«الصدر».. جسر عراقى للتواصل مع العرب.. ومراقبون يحذرون من اغتياله
محمد بن سلمان فى لقاء سابق مع «الصدر» «صورة أرشيفية»
اتجاه جديد من دول الخليج تجاه العراق، وتقارب اعتبره البعض مفاجئاً بعد زيارتين نادرتين لرجل الدين الشيعى العراقى مقتدى الصدر، بداية بزيارة للمملكة العربية السعودية التى اعتبر البعض أنها كسرت فكرة تبعية قادة الشيعة إلى إيران فى كل شىء، والتقى خلالها ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، فى دعوة رسمية من الرياض، ومن بعدها زيارة للإمارات التقى خلالها ولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ليظهر مؤشر جديد على عودة العراق مرة أخرى إلى أحضان الوطن العربى بعد تقاربه مع إيران.
رجل الدين الشيعى يزور السعودية والإمارات.. ومحلل: خطوة شجاعة حتى وإن نقل إلى الخليج وجهة نظر إيرانية.. وكاتب إماراتى: طهران ستتخلص منه إذا أحبط مخططها
وعلق المحلل السياسى والكاتب الإماراتى ضرار بالهول الفلاسى، قائلاً إن العراق بلد عربى شاءت إيران أو أبت، مشيراً إلى أن هذه المحاولات تأتى فى إطار عودة العراق إلى الصف العربى بعد أن اختطفته إيران التى كانت تتفاخر دائماً بأن بغداد أصبحت محافظة فى إيران، مستطرداً: «لكن هذا حلم إبليس فى الجنة، وتدريجياً ستعود العراق للمصلحة القومية العربية، وسيعود قوياً ويستطيع الوقوف على قدميه، لأن عودة العراق وضع طبيعى ودعم للعرب كلهم، لأن فى استعادته تقوية للروابط العربية، إلى جانب التخلص من المخطط الإيرانى الصفوى بالعراق».
وتابع فى اتصال هاتفى لـ«الوطن» قائلاً: «لا ننسى المخطط السابق لإسقاط مصر، لكن بدأت مصر تعود إلى قوتها ومكانها الطبيعى فى الوطن العربى، وعودة العراق شوكة فى ظهر كل أعداء العرب، واتحاد السعودية والإمارات والبحرين ومصر سيكون قوياً جداً وسيعيد حسابات المنطقة كلها، وإيران ستبدأ تعمل له ألف حساب»، مشيراً إلى أن مجىء مقتدى الصدر إلى السعودية بمثابة إعلان حرب وأنه من المتوقع أن إيران ستخطط لاغتياله وتصفيته، لأن ليس فى مصلحتها أن تخسر العراق، فخسارة العراق تعنى خسارة المخطط الإيرانى الصفوى فى الوطن العربى، وتابع: «خسروا فى مصر وخسروا فى اليمن وبالبحرين أيضاً، ومنطقة القطيف فى السعودية، وقريباً سيعود العراق إلى قوته وعروبته، وسيتم طرد قاسم سليمانى وميلشياته من الإيرانيين».
وقالت أستاذة العلوم السياسية الدكتورة نورهان الشيخ، إن السعودية تريد التقارب مع العراق بعد انحسار الوجود العربى داخل هذا البلد خلال السنوات الماضية وهو ما أثر سلبياً على العلاقات بين الجانبين وأدى لمزيد من التوتر وحان الوقت لإيجاد الفرصة المناسبة لتغيير هذا التوجه. وأوضحت «الشيخ» أن الفترة المقبلة قد تشهد مزيداً من الزيارات المماثلة خاصة فى ظل إعادة إعمار العراق ومحاولة «العبادى» تكوين حكومة تحد من التشدد الطائفى وأن يكون هناك نوع من الوساطة بين السعودية وإيران فى الأيام المقبلة لاحتواء التوتر وعدم تصعيده، مشيرة إلى أن دول الخليج، لاسيما الإمارات والبحرين، سوف تدخل على خط التوجهات السعودية فى التعامل مع العراق وستدعم تلك التحركات وقد تدخل مصر على هذا الخط لتعزيز التوافق بين العراق والدول العربية، لاسيما الخليج، وأن يكون خير وسيط مع إيران لتهدئة حدة التوتر القائم. وشددت أستاذة العلوم السياسية على أن السعودية تحتاج للتهدئة مع إيران فى الوقت الحالى الذى تشهد فيه المنطقة الشرقية وجود عدد هائل من الشيعة وتتحكم فيهم إيران، ما قد يؤدى إلى اشتعال الأوضاع فى حالة التصعيد مع طهران.
