«أكاذيب قطر» تجهض محاولات حل الأزمة: السعودية تعطل الحوار مع «الدوحة» بعد «تحريف» اتصال «تميم وبن سلمان»
تحريف وكالة الأنباء القطرية لمضمون مكالمة «بن سلمان» و«تميم» عطل حل الأزمة
تسبّبت أكاذيب قطر وتحريفها لمضمون الاتصال الهاتفى بين ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، فى إجهاض محاولات حل الأزمة، التى دخلت شهرها الرابع، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية، أمس «تعطيل أى حوار أو تواصل» مع قطر، احتجاجاً على «تحريف» وكالة الأنباء القطرية الرسمية مضمون الاتصال الذى أجراه أمير قطر بولى العهد السعودى، وأعطى أملاً ببدء حل الأزمة المستمرة منذ أكثر من 3 أشهر بين قطر والدول الأربع المقاطعة لها. واتصل أمير قطر تميم بن حمد آل ثانى بولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، للتعبير عن رغبته فى إجراء حوار، وفق ما نقله الإعلام الرسمى للبلدين، فى أول مبادرة علنية بين المسئولين، منذ عرض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مساء الخميس، القيام بوساطة فى الأزمة.
مسئول سعودى: الاتصال كان بناءً على طلب قطرى.. والسلطة فى «الدوحة» ليست جادة بالحوار ومستمرة فى سياستها المرفوضة سابقاً
وأعلنت السعودية والبحرين والإمارات ومصر فى الخامس من يونيو الماضى قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، واتهمتها بدعم الإرهاب والتقرّب من إيران. وتنفى قطر هذه الاتهامات، وتتهم الدول الأربع بالتعدى على سيادتها. ويأتى التطور الأخير بعد محادثات أجراها «ترامب» على حدة، مع قادة السعودية وقطر والإمارات.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس»، أمس، أن ولى العهد السعودى «رحّب» برغبة أمير قطر فى «الجلوس على طاولة الحوار ومناقشة مطالب الدول الأربع، بما يضمن مصالح الجميع»، مشيرة إلى أنه «سيتم إعلان التفاصيل لاحقاً بعد أن تنتهى المملكة العربية السعودية من التفاهم مع الدول الثلاث الأخرى المقاطعة لقطر، وهى الإمارات والبحرين ومصر»، إلا أن الآمال بحصول تقارب تبدّدت بسرعة عندما اتهمت الوكالة السعودية بعدها الإعلام الرسمى القطرى بالإيحاء ضمناً بأن السعودية من قام بالمبادرة.
ونقلت الوكالة عن مصدر مسئول فى «الخارجية السعودية» قوله إن «الدوحة» قامت بـ«تحريف مضمون الاتصال بعد دقائق من إتمامه، فالاتصال كان بناءً على طلب قطر، وطلبها الحوار»، بينما قالت قطر إنه «جرى بناءً على طلب من الرئيس الأمريكى» دونالد ترامب، وأن أميرها «وافق على طلب ولى العهد السعودى بتكليف مبعوثين من كل دولة لبحث الأمور الخلافية، بما لا يتعارَض مع سيادة الدول».
سفير مصر الأسبق لـ«الوطن»: ما أعقب الاتصال زاد تأزم الموقف.. والمعارضة القطرية: محاولات النظام صبيانية
واعتبر المسئول السعودى أن «هذا الأمر يثبت أن السلطة فى قطر ليست جادة فى الحوار، ومستمرة فى سياستها السابقة المرفوضة»، مؤكداً أن «السعودية تعلن تعطيل أى حوار أو تواصل مع السلطة فى قطر حتى يصدر منها تصريح واضح توضح فيه موقفها بشكل علنى». وختم المصدر بالقول: «وتؤكد المملكة أن تخبّط السياسة القطرية لا يُعزز بناء الثقة المطلوبة للحوار».
ورغم ذلك، يرى محللون، فوق ما نقلته وكالة أنباء «فرانس برس»، أن الاتصال الهاتفى بين أمير قطر وولى العهد السعودى، يعد إشارة فى حد ذاتها إلى تراجع التوتر. وقال كريستيان أولريكسن، الباحث فى «معهد بيكر للسياسة العامة» بجامعة «رايس»: إن «حصول الاتصال وتقديم العرض لإجراء حوار، مهمان بحد ذاتهما». وأضاف «أولريكسن»، لوكالة «فرانس برس»: «إنها إشارة بالعودة من شفير الهاوية». وتابع: «أنا واثق من أن هذا الاختراق المحتمل مرتبط باللقاء بين أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح مع (ترامب)، والاتفاق على ما يبدو بأن الأزمة طالت بما يكفى، ولا بد من حلها». وكان أمير الكويت لمّح عندما استقبله «ترامب» فى «البيت الأبيض»، الخميس، إلى أن قطر «مستعدة لتلبية المطالب الثلاثة عشر»، التى وضعتها الدول الأربع مقابل عودة العلاقات معها، متحدثاً عن فرصة لإحراز تقدم.
