مصادر: «سعودية تيران وصنافير» ثابتة منذ 6 عقود.. ولم تُسل نقطة دم واحدة من أى جندى مصرى على الجزيرتين
الخرائط الجيولوجية لجزيرتى تيران وصنافير
قالت مصادر رسمية معنية بملف ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، إن حكومات مصر منذ العهد الملكى، مروراً بالعهد الناصرى، حتى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، طوال أكثر من 6 عقود متتالية، تعترف بوثائق مكتوبة، وخطابات متبادَلة مع الجانب السعودى بأن ملكية الجزيرتين تعود إلى السعودية، وأن استيلاءنا عليهما جاء بالاتفاق مع «المملكة» لأغراض عسكرية فرضها الصراع مع إسرائيل أواخر عام 1949، وبعد احتلال قرية «أم الرشراش»، مشدّدة على أنه لم توجد أبداً مسألة نزاع على السيادة للجزيرتين بين «القاهرة»، و«الرياض».
وجود مصر الفعلى على «تيران» دام 6 سنوات فقط.. ونتائج الترسيم متطابقة مع «قرار مبارك».. والطبيعة الصخرية للجزر أفشلت محاولة شق «قناة بن جوريون»
وأضافت المصادر لـ«الوطن»: «مصر لم تمارس وجوداً فعلياً على جزيرة تيران إلا لمدة 6 سنوات فقط فى تاريخها، منذ عام 1950 حتى عام 1956، كما استفادت مصر من الجزيرتين طوال فترة إدارتها لهما خلال الأعوام السابقة».
وعما تردّد حول حق الجنود المصريين الذين سالت دماؤهم على جزيرتى تيران وصنافير، فقد شدّدت المصادر على أنه لم يحدث أن استُشهد جندى مصرى واحد على الجزيرتين، وأن الثابت بالأدلة أن نقطة دم واحدة لم تسل على هاتين الجزيرتين، ولم تكن أى منهما ضمن أى معركة عسكرية، لا حديثاً، ولا قديماً، لأنهما بعيدتان كل البعد عن «ساحات القتال».
وشدّدت المصادر على أن موضوع الجزيرتين يجرى بحثه بين الدولتين منذ أكثر من 15 عاماً، وهناك خطابات رسمية متبادَلة سابقة أقرت فيها مصر بحق السعودية لهاتين الجزيرتين.
واعتبرت المصادر أن تنفيذ مشروع الجسر البرى بين السعودية ومصر من أسباب توقيت الإعلان عن «الاتفاقية»، حيث ترفض إسرائيل مد أى جسر بين مصر والسعودية عبر مضيق تيران أو خليج العقبة، وتعتبره خرقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة بمعاهدة السلام «المصرية - الإسرائيلية».
لا يجوز عرض الاتفاق لـ«الاستفتاء الشعبى» لأننا لا نتنازل عن أراضينا.. وترسيم الحدود البحرية يحتاج إلى رجال القانون والمساحة والجغرافيا والتاريخ
وعن إمكانية تأجيل الاتفاقية إلى أجل غير مسمى، شدّدت المصادر على أن النظام المصرى الحالى لا يقبل التسويف، ويعتبر ما كان يحدث فى الماضى مجرد تأجيل للأمر، وليس حسمه.
وأوضحت المصادر أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان حريصاً على الاطمئنان على صحة مواقع ترسيم الحدود مع «الرياض»، مشيراً إلى أن نتائج لجنة «تعيين الحدود» جاءت مطابقة لنتائج اللجنة القديمة لتحديد نقاط الأساس المصرية، لقياس البحر الإقليمى، والمنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر فى عام 1990، التى أصدر الرئيس الأسبق حسنى مبارك قراراً بشأنها.
وأضافت المصادر، أنه تم استخدام أحدث الأساليب العلمية لتدقيق النقاط، وحساب المسافات، مشدّدة على أن نتائج اللجنة مطابقة لنتائج عام 1990.
وشدّدت المصادر على أن الدولة المصرية لا تُفرط فى أى ذرة من تراب الوطن، موضحة أن مسألة جزيرتى تيران وصنافير متعلقة بالحقوق التاريخية، والقانون الدولى، والوثائق التى تثبت ملكية الجزيرتين لـ«المملكة».