من جانبه، قال المحلل السياسى العراقى والكاتب الصحفى عبدالكريم الوزان: «إن العراق فى حقيقة الأمر هو جزء من منظومة عربية ومن منظومة خليجية، وكان وما يزال ثقلاً استراتيجياً وعمقاً اقتصادياً لدول الخليج العربى»، مضيفاً: «بالنسبة لزيارة مقتدى الصدر، فالزيارة عامل إيجابى لعدة مبررات، المبرر الأول هو القضاء على الطائفية والمنهجية لكى لا يقال إن هذه الدولة متمسكة بهذا المذهب وتنطلق من جانب طائفى، ولكن على العكس، فى تقديرى الشخصى كانت زيارة موفقة جداً فى ردع من يتحدث عن الطائفية، وهذا يعتبر وحدة للأمة الإسلامية».
وتابع المحلل السياسى قائلاً إن زيارتَى الصدر للسعودية ومن بعدها الإمارات تأتى، فى تقديرى الشخصى، رد فعل على الإرهاب وعلى تنظيم داعش الإرهابى الذى يحارب السلام العالمى، فهذه الزيارة وإن كان مقتدى الصدر محسوباً على إيران، فهذا هو العامل السلبى الوحيد الذى يحسب على السيد مقتدى الصدر، ولكن كانت زيارة شجاعة وموفقة حتى وإن نقل إلى الخليج وجهة نظر إيرانية، مؤكداً أن نسبة الربح أكثر من الخسارة، وأنه كان جريئاً فى هذا الموضوع، لافتاً إلى أن هناك ردود فعل داخل الميليشيات الموالية لإيران فى العراق على هذه الزيارة، وتابع: «يُحسب للسيد مقتدى الصدر أنه من نسب عربى، ومن نسب أصولى، ومن سلالة لا يمكن الطعن فى تاريخها على نقيض بعض من تسلموا زمام الأمور بالجانب الدينى، والذين هم من أصول غير عربية كالسيد السيد على الحسينى السيستانى، وعلى هذا الأساس، فإن السيد الصدر كان قد فتح الطريق لهذه الزيارة بتلاقى الدول الإسلامية لتسمو وتعلو على المذهب، وتسمو وتعلو على المكون، وتقف وتتحد ضد الإرهاب بغض النظر عن أى شئ، وهذه زيارة جانبها سياسى بحت، وأبعادها متزامنة مع جهود ونشاط دول التحالف العربى والإسلامى فى مكافحة الإرهاب»، مستطرداً: «إذن هو دعم لجهود التحالف العربى والإسلامى ودعم للسلام وضد الطائفية، ولكن يبقى الصدر معرضاً لمحاولات عديدة قد تودى بحياته، لأنه انشق ولو ظاهرياً أو جزئياً عن إيران وهذا تحول كبير نأمل أن يأتى هذا فى تحقيق السلام وتحقيق وحدة الإسلام، ووحدة العرب بإذن الله».
يذكر أن «الصدر» التقى بولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بعد أسبوعين على زيارة السعودية، حيث عقد اللقاء فى قصر الشاطئ بالعاصمة، وقال الشيخ محمد خلال اللقاء إن «التجربة علمتنا أن ندعو دائماً إلى ما يجمعنا عرباً ومسلمين وأن ننبذ دعاة الفرقة والانقسام»، مؤكداً «انفتاح الإمارات على العراق حكومة وشعباً». وفى إطار الاهتمام الإيرانى، بزيارة الصدر، استضافت قناة «خبر» الإيرانية، اثنين من كبار المحللين السياسيين الإيرانيين لبحث أهداف زيارة الصدر إلى المملكة، واعتبر المحلل السياسى المقرب من التيار الإصلاحى، صباح زنكنه أن «زيارة الصدر للسعودية مهمة للغاية فى ظل الظروف التى تعيشها المنطقة نتيجة التوترات الحاصلة»، معرباً عن أمله فى أن تكون رحلة الصدر للسعودية حافلةً بالإنجازات. بدوره، وصف الكاتب والمحلل السياسى الإيرانى، مصدق بور، زيارة الصدر للسعودية واستقباله من قبل ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، بأنها «خطوة جرحت مشاعر المسلمين».
ووفقاً لوكالة «سبوتينيك» الروسية، قال مصدق إن «زيارة الصدر للسعودية واستقباله من قبل بن سلمان جرحت مشاعر المسلمين»، مستبعداً أن «يكون الصدر مفوضاً من قبل إيران للتوسط بينها وبين السعودية لحل التوترات بين البلدين»، وجاء ذلك بعد أن دعا مقتدى الصدر، يونيو الماضى، إيران والسعودية إلى ضبط النفس وترك التصعيد جانباً، مؤكداً أن الحوار الجاد والنافع بينهما سيكون بداية لانتهاء الحرب الطائفية فى المنطقة، مضيفاً: «على طهران والرياض الاعتناء بشعبيهما من دون النظر إلى العقيدة والطائفة والمذهب أو الدين أو العرق».