سلم «القهوة» وكر مخدرات وبلطجة.. وسلم «ناهيا» بؤرة أوبئة
السلالم العشوائية تنتشر على خط الدائرى
رحلة يومية يقوم بها سعيد زغلول، ليذهب إلى عمله كعامل بوفيه فى إحدى شركات القطاع الخاص، لكنه لا يسلم من المعاناة التى يتكبدها وهو يحاول جاهداً صعود سلم «مساكن كفر طهرمس» الذى تحول إلى مخزن بيع مخدرات وبلطجة، ويقول: «باطلع السلم ده كل يوم تقريباً، علشان أروح شغلى، السلم صعب وفعلاً مابقتش قادر أطلع وأنزل كده، المفروض السلم يكون أفضل من كده، أولاد الحلال ربنا يكرمهم عملوه رخام وظبطوه شوية، لكن برضو السلم ضيّق».
«شوقى»: واحد عمل سلم على حسابه علشان يفتح قهوة.. و«عبدالمحسن»: تقاطع الدائرى والمحور عند ميدان لبنان مظلم ليلاً.. ومكان لتثبيت المارة
قبل نحو 6 أشهر كان هذا السلم «خرابة» بحسب وصف «زغلول»، لكن بالجهود الذاتية استطاع الأهالى إصلاحه بعد أن سقط من فوقه كثير من سكان المنطقة، وكان «زغلول» واحداً منهم: «السلم كان خرابة وكل يوم كان فى ناس بتقع من عليه، أنا وقعت على السلم ده 3 مرات وربنا سترها معايا كدمات بسيطة، لكن أهالى المنطقة صلحوه». ويتابع الرجل: «فى الاتجاه التانى السلم أصعب من ده، وأنا راجع من شغلى مابعرفش أنزل من على السلم، درجة مكسورة وتانية على وشك الكسر».
سلم «مدينة النجوم» فى اتجاه مدينة السلام، تحيطه القمامة، السلم بلا سور أسمنتى أو حديدى، ودرجاته لا تصلح إطلاقاً للصعود أو النزول، وليس أمام أهالى المنطقة مفر من استخدامه، للذهاب من وإلى أعمالهم. ويقول أحمد جلال شاب ثلاثينى: «درجات السلم متكسرة، والناس الكبيرة بتقع من عليه، لأن مفيش سور حديدى أو مبنى بالطوب للناس تستند عليه، وللأسف المشكلة الأكبر هى إن كل اللى طالع على الدائرى جايب معاه كيس زبالة بيرميه على السلم، زى ما يكون السلم ده هو مقلب الزبالة اللى الحكومة خصصته لكده».
على مسافة لا تزيد على الكيلومتر، يقف حسين أحمد شوقى، مهندس نسيج فى إحدى شركات القطاع العام، أعلى «الدائرى» وأمام سلم «ناهيا» يضع يده على أنفه بسبب الرائحة الكريهة التى تحيط بالمكان.. القمامة تغطى مدخل السلم المتهالك، لدرجة أن أى شخص يريد أن يصعد السلم يجب أن تغوص قدماه فى القمامة». عدد كبير من المواطنين يستخدمون سلم «ناهيا» فى الصعود أعلى الدائرى أو النزول، لكن العدد الأكبر يستخدمون هذا المكان كمقلب زبالة.
على بعد خطوات وقرب نفق «ناهيا»، أنشأ أحد الأشخاص سلماً آخر أكثر اتساعاً، وأفضل حالاً من السلم القديم، ويرجع السر فى قيام هذا الشخص بإنشاء سلم على نفقته الخاصة، إلى أن لديه «كشك» بجوار السلم، إضافة إلى أنه يمتلك «مقهى بلدى» أمام السلم أيضاً، وبجوار الكشك هناك مساحة من الأرض قام الرجل بتنظيفها وبناء كشكين آخرين يقوم بتأجيرهما لمن يدفع أكثر، هذا ما قاله «شوقى».
وتابع: «النهارده مفيش حد بيعمل حاجة لله، كله علشان مصلحته، يعنى صاحب الكشك اللى فى الاتجاه التانى عمل سلم على حسابه، وفتح قهوة فى وش السلم، وجنبه بنى كشكين وأجّرهم للناس، والكهربا من الشارع العمومى، مفيش عداد، والمياه برضه كده، والنفق بقى مليان بياعين، بس كتّر خيرهم نضفوا النفق من الزبالة اللى كانت مالياه».
حسان عبدالمحسن، أحد العاملين فى شركة قطاع خاص، يسكن فى منطقة السلام لكن عمله فى ميدان لبنان، ويستخدم سلم «تقاطع الدائرى والمحور» بشكل يومى، المشهور بأنه بؤرة لأعمال البلطجة وتثبيت المارة، خصوصاً أن هذا المكان مظلم ليلاً. ويقول «عبدالمحسن»: «المشكلة مش فى إن السلم درجاته متكسرة، المكان مخيف بالليل، وممكن أى حد يتثبت لأن مفيش إضاءة».
على بعد أقل من كيلومتر من سلم الدائرى يوجد سلم «القهوة» المتهالك وبجواره كشك صغير يجلس أمامه مجموعة شباب لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً، لا يكفون عن مضايقة المارة، خصوصاً إذا كانت بنتاً أو سيدة. بجوار الكشك يوجد نفق، تم إغلاقه بالكامل من قبل مجموعة تعمل فى جمع وتدوير القمامة، يستخدمونه كمخزن لتدوير المخلفات والبحث عن الزجاجات البلاستيك وعلب الكانز وغيرها من المخلفات.
وأمام النفق جلست سيدتان معهما عربة كارو وأجولة كبيرة لجمع الزجاجات الفارغة، حاولنا العبور من النفق إلا أن إحدى السيدات قالت: «ماينفعش تعدى من هنا لأن مفيش حاجة الناحية التانية، كلها زراعة». ويقول أحمد حسنى، شاب عشرينى من سكان هذه المنطقة: «السلم زى ما أنت شايف، الزبالة فى كل مكان، والدرج مش موجود أساساً، لكن المشكلة الأكبر فى إن تجار المخدرات والبلطجية مسيطرين على المكان وبيضايقوا الناس». ويتابع: «النفق اللى المفروض الناس تمر منه قفلوه، ولو حد من السكان حاول يعدى بتلاقى البلطجية بتعترضه وكأنهم اشتروا المكان، زى ما يكون عايشين فى غابة».
بعد سلم القهوة، فى اتجاه مدينة السلام، يوجد سلم «البراجيل»، يستخدمه عدد كبير من المواطنين. تصعد «مريم» وصديقتها «مها» السلم يومياً، أثناء ذهابهما لجامعة القاهرة، وتقول مريم: «السلم غير آدمى، الناس الكبيرة بتقع قدام عينى، ومابعرفش أساعدهم، فعلاً المكان ضيق والدرجات متكسرة، يعنى اللى هيقع لازم يتكسر». وتتابع: «يا ريت الدولة تعمل حساب للغلابة، فيه آلاف بيستخدموا السلم كل يوم ومنهم كبار سن ومعاقين».
وتقول صديقتها «مها» إن والدتها لا تستطيع صعود سلم البراجيل، بسبب عدم وجود سور حديدى أو خرسانى تستند عليه، وأنها أكثر من مرة كانت ستسقط من أعلى السلم إلا أن أحد المارة ساندها، بخلاف إن الأكشاك المخالفة عاملة زحمة فى النفق، والنفق مكسر ومفيش مسئول يعرف عنه حاجة».
سلم القهوة