«صدر المحلة».. قصر قديم بلا خدمات صحية.. وقطط تنتشر فى كل مكان.. ومرضى ينتظرون أياماً طويلة دون متابعة
المرضى ينتظرون بالأيام دون متابعة الأطباء
قصر قديم، أبوابه متهالكة، والقطط تنتشر فى المكان وتعطيك إيحاءً بأنه مهجور منذ سنوات طويلة، لكن بمجرد أن تتفحص المكان بدقة وتركز على التفاصيل تفاجئك لافتة معلقة على الواجهة لإثبات هوية المكان الذى توجد فيه.. إنه مستشفى «الصدر» بالمحلة الكبرى.. الصدمة الكبرى أن المستشفى يجاوره مقلب قمامة يوحى باستحالة وجود مشفى للأمراض الصدرية فى هذا الموقع المخصص للمرضى، الذين يعانون ضيق التنفس والتهاب الرئة والشعب الهوائية، فى وجود عدد قليل من الممرضات اللاتى يمكن أن تشاهدهن صدفة فى أحد أدوار المبنى العتيق.
ناقلات مستلزمات غيارات المرضى المتحركة متروكة فى الأدوار بلا صاحب وكأنه «مولد وصاحبه غايب» كما توضح الصور، فكم الإهمال الموجود فى هذا المكان لا يحتاج للكلام لأن الصورة قد تكون الأكثر صدقاً وتعبيراً لذا تحركت «الوطن» لرصد فصول مأساة المترددين على هذا المشفى وتحدثنا مع المرضى، دون موانع، فى ظل هجر الأطباء للمبنى بالكامل وعم وجودهم.
فى حجرة مظلمة وسط النهار، يرقد مجدى صبرى، 56 سنة، عامل بشركة مصر للغزل والنسيج، مصاب بمياه على الرئة، بادرنا قائلاً: «بقالى 3 أيام مفيش دكتور شافنى»، قالها بالكاد، عند سؤاله عن الطبيب المتابع له بالمستشفى، فهو وحيد، لا يستطيع التحرك، كلماته كانت على قدر الأسئلة التى وجهت له، مضيفاً: «محدش معايا، مراتى بتغسل كلى، ومفيش حد معايا، معايا ربنا».
وبدموع تحجرت فى العيون تحدث، بصعوبة بالغة، الشحات سليمان عطا الله، 72 سنة، مريض بضيق التنفس، مشيراً إلى ذراعه قائلاً: «شايفة دراعى، أنا اتشكشكت كتير، ولما قلت للممرضة ركّبى لى كانيولا، قالت مفيش فى المستشفى ولا كانيولا ولا لصق طبى».
بحقنة وبرشامتين، تتغلب «سعدية» على الألم، وتضيف: «من ساعة ما جيت هنا، مفيش دكتور شافنى، ماشية بالمسكن اللى الممرضة بتديه للى عندهم كرشة نفس، الدكتور قال لى الخراج فاتح على بطنك، أنا خايفة يعمل حاجة فى جسمى، ولما كلمنا الدكتور وقلنا له نجيله خصوصى، قال لنا إنتم غلابة مش هتقدروا على المستشفى الخصوصى، الليلة فيه بـ200 جنيه».
التقطت ابنتها طرف الحديث منها قائلة: «المحاليل بس اللى بتاخدها هنا، وكل العلاج بنجيبه من بره، اللى بناخده هنا مسكنات، ولا دكاترة بنشوفهم ولا أى حاجة.