من جانبه، قال سفير مصر الأسبق لدى قطر السفير محمد المنيسى، تعليقاً على تطورات الأزمة القطرية، إن «ما حدث من قطر بالطبع هو المعتاد، وليس جديداً، أنا أتصور أن المملكة العربية السعودية لا تنزعج من الدوحة، لأن هذا هو المعروف عن الحكم فى قطر دائماً يقول الشىء ثم ينفيه، أو يأتى بعكسه، أو يضعه فى شكل مختلف ومغاير لواقع ما حدث، ولهذا لست مندهشاً من قرار الرياض وقف أو تعطيل أى اتصالات مع الجانب القطرى». وأضاف: «المشكلة أن قطر ليست دولة، ولا تتصرّف أبداً على أنها دولة». وقال «المنيسى»: «حدوث الاتصالات المباشرة بين أى طرفى نزاع مؤشر إيجابى، لكن على شرط أن يكون لدى الطرف المبادر فى هذه الحالة، وهو قطر، أن يكون لديه رؤية أو استراتيجية لتحريك الوضع الحالى، لكن من الواضح أن القطريين لم يكونوا رؤية واقعية لحل ممكن، وليس مجرد اتصال، ولكن ما ينتج عنه، قد يكون القطريون عندهم رؤى، لكنها خيالية، وبالتالى أنا أتصور أن ما جرى بعد الاتصال وأعقبه أدى إلى تأزم الموقف أكثر، وليس الاتجاه إلى الحل». وقال «المنيسى»: «منذ بداية الأزمة فى يونيو الماضى أكدت أنه يجب ألا نُفرط فى التفاؤل حيال الأزمة، أو القول إنها أزمة يمكن أن تنتهى فى أشهر قليلة، الأزمة مع قطر ستستهلك وقتاً طويلاً جداً». وأضاف: «وهذا يعود لعدة أسباب، أولها: أن قطر لديها مشكلة كبيرة وأساسية فى تفكيرها، وهى القزمية وعقدة النقص، نتيجة الحجم والتاريخ والثقافة ودورها فى المنطقة، كل هذا يجعل القطريين يخرجون عن المألوف والمتوقع من دولة مفترض أنها جزء من منظومة معينة، وهى مجلس التعاون الخليجى». وتابع السفير المصرى الأسبق: «كنت سفير مصر لدى قطر فى عام 1995، ومنذ ذلك التاريخ وأنا أسمع وصف مجموعة الدول الخليجية لقطر بأنها دائماً تُغرّد خارج السرب، ومن قبلها حتى، ولهذا دائماً القطريون عندهم أزمة ثقل وأزمة حجم وعقدة نقص، القطريون يحتاجون إلى طبيب نفسى يعالجهم من تلك العقد».
وذكرت قناة «بلومبرج» أن المحادثة الهاتفية بين ولى عهد السعودية وأمير قطر، التى كان من المفترض أن ينتج عنها تخفيف التوتر فى ما يتعلق بقضية المقاطعة العربية لقطر تسبّبت فى حدوث مشكلة كبيرة، حيث تحدث الطرفان، السعودى والقطرى، هاتفياً بطريقة مباشرة لأول مرة منذ بدء المقاطعة منذ ثلاثة أشهر، وهو ما كان يُعد بمثابة اختراق للأزمة بسبب خلاف حول تفاصيل المكالمة الهاتفية. وقالت الإذاعة الألمانية «دويتش فيله» إن المحادثة الهاتفية بين الأميرين السعودى والقطرى لمناقشة الأزمة تسبّبت فى تبخّر الآمال فى تحقيق انفراجة، حيث إن الخلافات سرعان ما تفاقمت مرة أخرى مع اختلاف رواية البلدين بشأن تفاصيل الدعوة إلى الحوار. وقالت مجلة «إيكونوميك تايمز» إن تلك المحادثة التى كانت بهدف التوصل إلى إجراء قد يسهم فى حل الأزمة، قد خلقت توتراً جديداً يدل على عمق الخلاف بين قطر والدول المقاطعة.
وعلى صعيد الإعلام الخليجى، قالت الصحف الإماراتية، تعليقاً على الاتصال وما أعقبه، إن «الدوحة» تستمر فى لعبة الهروب للأمام، وأكد عدد منها أنه «لا حوار مع الدوحة قبل التزامها بقائمة المطالب». أما الصحف السعودية، فأكدت فى أعدادها الصادرة، أمس، أن «السلطات القطرية لم تتوقف عن ممارسة الكذب والمراوغة»، منتقدة «تحريف الإعلام القطرى لواقع الأحداث والتفافه على الحقائق».
وأعرب حفيد مؤسس قطر الشيخ عبدالله بن على آل ثانى، أمس، عن حزنه لما آلت إليه الأمور بعد ما انتهى إليه الاتصال، وكتب عبر «تويتر»: «سعدت بطلب الشيخ تميم بالجلوس مع سمو ولى العهد الأمير محمد بن سلمان لحل الأزمة الراهنة بين قطر والدول المقاطعة وحزنت لما آلت إليه الأمور»، فيما وصف المعارض القطرى خالد الهيل، عبر موقع «تويتر»، موقف «الدوحة» بعد الاتصال بـ«المحاولات الصبيانية»، وقال إن «التاريخ الأسود للنظام القطرى فى نقض العهود والمواثيق معلوم للجميع».