توقف البترول السعودى كان متعلقاً بأزمات داخلية بقطاع النفط وغير مرتبط بـ«الاتفاقية» و«نعيد الأمانة لأهلها»
وأكدت المصادر حرص الحكومة المصرية على عدم التدخل فى قرارات القضاء، حيث إن حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، أعقبه حكم من محكمة الأمور المستعجلة ببطلان حكم «الإدارية العليا»، ليتم إحالة القضية إلى المحكمة الدستورية العليا للبت فى هذا التنازع بين السلطات.
وعن موقف الحكومة المصرية حال تدويل السعودية للقضية حال «إبطال الاتفاقية»، قالت: «ستدافع الحكومة عن مصرية الجزيرتين، لأن الحكومة ممثلة للشعب، ومؤسساته الذين حسموا القضية، فدفاع الحكومة عن سعودية الجزيرتين لا يضعها فى موضع اتهام، لكن دفاعها هذا وفقاً لما لديها من دلائل سيبت فيها القضاء ومجلس النواب، وسيظل القرار، والحكم النهائى للوثائق، والأدلة، وفقاً للقوانين، والأحكام الدولية».
وعن «تمرير الاتفاقية» قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة فى «مايو 2018»، قالت المصادر: «لن تؤثر الاتفاقية على نتائج الانتخابات الرئاسية، وذلك لأن الاتفاقية سليمة وصحيحة».
وعما تردّد عن أن تسليم سيادة الجزيرتين إلى «المملكة» سيتيح المجال أمام إسرائيل لإنشاء قناة «بن جوريون» لمنافسة قناة السويس، قالت المصادر: «الحقيقة العلمية أن أرض الجزيرتين صخرية، وكذلك أرض فلسطين ومصر، ومن ثم سيتعذّر شقها لإنشاء قناة بحرية توازى قناة السويس.
وأضافت: «حاولت إسرائيل إقامة هذا المشروع، ولم تنجح بسبب هذه الطبيعة الصخرية، وهذه الطبيعة الصخرية فى سيناء هى التى فرضت تحديد مجرى قناة السويس، بحيث أصبح المجرى ضيقاً من الإسماعيلية إلى السويس، ولا يسمح بالملاحة ذهاباً وعودة، مثل الجزء من الإسماعيلية إلى بورسعيد».
إسرائيل ترفض مد أى جسر بين السعودية ومصر عبر خليج العقبة وتعتبره خرقاً لـ«معاهدة السلام».. والاتفاق سيعيق حرية ملاحة السفن الإسرائيلية بخليج العقبة
وواصلت: «ما يؤكد هذه الطبيعة الصخرية الشديدة أن قناة السويس الجديدة من الإسماعيلية إلى السويس، لتوسيع نطاق الملاحة، تمت بإقامة قناة موازية، وليس بتوسيع الجزء من الإسماعيلية إلى السويس، نظراً إلى طبيعته الصخرية القاسية، وإلا لفعلها المهندسون الفرنسيون الذين حفروا القناة أصلاً، وفُوجئوا بهذه الطبيعة الصخرية».
وشدّدت المصادر على أن عودة الجزيرتين إلى السعودية سيُعيق حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية فى خليج العقبة، باعتبار أن السعودية غير ملتزمة دولياً بإعطاء حق المرور العابر للسفن الإسرائيلية، كما هو قائم بين مصر وإسرائيل وفق المادة الخامسة من اتفاقية السلام عام 1979، مردفة: «كذلك لا يمكن أن تمر خطوط الملاحة البحرية إلا من غرب جزيرة تيران من أمام شرم الشيخ، بما سيجعل قاع البحر إلى شرقها، وجزيرة صنافير القريبة مستحيلة الملاحة».
ولفتت إلى أن العلاقات الاقتصادية بين الدول فى مجملها لا تتأثر بالخلافات السياسية، موضحة أن انقطاع النفط السعودى عن مصر لم يحدث بسبب النزاع على هوية الجزيرتين كما تردّد، مردفة: «الدليل على ذلك أنه تم استئناف ضخ النفط عبر شركة (أرامكو) بتاريخ مارس 2017، قبل الوصول إلى حل للأزمة، وكل ما فى الأمر أن السعودية تمر ببعض الأزمات الداخلية المتعلقة بقطاع النفط»، موضحة ما يحدث بأنه «إعادة الأمانة إلى أهلها».
