«برج العرب».. المرضى: «بيذلّونا قبل ما يدونا العلاج»
«التكاتك» تمنع دخول وخروج المرضى أمام مستشفى برج العرب
لافتة بيضاء كتب عليها بخط واضح «مستشفى برج العرب الجديدة»، علت بوابة رئيسية فُتحت على مصراعيها، ومن أمامها وقفت «التكاتك» فى صورة عشوائية تعيق دخول وخروج المرضى، وفى الداخل كان مبنيان بحجم متوسط، لم تشفع حداثة بنائهما والمساحات الخضراء بينهما من وجود معاناة وشكاوى عند المرضى المترددين على المستشفى، لم يختلف كثيراً عن غيره من المستشفيات الأخرى، وإن كان يزيد عليها بعض الشىء، نظراً لعدم وجود مستشفى عام فى مدينة برج العرب.
أمام عيادة النساء والتوليد، جلس الثلاثينى «رجب مسعود»، وقد بدت على وجهه آيات الحيرة، فى انتظار خروج زوجته من غرفة الطبيب الوحيد الموجود، فى زيارة يائسة ضمن مجموعة زيارات أخرى سابقة لها: «بقالى 3 أيام رايح جاى عشان حالة مراتى خطر ومفروض تولد، وكل ما آجى يقولوا لى تعالى بكرة»، عدد من العيادات الخاصة زارها «رجب» لمعرفة حالة زوجته بعد أن أجل له المستشفى ميعاد الولادة، إلا أن الجميع أكدوا له خطورة الحالة، وضرورة إجراء عملية ولادة قيصرية فى أسرع وقت، إلا أن ضيق العيش وقف له بالمرصاد: «ندمت إنى جيت هنا بس ماقداميش حل تانى لأن الحالة معدومة، وإن شاء الله ربنا يكرمنى وتبقى دى آخر مرة هاجى فيها هنا تانى».
«أم مريم»: «بنضطر نشترى العلاج من بره.. وبيخلونا نتعامل معاهم بأسلوب الشحاتة»
هو مستشفى «الغلابة» الوحيد فى برج العرب، حسب قول «رجب»، إلا أن قلة الاهتمام بالمرضى جعلته وغيره فريسة للعيادات الخاصة: «لو كان فيها إمكانيات ماكانتش كل حالة تجيلها تحولها على إسكندرية، وخاصة إن كل الناس اللى بتيجى هنا غلابة ومفيش معاهم فلوس يكشفوا بيها بره أو حتى فلوس مواصلات يروحوا بيها إسكندرية».
وأمام مبنى المستشفى الرئيسى، حسب ما كُتب على لافتته، جلست «أم مريم»، مرتدية نقابها، وبجوارها جلس أطفالها الثلاثة، يلتقطون أنفاسهم بعد جولة داخل المبنى، تمهيداً لعملية جراحية لأحد أطفالها من أجل استئصال «اللوز»، إلا أن هذه لم تكن التجربة الأولى لها، حيث عاشت بعض المواقف داخل المستشفى جعلتها غاضبة من الخدمة المقدمة به: «بيذلّوا الواحد عقبال ما يدونا العلاج، وفى أغلب الأوقات مابيكونش موجود أصلاً وبنجيبه من بره، وبيخلونا نتعامل معاهم بأسلوب الشحاتة»، هكذا بدأت حديثها قبل أن تنتقل إلى سرد معاناتها الأخيرة عندما كانت فى حاجة إلى عملية جراحية لاستئصال ورم حميد فى الغدة الليمفاوية قبل شهور: «الدكتور قال لى إن العملية دى مابتتعملش هنا وإنى لازم أروح المستشفى الميرى»، إلا أنها لم تستسلم وذهبت لأكثر من طبيب داخل المستشفى لم يختلف جوابهم، إلى أن بشرها أحدهم بإمكانية إجرائها فى المستشفى، ولكن بعد انتهائها من فترة الرضاعة، لتعبر قائلة: «العملية بتتعمل فى المستشفى هنا على حسب الدكتور، فى واحد ممكن تلاقيه بيستسهل ويحولك على مستشفى تانية، وممكن واحد تانى يكون عنده ضمير».
«رجب»: كل مريض يدخل المستشفى يحولوه على إسكندرية ومدير المستشفى: «أنا مش مطالب أعمل العمليات دى»
وداخل قسم الاستقبال، جلس الخمسينى، محمد سعيد، وبجواره ابنه خرج لتوه من عيادة الجراحة، بعد أن ضمد له الطبيب جرحاً فى قدمه، إلا أن ما دفعه الأب من رسوم جعلته غاضباً: «مفروض إن المستشفى هنا مجانى، إنما أنا دفعت فى الغيار على الجرح 40 جنيه، وحتى ماكانش مهتم بالجرح وهو بيغير عليه»، غياب الرعاية والعمل بنظام «تمشية الحال» كانت أموراً أخرى أغضبت «محمد» داخل «برج العرب»، فضلاً عن نقص الأدوية والانتظار بالساعات أمام العيادات، حسب قوله.
ومن جانبه، نفى الدكتور عمرو سليمان، ما ردده المرضى حول كثرة التحويلات للمستشفيات الأخرى، معللاً ذلك بأن هناك العديد من العمليات الجراحية باختلاف أنواعها يتم إجراؤها فى المستشفى، إلا أن هناك بعض التخصصات المعينة يتم تحويلها مثل عمليات العظام الكبرى، إلا أن ذلك، من وجهة نظره، يعد منطقياً، حيث يصنف مستشفى برج العرب كونه مستشفى مركزى (ب)، وبالتالى لا يمكن أن تتوافر به كافة الأجهزة، لأنه لن يخدم عدداً كبيراً من الجمهور، وبالتالى فإن توافر هذه الأجهزة به يعد إهداراً للمال العام، وفقاً له، معبراً بقوله: «أنا مش مطالب إنى أعمل العمليات دى، وفى النهاية إحنا بنتحاسب إن الخدمة تكون كاملة على مستوى المحافظة وليس على مستوى المستشفى»، موضحاً أن الانتظار فى العيادات أمر طبيعى وموجود فى كافة أنحاء العالم وليس فى مصر فقط.