«البتاو».. عيش الصعايدة
تختبئ خلف نقاب أسود من الأغراب، يأتيها الهواء دافئاً بطيئاً، ربما لا يتجدد طيلة فترة ارتدائه، تجلس أمام فرن بدائى الصنع، تتحسس طريقها من فتحة صغيرة عرضية تكشف عن مقلتيها، تبدأ فى صناعة خبز من نوع خاص تشتهر به بلاد الجنوب وبعض المناطق الريفية، فالسيدات هناك لديهم مهارة عالية فى صناعته، وهو المعروف باسم «البتاو»، تظل المرأة تقلب العجين يميناً ويساراً فوق مطرقة خشبية عريضة تستخدم فى فرد العجين واتساعه على شكل دائرة كبيرة، وكلما كبرت الدائرة رق سمكه وصار أكثر جودة وتميزاً، يتمدد الرغيف على المطرقة وترق جدرانه ويصبح أكثر عرضة للتشابك لكن مهارتها وقدرتها الفائقة فى صناعة «البتاو» تجعله يخرج من بين يديها دون أن تشوبه شائبة، تحمله بطرف عصا حديدية تستخدمها فى تقليب الرغيف فى الفرن، تزينه نقاط حمراء لونتها حرارة الفرن على وجهه، ترفعه بطرف إصبعها لتضعه على صينية كبيرة أعدتها من قبل لتحفظ لها الرغيف بعد نضجه.. تبتسم الصغيرة خلف والدتها؛ فهذا يوم غير عادى تنتج فيه الأم خبزاً للأسرة يغنيهم عن الوقوف فى طابور العيش.