بعد أيام يبدأ شهر رمضان المعظم وسط تخوف جماعى من ارتفاع أسعار السلع والخدمات اليومية نظراً لأن احتياجات الأسرة فى رمضان تتضاعف تكاليفها، لأن الصيام عن الطعام طوال اليوم يعطى إحساساً لدى الإنسان بالحاجة إلى كميات كبيرة ومتنوعة من الطعام، وخوف الصائم من أن يكون ما لديه من كميات الطعام لا يكفى يدفعه إلى شراء أنواع وكميات أكبر وأكثر.. كما أن مأكولات رمضان التراثية من كنافة وقطايف ومكسرات وعصائر وياميش وحلويات تفرض نفسها على ميزانية الأسرة.. وإذا أضفنا اللقاءات الأسرية والإفطار الجماعى المحبب للجميع من الأهل والأصدقاء سنجد حتماً تضاعف المصروفات خلال الشهر الكريم عن غيره من الشهور.
وفى ظل غلاء الأسعار المتزايد وانفلات السوق الذى لا يجد من ينظمه!! وفساد ذمم معظم الوسطاء بين المنتج والمستهلك وتنامى ظاهرة الاحتكار السلعى والزيادات العشوائية فى أسعار كل شىء أصبح انتظار شهر رمضان يمثل ترقباً قلقاً لدى كل المواطنين كبيرهم وصغيرهم وغنيهم وفقيرهم.
كما يأتى شهر رمضان مع بداية ساخنة جداً لشهر الصيف حيث ارتفعت درجات حرارة الجو لما فوق الأربعين درجة مئوية.. والصيام والحر يؤديان إلى النرفزة السريعة مع أقل احتكاك أو خطأ يرتكبه البعض نتيجة الازدحام أو التكدس المرورى أو المجادلة.
ويتخوف البعض من أن حالة العجز عن تلبية الاحتياجات اليومية للأسرة وتوترات الصيام ونفاد الصبر لدى البعض خاصة الفقراء قد يؤدى إلى صدامات متنوعة فى المجتمع. ولكل الخائفين والمترقبين والمتشائمين والمحبطين نقول: إن شهر رمضان هو شهر الله، فيه الخير والبركة والرحمة من الخالق سبحانه فى هذا الشهر الكريم وهو ليس خاصاً بالمسلمين فقط بل هو لكل مخلوقات الله ومنهم البشر.. وفى تاريخ الحضارات والأديان تبرز حقيقة تفضيل ساعة بعينها وليلة ويوم أسبوعياً وشهر واحد كل عام مفضلة عن سائر التوقيتات الأخرى وجميعها مرتبطة باختيار الله للتوقيت ويحدد فيه شكل الحياة والعبادة والدعاء عبر سنن الرسل والأنبياء.. وفى اليهودية نرى يوم السبت محرماً فيه كل العمل الدنيوى ومخصصاً للعبادة فقط.. والأحد عند الإخوة المسيحيين موعداً للعبادة والصلاة الجماعية والوعظ بالكنيسة. وفى الإسلام يوم الجمعة للصلاة الجماعية وتجمع المسلمين والخطبة والحرص على تأدية الصلاة فى موعدها فلها ثواب كبير.
وإذا كانت الأديان السماوية قد حدد كل منها يوماً معيناً فى الأسبوع فإنها جميعاً اتفقت على شهر واحد مفضل فى الأرض والسماء حدده الخالق سبحانه وهو شهر رمضان المعظم الذى يحتفى به علماء كل الأديان سنوياً ويعرفون قدره وبركته وعطاء الله سبحانه ورحمته بعباده خلال هذا الشهر..
رمضان إذن شهر مبارك لكل المخلوقات يفيض فيه الخير والسلام والرحمات والعطايا من السماء إلى الأرض وهو شهر عبادة وفرح وعمل وأمل ورجاء وتطهر وتوبة من الذنوب.. فهل يدرك الخائفون المتشائمون المحبطون ذلك؟
إننى أدعو السادة القراء إلى التفاؤل برحمة الله.. ولا تجعلوا من تخيلاتكم وتوقعاتكم المحبطة عوائق وأحزاناً وسدوداً تقنطكم من رحمة الله فى شهر الكرم والرحمة.. وعلى المسئولين عن توفير الطعام والخدمات أن يرحموا الناس فى الشهر الكريم ليرحمهم رب السماء.. وعلى من يتحكمون فى أسعار السلع أن يخفضوا الأسعار وأن يرضوا بالمكسب القليل مضافاً إليه دعوات الناس لهم فى رمضان وهو مكسب ضخم وناتج لو تعلمون عظيم فى الدنيا والآخرة.. واحذروا دعاء المظلوم الصائم الجائع فدعوته تصل إلى السماء بلا عوائق ويتفضل الخالق سبحانه ويستجيب للدعوة فوراً، والأمثلة كثيرة.
اللهم تقبل صيامنا وعملنا وانصر مصرنا يا كريم.. والله غالب.