ديفيد ميلر بـ"فورين بوليسي": تعليق المساعدات الأمريكية لمصر أمر في "منتهى الغباء"
أكد الكاتب الأمريكي الباز في مجلة "فورين بوليسي"، ارون ديفيد ميلر، أن الدعوة لتعليق المساعدات الأمريكية لمصر الآن، أمر في "منتهى الغباء" ولا يفيد أي من البلدين فى هذه الفترة الحرجة.
وأرجع الكاتب رأيه هذا إلى عدة أسباب، منها أن الجيش له شعبية هائلة في مصر بعكس سمعة واشنطن التي أصبحت في انحدار بسبب سياستها في البلاد، وما يراه البعض دعمًا للإخوان، فتعليق المساعدات الآن سيزيد من تآكل مصداقية الولايات المتحدة في الشارع المصري ويثبت أن أمريكا كانت فعلاً مرتبطة بصفقات مع الإخوان في الخفاء.[FirstQuote]
وذكر الكاتب في مقاله المطول، أنه عندما بدأت أمريكا في إرسال المساعدات العسكرية لمصر في الثمانينيات، قدمتها لنظام يعتدي على حقوق الإنسان ويعذب ويسجن الآلاف من السياسيين ويدير الدولة العميقة بحيث لم يكن هناك أي تظاهر حتى بالديمقراطية في مصر سواء في عهد حسني مبارك أو حتى في عهد أنور السادات من قبله، وبذلك عقدت الولايات المتحدة، بحسب رأي ميلر، صفقة مع الشيطان ذاته، ففي مقابل استمرار مصر في الالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل ودعم سياسات أمريكا الأخرى في المنطقة، أعطت الولايات المتحدة لمبارك الفرصة واسعة لمبارك ليفعل كيفما يشاء في مجال حقوق الإنسان والإصلاح السياسي بل وعززت الاتفاق عن طريق المساعدات، فهي كانت صفقة تهدف إلى إدامة الاستقرار حتى وأن ثبت أن هذا الاستقرار مجرد كذبة.
أما الآن، أضاف ميلر، فمصر لديها سياسة حقيقية، قد تكون فوضوية ولكنها حقيقية وهناك الملايين من الناس يشاركون في العملية السياسية، وتساءل كيف يمكن للولايات المتحدة الآن تبرير وقف المساعدة لمصر في عملية تحولها الديمقراطي، وحتى مع تواجد المخاوف من دوافع الجيش أو تعامله الغليظ.
وتعجب ميلر من أن الولايات المتحدة تعاملت مع دولة بوليسية لمدة 30 عامًا ولم تحرك ساكناً لتعزيز احترام حقوق الإنسان أو القيام بأي إصلاح جدي، أما الآن عندما أصبح لدى مصر فرصة حقيقية لبناء نظام سياسي أفضل مع مرور الوقت، قررت الولايات المتحدة أخيرا اتخاذ موقف متشدد مع المؤسسة الوحيدة في مصر، وهي المؤسسة العسكرية، التي يمكن أن تضمن قدرا من الاستقرار خلال لحظة حاسمة مثل التي تمر بها البلاد.
وأوضح أنه إذا استطاع الأمريكيون أن ينظروا وراء سخطهم على البلاد للحظة، سيرون الواقع المصري الذي لا يريدون الاعتراف به وهو أن ما حدث في مصر لم يكن نتيجة رغبة بعض الجنرالات في الانقلاب على الحكم، لكنه نابع من غضب شعبي عارم وإحباط ويأس من الإخوان المسلمين الذين كانوا يأخذوا مصر في الاتجاه الخاطئ ويهددون هويتها وأمنها وازدهارها وأن الجيش كان يتبع رغبة الشعب لا يقود لذلك أصبح الممثل الأكثر شعبية وشرعية في البلاد وأخر شيء تريده أمريكا الأن هو أن تظهر وكأنها تعاقب الجيش على اتباعه رغبة المصريين.
وأشار ميلر إلى أن تعليق المعونة لن يخلق الديمقراطية في مصر، وأنه واثق من أن إدارة أوباما تفهم هذا، لكنه يشك في فهم دعاة قطع المعونة ، ومنهم سياسيون بارزن كثا السيناتور جون ماكين، لخطورة ما ينادون به، وأوضح أنه إذا كانت الولايات المتحدة تريد القيام بدور إيجابي في تحول مصر الديمقراطي، فعليها العمل بهدوء مع الجيش والجهات الفاعلة الأخرى، ودفعهم أن يكونوا مسؤولين وجادين حول أفضل طريقة لتنظيم عملية مصر الانتقالية. وأنهى الكاتب قائلاً: إن أمريكا يجب أن تعي جيداً أن واقع مصر الآن أهم بكثير وأكثر صلة حتى مما يحدث في أمريكا نفسها.