «أين عمرى» فهو لم يكن فقط سؤالاً للبطلة، إنما سؤال كل بنات جيلها.
وأضاف «رمزى»: «معظم الفنانات قدمن المرأة المصرية بصورة خاصة بهن، ففيلم (لا أنام) قدم صورة الفتاة التى تنتقم ولها قدرة على دعم الشر، حتى ظهر جيل الانتقام متمثلاً فى الفنانة نبيلة عبيد ونادية الجندى، المرأة التى تنتقم من المجتمع بأكمله بعد أن ظلمها، وكان المخرجون الرجال الأقوى فى عرض قضايا المرأة، خصوصاً أن تاريخ الإخراج النسائى لم يسجل سوى 4 مخرجات فقط وكان السواد الأعظم من الرجال».
وقالت الناقدة ماجدة خيرالله إن هناك العديد من الأفلام التى تناولت مشكلات المرأة بقدر معقول، مثل أفلام «لا عزاء للسيدات»، «الباب المفتوح»، «الطريق المسدود»، وغيرها، لكن ما زال هناك بعض القضايا لم تطرحها مثل ضرورة إذن الرجل للمرأة فى السفر وفقاً للقانون، مضيفة: «أفلام السينما تواكب مستجدات الواقع والمشكلات، فعندما ظهر موضوع التحرش الجماعى فى المجتمع، قدمت السينما (المغتصبون) للمخرج سعيد مرزوق، الذى قامت ببطولته ليلى علوى، وفيلم (اغتصاب) للمخرج على عبدالخالق، وغيرها من الأفلام التى تناولت الموضوع، وعندما ظهرت مشكلة التحرش بشكل كبير تم عمل كثير من الأفلام تناولت الموضوع».
وأشارت «خيرالله» إلى أن أغلب الذين طرحوا هذه المشكلات من الرجال المخرجين، لأن عدد المخرجات ما زال قليلاً، ولا يمكن أن تقف حدود أعمالهن عند قضايا المرأة فقط، ولفت الانتباه إلى مثل هذه الموضوعات هو فى صميم دور الفن بشكل عام، وبعض القضايا يقف فيها دور السينما عند الطرح لأن الموضوعات الكبرى تحتاج هزة من المجتمع لإحداث حالة التغيير المطلوب.
وترى الناقدة السينمائية حنان شومان أن السينما المصرية على مدار تاريخها طرحت العديد من قضايا ومشكلات المرأة من خلال العديد من الأفلام، لكن قضايا المرأة فى سينما الأبيض والأسود كانت أكثر منها فى سينما الألوان، وفى الوقت الحالى يجرى طرحها على استحياء. وتابعت «شومان»: «أغلب الذين طرحوا قضايا المرأة من الرجال، ومعروف أن قاسم أمين هو الذى طرح من قبل قضية تحرير المرأة، ومثلاً تامر حبيب من أفضل من يكتب عن مشاعر المرأة، والتأثير يحدث عندما يكون الطرح قوياً وجاداً بدليل تعديل قانون بيت الطاعة بعد فيلم (أريد حلاً)».