أكاديمية الإمام الرائد لدراسة التصوف في مقابر الغفير..اذكر الله
«السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.. نسأل الله لنا ولكم العافية».. ليس غريبا أن يكون دعاء زيارة المقابر هو ما يستهل به طلاب أكاديمية «الإمام الرائد لدراسات التصوف وعلوم التراث» يومهم عند دخول الأكاديمية، فالأكاديمية تقع وسط مقابر «الغفير» على طريق صلاح سالم.
طلاب الأكاديمية يمرون كل يوم على ممر ترابى من مدخل «القرافة» وحتى وصولهم إلى مسجد «العشيرة المحمدية» الذى يقع إلى جوار الأكاديمية. اختيار هذا المكان لإنشائها لم يكن محض صدفة ولكن قبل سنوات حط به الإمام الشيخ محمد زكى إبراهيم رائد العشيرة المحمدية الذى حمل لقب «أبوالبركات»، والذى قال عنه الشيخ الشعراوى: «أشهد الله أنه إذا كان لى شيخ فشيخى هو الإمام زكىالدين».
«هنا طلبة من أرقى المستويات وهذا هو المكان الوحيد الذى سيدفعهم إلى معرفة أن كل شىء زائل إلا وجهه».. قالها وريث الإمام وخلفه فى الريادة الشيخ عصام محمد زكى إبراهيم الذى قرر إنشاء هذه الأكاديمية إلى جوار المسجد فى هذا المكان، الذى يدفع الإنسان للتدبر والتأمل فى الحياة والموت فهو أكثر الأماكن مناسبة لدراسة التصوف وإدراك معانيه.
شواهد قبور ولوحات رخامية تدلك على أن هنا يرقد السيد عمر مكرم وفى أخرى طلعت حرب وثالثة الإمام النواوى.. هؤلاء هم مجاورو الأكاديمية من الأموات، أما الأحياء فبعد عدة «أحواش» تجد أطفالا يلعبون الكرة ويمرحون فى صخب غير عابئين بمن ماتوا ولا مفكرين فى كم من العمر تبقى حتى يلحقوا بهم تحت الثرى.
«رؤساء وأمراء ووزراء وسفراء كانوا يأتون لزيارة مولانا الإمام فى مكانه فى القرافة»، يتذكر ولده الشيخ عصام زيارات محمد نجيب وعبدالناصر والسادات: «رغم أن مبارك منح الإمام وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى فإنه لم يكن يعرف معانى الصوفية وقيمها، لكن السادات كان صوفيا من الطراز الأول».
«البدايات لها دلائل والنهايات أيضا كذلك والمتأمل للحال سيعرف من هو الرئيس القادم»، بنظرة عميقة ونبرة خافتة نطق بها الشيخ عصام وكأنه يحفر بئرا عميقة ليخرج فى النهاية بكوب ماء لمن يسير فى صحراء شاسعة على غير هدى.