«الغربية»: «تختبوش» حائر بين الأتراك والمصريين
قصر «تختبوش» مغلق بقرية «منشأة سليمان»
وقفت جدرانه شامخة تتحدى الزمن، شاهدة على تاريخ عمره قرن وربع من الزمان.. قصر «تختبوش» بقرية منشأة سليمان، إحدى قرى مركز كفر الزيات، بمحافظة الغربية، يقع على بعد 150 كيلومتراً من القاهرة، ونحو 60 كيلومتراً من مدينة طنطا.
«من صغرنا واحنا بنشوف القصر ده، ومنعرفش له صاحب غير عائلة سليمان من أكبر العائلات بالقرية، ومشهور بين أهالى القرية باسم «تختبوش»، وتعنى كلمة «قصر» باللغة التركية، وسمعنا أقوالاً كتيرة عنه، أشهرها إنه قام ببنائه باشا تركى فى العهد العثمانى وكان من ذوى الأملاك، حيث امتلك مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية بالقرية، زرعها أهالى القرية فى عهد الملكية قبل ثورة 1952 وقانون الإصلاح الزراعى، الذى أعاد الأرض لأهالى القرية بعد أن غادرها أحفاد الباشا التركى»، هكذا روى سلطان سليمان، من أهالى القرية، ما يعرفه عن القصر، مشيراً إلى أن هناك روايات كثيرة عن القصر من بينها أن القصر سكنه نوبار باشا، رئيس وزراء مصر الأسبق، ما بين أعوام (1879 - 1895 م)،
ولفت إلى أنه سأل والده ذات مرة عن صاحب هذا القصر فكانت إجابته أنه ملك نوبار باشا، رئيس وزراء مصر، وكان يأتى للإقامة فيه خلال فترات قصيرة على مدار العام، خاصة فى الإجازات والمناسبات، وأيضاً متابعة العمل فى أرض الجزيرة التى تبعد عن القرية 3 كيلومترات، حيث كان هو مالك الجزيرة واستغل أرضها فى زراعة الموالح، وحالياً يستأجرها عدد من الأهالى استبدلوا بزراعة الموالح زراعة البطاطس والذرة والقمح وغيرها من المحاصيل الزراعية.
لم يسجل فى أى جهة حكومية وأهالى القرية يطالبون باستغلاله فى بناء مستشفى بدلاً من تحوله إلى مكان مهجور
وقال زهير على، عمدة قرية منشأة سليمان، إن هذا المبنى موجود من قديم الأزل، وهو مغلق منذ نشأته بالقرية، وبسببه يقال إن القرية بها آثار، وحالياً تخضع لإشراف وزارة الآثار، وأضاف محمد عمرو، محام، أن المبنى يعرف بين أهالى القرية بمسمى «طخطبوش» وجدرانه الخارجية تكشف أنه مبنى على شكل زخرفى وهندسى من أيام العثمانيين، وغرفه الداخلية يظهر بها الشكل المعمارى بشكل دقيق، مطالباً بضمه إلى وزارة الآثار وجعله مبنى أثرياً بدلاً من تحويله إلى مكان مهجور ومأوى للكلاب الضالة والحشرات والحيوانات والبلطجية ومتعاطى المخدرات، وطالب بالاهتمام بالقصر إما بضمه للآثار أو تخصيصه لأى جهة حكومية للاستفادة به وإقامة مشروع عليه يعود بالنفع على شباب وأهالى القرية التى يبلغ عدد سكانها 25 ألف نسمة، ويعانون من الإهمال وتجاهل المسئولين، وقال إبراهيم الصاوى، من أهالى القرية: «المرض ينهش فى أجساد أهالى القرية، ما فيش منزل إلا وفيه مريض واتنين مصابين بالفشل الكلوى أو التيفود والأنيميا، وأقرب مستشفى عام على بعد 50 كيلومتراً، بنطالب الحكومة ببناء مركز طبى متكامل على أرض القصر أو التبرع به إلى القرية، والأهالى على استعداد لجمع تبرعات لبناء مركز طبى ليكون طوق نجاة لأطفال القرية، ويرحم أسر المرضى من وسائل المواصلات اليومية التى يستقلونها للوصول إلى المستشفيات لإجراء عمليات الغسيل الكلوى والحصول على جرعات علاج الأنيميا».
وأضاف إبراهيم سليمان، من أهالى القرية، أن منشأة سليمان قرية مستوطنة للأمراض، وسبق أن فرضت وزارة الصحة عليها حجراً صحياً فى عام 2003 بعد انتشار التيفود بين سكانها، وحالياً بها ما يقرب من 3 آلاف مصاب ومصابة بفيروس سى، إلى جانب الفشل الكلوى والسرطان، ومؤخراً ظهر بين الأطفال مرض الأنيميا، ما يتطلب سرعة إنشاء مركز طبى أو مستشفى عام يضم كافة التخصصات بالقرية لعلاج أبنائها، خاصة أن بُعد المسافة يسمح بذلك.
وأوضحت مها طلعت، والدة الطفلين، ياسمين، 10 سنوات، وأنس، 3 سنوات، مصابين بالأنيميا التكسيرية وفيروس سى، وفى حاجة لنقل دم كل أسبوع ويتطلب ذلك السفر إلى مدينة طنطا، ما يسبب لها عناء ومشقة أسبوعياً، مشيرة إلى أن الأمر لا يقتصر على مشقة السفر، بسبب الإقبال الكبير على مستشفيات طنطا، حيث أصيبت طفلتها ياسمين بفيروس سى بسبب نقل الدم، إلى جانب عدم وجود جهاز pcr الخاص بتحاليل عينات الدم فى المستشفى، وأكد إبراهيم سيلمان أن القرية لم يطأ ترابها مسئول منذ سنوات بسبب بعد القرية عن مدينة كفر الزيات وطريقها غير الممهد إلى جانب عدم وجود مدخل رئيسى للقرية من داخل أراضى المحافظة، فلا بد أن تمر من وسط إحدى قرى محافظة المنوفية من أجل الوصول إلى القرية، وبالتالى نجد الإهمال يضرب كافة الخدمات داخل القرية.