الإفتاء: القول بحرمة السفر لزيارة المسجد النبوي باطل لا يُعَوَّل عليه
صورة أرشيفية
نفت دار الإفتاء وجود أي حرمة للسفر لزيارة قبر النبي.
وقالت الدار عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك": السفر لزيارة النبي من أفضل الأعمال، وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال، ومشروعيتها محل إجماع بين علماء الأمة، وقد حكى الإجماع على ذلك القاضي عياض والحافظ ابن حجر العسقلاني وغيرهم، ومما يدل على مشروعية الزيارة النبوية -بما في ذلك السفر إليها- قولُه تعالى: {وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا}، فهذه الآية عامة تشمل حالة الحياة وحالة الوفاة، وتشمل كذلك السفر وعدمه، وتخصيصها بحالة دون غيرها تخصيص بلا مخصص، فلا يُقبل.
واضاف: قد ورد في الزيارة النبوية وإفرادها بالقصد أحاديث كثيرة: منها حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله: «من زار قبري وجبت له شفاعتي» رواه ابن خزيمة في صحيحه، والبزار والدارقطني، وفي رواية: «من جاءني زائرًا لا تحمله حاجةٌ إلا زيارتي- كان حقًّا عليَّ أن أكون شفيعًا له يوم القيامة» رواه الطبراني والدارقطني، وفي رواية: «من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي»، رواه الطبراني، وهي أحاديث لها طرق كثيرة يقوي بعضها بعضًا، وصححها كثير من الحفاظ، كابن خزيمة، وابن السكن، والقاضي عياض، والتقي السبكي، والعراقي، وغيرهم، وأما قوله في حديث الصحيحين عن أبي سعيد الخدري: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأقْصَى» فإنما معناه: لا تشد الرحال إلى مسجد -لأجل تعظيمه والتقرب بالصلاة فيه- إلا إلى المساجد الثلاثة؛ لتعظيمها بالصلاة فيها.
قال العلامة ابن حجر الهيتمي: "وهذا التقدير لا بد منه عند كل أحد؛ ليكون الاستثناء متصلا، ولأن شد الرحال إلى عرفة لقضاء النسك واجب إجماعًا، وكذا الجهاد والهجرة من دار الكفر بشرطها، وهو لطلب العلم سنة أو واجب، وقد أجمعوا على جواز شدها للتجارة وحوائج الدنيا، فحوائج الآخرة -لا سيما ما هو آكدها، وهو الزيارة للقبر الشريف- أَوْلى.".
وقد صُرِّح بهذا المعنى عند أحمد في المسند حيث رواه عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا بلفظ: «لا ينبغي للمطيِّ أن تُشَدَّ رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» وإسناده حسن، وفي حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في مسند البزار مرفوعًا بلفظ: «أنا خاتم الأنبياء ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء، أحق المساجد أن يزار وتشد إليه الرواحل: المسجد الحرام، ومسجدي، صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام»، وبناء على ذلك: فإن السفر للزيارة النبوية أمر مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، والقول بمنع ذلك قول باطل، لا يُعَوَّلُ عليه، ولا يُلْتَفَتُ إليه.