وصلتنى هذه الرسالة المهمة من الباحث ماهر فرغلى، المتخصص فى دراسة حركات الإسلام السياسى، وأتمنى الرد من مؤسسة الأزهر على أسئلته تحقيقاً للصالح العام وعدم اعتبار أى تساؤل أو نقد هو نقد للإسلام كما قيل فى بيان الأزهر الأخير، وإذا كان كلامه صحيحاً فليتم اتخاذ إجراءات التطهير من الإخوان، وإذا كان كلامه خاطئاً فسننشر تصحيحكم لتلك الوقائع التى ذكرها وسنعلن على الملأ أن الأزهر ليس فيه إخوان، يقول «فرغلى»:
مرة أخرى أكتب عن الأزهر، وهو من وازع دينى ووطنى بحت، ولا علاقة له مطلقاً.. لا بأشخاص، أو مؤسسات، أو أى هيئة ما.
السؤال عن محمد السليمانى، وهذا الرجل هو مستشار شيخ الأزهر لتحقيق التراث، وهو جزائرى، وممنوع من دخول الجزائر.. حصل على الجنسيتين الصربية والإيطالية مكافأة له على إنجاح والده الشيخ السليمانى اللقاء الذى تم فى سانتى جيديو بروما للحركات الإسلامية الجزائرية عام ١٩٩٤.
الشيخ الطيب جلس سبعة أشهر للتفرغ للقراءة فى المكتبات، والتقى السليمانى فى فرنسا.. أخت السليمانى متزوجة من سعودى سلفى بمكة، وهى دكتورة، ومحققة كتب تراث مثل شقيقها الذى حصل على إقامة طويلة الأمد بالمملكة.
السليمانى من جماعة إخوانية قطبية تسمى بالجزائر «الجزأرة» بقيادة محمد سعيد، وهى معروفة بالاغتيالات، فهى التى اغتالت اليد اليمنى للشيخ محفوظ نحناح زعيم إخوان الجزائر الشيخ بوسليمانى.
محمد السليمانى تربطه علاقات مع أجهزة أمنية إيطالية، وراتبه من إيطاليا، هو وبعض المستشارين الذين كانوا يومياً بالاتحادية أيام مرسى وعند مدير ديوانه المستشار السابق للشيخ الطيب، السفير الطهطاوى.
محمد السليمانى، هو من اضطلع بدور التقريب بين الأزهر والسعودية، ونجح فى ذلك كثيراً، لأنه سلفى من أخمص قدميه لمفرق رأسه، وجمع المئات من طلابه فى تحقيق التراث بالأزهر، واختارهم بعناية، حيث كلهم سلفيون.. ولاحظوا أن من يقوم بتحقيق التراث هم سلفيون أصوليون متشددون، فلا تستعجبوا أن لا يحدث أى تقدم فى موضوع تجديد الخطاب الدينى حتى الآن.
لم يكن هؤلاء السلفيون فقط وحدهم داخل المؤسسة العريقة، بل وحتى عام 94 كان الإخوان قد سيطروا على أغلب أروقة هذه المؤسسة، ولما اندلعت الثورة فى 25 يناير تم اختيار معظم المستشارين منهم، كما أعيد تشكيل هيئة كبار العلماء لتشمل فيما شملت رجالاً لم يكونوا يلبسون عمامة الأزهر، مثل حسن الشافعى، فلبسوا العمامة حين تم تكليفهم بأن يكونوا أعضاء فى أكبر هيئة دينية، ولاحظوا أن مستشارى الشيخ، وبعض أعضاء هيئة كبار العلماء، كانوا إما إخواناً أو جماعات تكفير، أو تابعين للجماعة الإسلامية، على سبيل المثال لا الحصر: محمد عمارة، والشافعى، ومحمود مهنا، الذى كان عضو الجماعة الإسلامية بأسيوط، وحتى غير التابعين للجماعات مثل عباس شومان، هم أصوليون متطرفون، وراجعوا فتواه الأخيرة بحرمة الاحتفال بالمولد النبوى، وهى طبق الأصل من فتوى المدرسة السلفية العلمية، رغم أنه فى تاريخ الأزهر لم ترد من علمائه الوسطيين فتوى مشابهة.
كان أكبر القرارات التى اتُخذت فى غفلة من الجميع، هو تعيين 6333 إخوانياً فى مؤسسة الأزهر، بإمضاء رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف!!.. ولعل أهم الأسباب التى دفعت «شرف» لذلك هو صفوت حجازى الذى تم تعيينه مستشاراً دينياً لرئيس الوزراء عصام شرف، من أجل إرضاء الإخوان.
عقب تلك القرارات فوجئنا بمظاهرات الإخوان أمام مقر «الطيب»، وكان من يقودها هو محمد البلتاجى القيادى المعروف، الحاصل على شهادته أيضاً من الأزهر.
فى الناحية الأخرى، كان الشيخ على جمعة يقوم بمشروع آخر، لإصلاح دار الإفتاء، أهم ما فيه، هو هيكلة المؤسسة، ودعمها بشباب علّمهم على يديه، وأنفق على جلهم من أمواله الخاصة، ثم قام بتعيينهم فى دار الإفتاء، وكلهم لم يحصلوا على أية شهادة أزهرية، لكن فيما بعد درسوا وحصلوا على رسائل ماجستير وخلافه بدعم منه، مثل عمر وردانى، أمين الفتوى الآن، وإبراهيم نجم، ومجدى عاشور.. إلخ إلخ.
لن أفصّل فى موضوع اللوبيات، والفساد المالى، فهذا تكلم فيه آخرون، إلا أننى أضرب مثلاً بشخصية رفيعة، سأحتفظ باسمها، فى مجمع البحوث الإسلامية، وقد رأى أن الأزهر يحتاج إلى ورق لطباعة كتبه الدراسية، فقرر على الفور أن يفتتح مصنعاً شخصياً، ويورد للأزهر، ليكون كما قال لمقربين «زيتهم فى دقيقهم».
لب الموضوع أن موضوع التجديد الدينى لم يرق، ولن يرقى لكل هذا اللوبى السلفى الإخوانى مطلقاً ولا تنتظروا منه شيئاً، وسأضرب مثلاً حين تكلمنا عن كتاب الاختيار، وهو كتاب فى الفقه الحنفى يدرس فى الثانوى الأزهرى، وهو كتاب يتحدث عن جواز قتل الأسرى، وقتل الأقباط.. إلخ إلخ، قاموا بإلغائه، ثم أعادوا طباعته لكن تحت عنوان «مختارات من الاختيار»، فهى طريقة للمداراة وليست للإلغاء أو التجديد.