وعن العائد جراء إعادة الجزيرتين لـ«المملكة»، قالت المصادر إنه عائد سياسى، باستمرار العلاقات الطيبة بين البلدين، كما أنه لا يحدث خسائر لمصر.
وأشارت إلى أن الامتثال لترسيم الحدود يمكن كافة الحكومات من الاحتفاظ بحقوقها دون منازعات وسطو لا يستند إلى حقائق، وسلب حقوق الآخرين، وهى ليست قيم وعادات الشعب المصرى.
واستطردت: «الأهم من ذلك أن عودة الحق بأيدينا ستجعل لنا وجوداً على الجزيرتين لإدارتهما وحمايتهما، بما يخدم المصالح المصرية والسعودية، أما أخذهما بالقانون الدولى، وهو أمر محسوم بالوثائق، سيجعل مصر تخسر هذا الوجود الذى سيحمى مصالحها، وأمنها، لأنه فى هذه اللحظة ستتعامل معنا السعودية على أننا نستغل هذا الوجود لاغتصاب الأرض بما يمثل خسارة عربية يتحمّلها الجميع».
ولفتت إلى أن «الاتفاقية» تخدم حق مصر فى حلايب وشلاتين، حيث تُعد الاتفاقية إقراراً لقواعد القانون الدولى التى لا تكتسب السيادة بمجرد الإدارة أو الحيازة لفترة زمنية، موضحة أن «حلايب وشلاتين» ملكية مصرية خضعت لإدارة سودانية، ومن ثم فإن عدم اعتراف مصر بأحقية السعودية فى الجزيرتين قد يُمثل ذريعة للسودان للتمسك بـ«حلايب وشلاتين».
وفى حالة عدم موافقة البرلمان على اتفاقية ترسيم الحدود، قالت المصادر: «ليس من المستبعد أن تقوم السعودية بتقديم شكوى دولية لتعيين وترسيم الحدود البحرية بينها وبين مصر، ومن المؤكد أن مصر ستخسر القضية».
وعن دور القضاء فى نظر تنازع الاختصاصات بين الأحكام القضائية بشأن الاتفاقية، قالت المصادر: «القضاء فى مصر إن جازت له الرقابة؛ فلا يراقب إلا سلامة الإجراءات والشكليات التى قامت بها الحكومة حين تفاوضت ووقعت الاتفاقية».
أما عن مقترحات عرض «الاتفاقية» لـ«الاستفتاء» لعدم إحراج القيادة السياسية للبلدين، قالت إنه أمر غير جائز، لأن «الاستفتاء الشعبى» لا يجوز إلا فى حالة تنازل مصر عما تملك، كما ضمّنه الدستور فى المادة 157، مضيفة أن الجزيرتين ليستا ملكية مصرية، كما لم تعلن مصر أبداً سيادتها عليهما، ودليل ذلك هو نص خطاب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى 27 مايو 1967، عندما قال: «إن مصر لم تحاول فى أى وقت أن تدّعى السيادة على هاتين الجزيرتين، بل إن أقصى ما أكدته هو مسئولية الدفاع عنهما».
وأوضحت المصادر أن الدفاع عن الجزيرتين منذ يناير عام 1950، جاء بموافقة مالكهما، وهو المملكة العربية السعودية، ليكون لمصر حق الإدارة فقط، ومن ثم لا يوجه للسيادة، مما يعنى أن «الاتفاقية» يجب أن تُعرض فقط على البرلمان.
وأشارت إلى أن عملية تعيين وترسيم الحدود الدولية، وعلى الأخص الحدود البحرية مسألة فنية دقيقة فى غاية التعقيد، وتحتاج إلى متخصصين من رجال القانون والمساحة والجغرافيا والتاريخ، ومن ثم فإنه من الطبيعى أن يستغرق العمل فيها فترات طويلة تمتد لسنوات، مضيفة «وغاية ما يمكن أن تقدمه اللجان المختصة فى هذا الصدد للرأى العام، هو إحاطته علماً فى ضوء ما يسمح به المقام، دون الوصول إلى فتح حوار مجتمعى عن الأمر».
الحدود البحرية بين دولتى مصر والسعودية عقب ترسيمها