اقترب رمضان وستكسو الحشمة الرءوس المتعبة القلقة التائهة، حتى الراقصات سيظهرن على الأغلفة بحجاب ينسى الناس «خطيئة» رقصهن طوال العام.. أخريات سيتحجبن خلال أيام الصوم فقط. تنافس حامٍ على نيل رضا الناس، والرهان هو فقدان المجتمع العربى للذاكرة.
برأيكم على من نفرض الحجاب فى رمضان أيضاً؟
برأيى أنا على رجل الدين أن يتحجب، ليس مطلوباً أن يغطى رأسه العارى من الحكمة لكن المطلوب حجاب يلتف حول تشدده وفكره الذى أغرق المجتمعات بالتخلف، وجعلنا نتلقى بسعادة بالغة أهم أسباب انتكاساتنا. نتابع بنهم رجل الفضيلة ببرنامجه الرمضانى اليومى يتوعد بعقاب سماوى مخيف كلَّ من خالف مذهبه رغم أن الله سلام وتسامح. لكن رجل الدين يخطئ ونحن نتابع بنهم.. بنهم.
نتابع لأن الإرهاب صار متأصلا بنفوسنا، وكراهيتنا للآخر بلغت مداها، لكنى لا أتمكن من ذلك، لا أستطيع أن أكره، لا أستطيع أن أحكم على الآخر بالجحيم. لا تتغير مشاعرى رغم سيل المناهج المتشددة التى تلقيتها طوال دراستى وإمام المسجد جوار منزلى يأمرنى بعداء كل يهودى ومسيحى وشيعى ومسلم خرج عن ملة فلان أو علان. لا أستطيع، الله بداخلى يغطى على كل تلك الهرطقات العدائية فلا أعود أسمعها.. أسمع فقط ألحان المحبة وأبحث عن الشعوب وأهوى التعرف على الإنسان، مع أن رحيلى منكر واختلاطى بالـ«الكافر» منكر.
رجل الدين يتلقى اتصالات لا تنتهى، أسئلة جبارة أصحابها يبحثون عن إجابات دقيقة فلم يبق إلا رد الشيخ لتفتح أبواب الخلد فوراً. أسئلة الجمهور والاتصالات الكوميدية تفيد أننا بمنطقة غياب الوعى، تفيد أننا انتهينا وتم شطبنا من المجتمعات الإنسانية العادية، بقى فقط الإعلان. قريباً ستعلق لافتة على حدود العرب وسيكتب عليها: «هنا يرقد صنف بشرى غريب»، حتى إسرائيل أتخيلها تضحك يومياً من أعماقها وهى تستمع لأسئلتنا الميتة وتقهقه بأعلى حسها: «مات العرب».
سأحاول اختيار أفضل الإساءات للبشر وللإسلام.
متى أفضل وقت للنوم والاستيقاظ؟ كيف أستحم؟ هل ألامس زوجتى فى رمضان؟ ما حكم قراءة الكتب المترجمة؟ ما حكم القراءة للكاتب فلان؟ ما أنسب طريقة لربط النقاب؟ نسيت وفطرت بنهار رمضان؟.
سافرت مع زوجى فهل سفرى إثم؟ أولادى يلعبون مع أبناء الجار المسيحى فهل بذلك إثم؟ صديقتى غير محجبة فهل علاقتى بها إثم؟ حضرت زفافاً كان به معازف من عود وجيتار وغيره والعياذ بالله فهل أأثم؟ يا شيخ ما حكم مشاهدة الأفلام المحرمة؟
سؤال لكل المسئولين: هل تشاهدون البرامج الدينية؟ هل تشاهدون ما صنعته أيديكم؟ حسناً، نعرف أنكم اكتشفتم خطيئتكم السياسية بتقوية التيارات الدينية للخلاص من بقية التيارات الفكرية الحرة، فمتى تثورون؟
ألا تتحرك بعض الجهات إلا أمام رجل دين يطالب باحتلال أمريكا؟ ألا تثور إلا أمام رجل دين يهدد بتفجير الأمن؟ ألا تثور إلا أمام شيخ يريد إسقاط النظام؟ والرجل الذى ينحدر بالمجتمع لقاع مرعب، الذى يحلم بإسقاط المجتمع ويمارس إرهاباً فكرياً على الشاشات والصفحات.. أين تلك الجهات بشأنه؟
رمضان ليس شهر تشدد لكن شهر تدبر وتفكر. رمضان المسكين يتحول لثكنات فكرية قاعدية لا أحد يقول: فكر فى رمضان. لكن جمد رأسك واطحنه والأفضل أن تصوم عن التفكير طوال العام، لم لا وهناك من يحمل إجابات وحلولا لكل الأسئلة؟