«الحوامدية».. الإمكانيات «صفر».. و«الوحدة» تخصص تصاريح دفن وشهادات زواج فقط
وحدة الحوامدية تعانى من تزويغ الأطباء والممرضات
فى نهاية كوبرى الحوامدية، من الناحية المتجهة إلى داخل المدينة، يرتفع مبنى الوحدة الصحية لطابقين فى الجهة اليسرى، تغلقهما بوابة حديدية سوداء اللون، على ناصية شارع ملىء بالأكشاك ومزدحم بالزبائن.
صاحب كشك: «الممرضات بيخلصوا التطعيم وبيروحوا واللى بيحصله حاجة يروح مستشفى الحوامدية أو يتحول إلى القاهرة أو الجيزة»
تخلو «الوحدة» من العاملين بها بشكل كامل، لا أطباء ولا ممرضات ولا عمال، انتظرنا أمام البوابة المغلقة لبضع دقائق، ننظر بداخلها، ونقوم بالنداء على من فيها، دون أن يجيبنا أو يرد علينا أحد، حتى قام بالنداء علينا شاب ثلاثينى، كان يقف أمام كشك مجاور للمبنى، سألنا عن سبب وقوفنا بلهجة حادة، اعترضنا على طريقة حديثه معنا، فأخبرنا أن ما دفعه لذلك أن الوحدة تعرضت للسرقة فى شهر نوفمبر الماضى، حيث قام مجموعة من اللصوص بسرقة كافة محتوياتها، وحتى الآن لا يزال التحقيق جارياً فى الكشف عن اللصوص دون الوصول لشىء، وهو ما يجعل «العيون مفتحة على أى حد غريب ييجى ناحية الوحدة أو يقف قدامها»، أخبرناه بحاجتنا السريعة والملحة لتوقيع الكشف الطبى، نظراً لسوء حالة أحدنا الصحية، فقال «لا هنا ما فيش الكلام ده، هما بيقفلوا كل يوم الساعة 8 ومش بيتبقى حد منهم غير العامل اللى معاه دفتر أذون الدفن، عشان لو حصلت حالة وفاة طارئة ما يعطلش الدفن، ويدى لأهله التصريح»، ذكرنا له أن عقارب الساعة لم تصل الخامسة بعد، وهو ما يعنى أنه لا يزال أمام العاملين ثلاث ساعات عمل قبل الانصراف، فبرر ذلك بقوله «يا بيه انت لو جيت الساعة 10 الصبح مش هتلاقى حد برضه، بمجرد ما بتوع تطعيمات الأطفال بيخلصوا شغلهم الوحدة بتقفل ومش بيتبقى حد هنا غير العامل، اللى بيسيبها وبيروح يقضى مصلحته، ويرجع من وقت للتانى»، لذا ترك عامل الوحدة رقم هاتفه مع جيران الوحدة الصحية، حتى يتمكن أصحاب حالات الوفاة من الوصول إليه للحصول على تصريح الدفن.
اللصوص تمكنوا من سرقة محتويات الوحدة العام الماضى والتحقيقات فشلت فى الكشف عن الجناة
نصحنا «أحمد» صاحب الكشك، بعدم الاستمرار فى تضييع الوقت، والذهاب إلى مستشفى الحوامدية العام، الذى يبعد عن مبنى الوحدة الصحية لمدة ربع ساعة، للتمكن من إنقاذ الحالة المرضية التى معنا، مثلما يفعل كافة المرضى فى الحوامدية، الذين لا يأتون تحت أى ظرف من الظروف لتلقى العلاج فى الوحدة الصحية، التى تخلو حتى من الكراسى أو أدوية الصداع، أو أى خدمات طبية، باستثناء تطعيمات الأطفال، والحصول على شهادات الوفاة، والشهادات الصحية للزواج لتقديمها إلى المأذون، وخلاف ذلك لا يجد المريض بغيته إلا فى مستشفى الحوامدية العام، وأحياناً كثيرة يتم تحويله إلى المستشفيات المركزية فى محافظة الجيزة، نظراً لعدم اكتمال الخدمات فى المستشفى هو الآخر، مضيفاً «احنا منعرفش هما سايبينها ليه، ما يقفلوها وينقلوا موظفين التطعيم للمستشفى العام وخلاص، بدل قلة فايدتها، وقايمة الدكاترة والممرضين الكبيرة اللى متسجلة فيها ومش بنشوف حد منهم خالص إلا لما يكون فيه تفتيش أو مرور من وزارة الصحة»، أشار علينا الشاب الثلاثينى بضرورة الانصراف من أمام الوحدة الصحية، واستكمال الحديث أمام الكشك المملوك له، أو الرحيل للحاق بالمريض، خوفاً من أن يرانا أحد ويتهمنا بمحاولة سرقتها، أو «تدبيسنا فى السرقة القديمة»، خاصة أن أصابع الاتهام تشير إلى الجميع، وعلى وجه الخصوص جيرانها، والذهاب بالمريض إلى المستشفى العام، أو إلى طبيب خاص فى برج الأطباء الذى يبعد عن الوحدة خطوات قليلة، وهناك سوف نجد من يسعفنا ويقدم لنا الخدمات الطبية فى مقابل دفع ثمن الكشف.