«مطوبس».. تأخر «الصرف» يعطل عجلة الإنتاج.. ودوامة التراخيص تُنهك رجال الأعمال
مئات الأفدنة فى المنطقة الصناعية بمطوبس تنتظر المستخدمين
على بعد أمتار قليلة من الطريق الدولى الساحلى «بلطيم - الإسكندرية»، قبل المدخل الرئيسى لمدينة مطوبس، تقع المنطقة الصناعية بمطوبس على مساحة 1160 فداناً، والتى تم إنشاؤها بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1770 لسنة 1997 وصدر القرار الجمهورى رقم 165 لسنة 2009 بزيادة مساحة المنطقة 500 فدان أخرى لتصبح 1660 فداناً، داخل سور كبير يمتد بامتداد جوانبها الأربعة، يتصدر واجهتها عدد من المصانع، وفى الناحية الخلفية تتسع الأرض الفضاء بامتداد النظر.
يقول حمدى إبراهيم، صاحب مصنع بالمنطقة لم يبدأ تشغيله بعد، إن «مطوبس» تعد من المناطق الصناعية المهمة، لكنها تحتاج للكثير من الجهود والتطوير والمساعدة حتى تصبح منطقة صناعية كبيرة ذات صيت وتشارك بدور فعال ومؤثر فى القضاء على البطالة بالمراكز المجاورة لها، والتى لا يجد أبناؤها مهنة يعملون فيها غير صيد الأسماك وبناء السفن فقط، الأمر الذى يجب معه استغلال تلك الطاقات الشبابية من أجل الدفع بعجلة العمل والإنتاج.
وأضاف «حمدى» أنه يأتى على رأس تلك المشاكل عدم إدخال الصرف الصحى إلى المنطقة حتى الآن، وهو ما تسبب فى إنشاء المصانع دون تشغيلها أو غلقها لعدم تمكن أصحابها من الصرف، ويوضح: «المصانع هتودى ميّة التصنيع بتاعتها فين؟ لو صرفناها فى الصحراء شركة الكهرباء بتعملنا محاضر، فوقفنا المكن وقعدنا حاطين إيدينا على خدنا منتظرين حد يدّخل بالحل، وحتى الآن محدش عملنا حاجة».
أصحاب مصنع: نواجه صعوبات فى العمل منذ شراء الأراضى قبل 3 أعوام.. و«الشباك الواحد» غير موجود بالمحافظة.. وارتفاع المبانى 12 متراً فقط أبرز المعوقات
وأشار صاحب المصنع إلى أنه من المفترض أن تُمنح الأرض بالمجان للمستثمرين الجادين، بناء على القرار الجمهورى الصادر عام 2002، لتخفيف العبء عن المستثمر الذى يتحمل بمفرده تكاليف تأمين الكهرباء والمياه والمرافق واستخراج تراخيص وتأمين عمال بناء المصانع، الأمر الذى يدفع به فى النهاية للهروب من المنطقة، وإيقاف خطته الاستثمارية خوفاً من الدخول فى دوامة التراخيص والإجراءات التى لا تنتهى، بعدما أجهض المسئولون مشروع الشباك الواحد ولم يعد له وجود: «رجل الأعمال يروح يحط فلوسه فى البنك ويقعد ياخد الفايدة من غير ما يدخل فى حسابات المكسب والخسارة، وهيتحصل على أكتر من الأرباح اللى هتطلعه من غير ما يقوم من مكانه، ولا يفكر فى سعر العملة ولا سعر المواد الخام ولا أقساط الخدمات ولا المرافق».
وأشار المهندس فهمى نوفل، رئيس مجلس إدارة الشركة الإيطالية لاستخلاص الزيوت، التى تقع على مساحة 12 ألف متر باستثمارات قدرها 120 مليون جنيه، وتنتج 1000 طن زيوت يومياً، و150 طن أعلاف فى الساعة بقوة عمل 1200 عامل للإنتاج والتكرير، إلى أن أهم المشاكل التى تعترض الاستثمار فى المنطقة، هو قرار ارتفاع المصنع لـ12 متراً فقط، ما اضطره لإنشاء مصنعه بارتفاع 7 أمتار فوق الأرض، وتحمل تكاليف مرتفعة وتضييعاً للوقت بلا مبرر يذكر، وفى كل مرة يسأل فيها مسئولاً عن السبب وراء قرار الـ12 متراً، يخبره بأنه لا يعرف السبب، وأن القرار قبل مجيئه: «اللى جه يخطط لإنشاء منطقة صناعية وشاف إن فيه مشكلة ارتفاع فى المنطقة دى، ليه مارحش منطقة تانية ينفع نبنى فيها براحتنا، خاصة إننا عندنا ملايين الأفدنة من غير استغلال على شاطئ البحيرة فى نفس امتداد المنطقة الحالية».
وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة أن بعض المصانع قررت التوقف وعدم استكمال البناء نتيجة التعقيدات المستمرة، وبعضها الآخر اضطر لاستكمال مشواره بسبب شرائه للمعدات والتزامه بمواعيد تسليم مع العملاء، وبالرغم من ذلك فوجئ هؤلاء بعد تحمل كل تلك المشاق من أجل العمل والإنتاج بإبلاغ المحافظة لهم بالذهاب للتوقيع على تحويل عقود ملكيتهم للأراضى إلى عقود حق انتفاع لمدة 25 عاماً فقط، وفى حالة الرفض سوف يتم حرمانهم من توصيل الخدمات والمرافق الأساسية إلى المصانع، وبالفعل قاموا بالتوقيع على تلك العقود المُعدلة، وبعد الانتهاء من كافة تلك العثرات اصطدم أصحاب المصانع بأزمة عدم وجود عمالة مدربة، ما يضطرهم لإنفاق مبالغ مالية كبيرة على تدريبهم وتجهيزهم لبدء العمل.
لم يختلف حال مصنع «كيرو ثرى إم» لاستخلاص الزيوت النباتية عن باقى المصانع المحيطة به، حيث تقدم صاحبه للحصول على قطعة أرض لإقامة المصنع عليها، ظناً منه أنها منطقة جديدة وسيكون الاهتمام بالخدمات فيها مرتفعاً، لكن خاب ظنه، على حد تعبيره، واصطدم بواقع غياب الخدمات والمرافق، وأن كافة أحاديث المسئولين للاستهلاك الإعلامى فقط ولا تلامس أرض الواقع، وأن حقيقة الأمر أن المنطقة عبارة عن قطعة أرض صحراوية موضوع على مدخلها لافتة تحمل اسم «المنطقة الصناعية بمدينة مطوبس».
ويروى يونس عبدالرازق، رئيس مجلس إدارة الشركة، رحلة عذابه -طبقاً لتعبيره- من أجل الحصول على أرض المصنع وترخيصها، والذى لم ينته حتى الآن، فيقول: «تقدمت بطلب إلى الجهات المختصة من أجل الحصول على قطعة أرض بمساحة 13 ألف متر، لإقامة المصنع عليها، وبعد الحصول على الموافقة، اكتشفت غياب كافة المرافق، فالكهرباء التى تعاقدت عليها المحافظة غير كافية لتشغيل المصانع بالمنطقة، بما يهدد المصانع بالغلق، وعندما نتقدم للحصول على محولات بقدرات عالية، يأتينا الرد بعدم الموافقة، لأن الكهرباء أقل من احتياجات المنطقة»، كما أن المرافق لا تعمل، وحتى الآن لم يتم البدء فى توصيل الصرف الصحى، أو البدء فى رصف الطرق الداخلية وإنارة الشوارع.
وأشار «يونس» إلى أنه تقدم بطلب للحصول على قطعة أرض إضافية بمساحة 6 آلاف متر، من أجل توسعة مصنعه الذى أنهى 70% منه، إلا أنه فوجئ برفض الطلب بعد ركنه فى أدراج الحكومة لمدة عام ونصف العام، ومعى 134 شخصاً آخرون تم رفض طلباتهم: «مش عاوزين يدونا أرض ليه، أُمال الأرض الفاضية اللى على امتداد الشوف دى هيعملوا بيها إيه وهيودوها فين؟»، وتتجلى كافة تلك المشاكل فى خط سير العمل داخل المنطقة، التى تتسع لآلاف المصانع، وبالرغم من ذلك لا يوجد فيها سوى 13 مصنعاً فقط، بعضها لا يعمل وبعضها الآخر يعمل على «استحياء».
واشتكى المهندس تامر سعيد، مشرف إنتاج بأحد مصانع المنطقة، من انقطاع الكهرباء المستمر، وعدم قدرة المحولات على تحمل ضغط المصانع، الأمر الذى يتسبب فى خسائر كبيرة للمصانع، وتعطيل التعاقدات مع عملائهم، نتيجة عدم إيفائهم بالطلبيات المطلوبة منهم، الأمر الذى يضطره فى كل مرة للاتصال بمسئول الكهرباء فى المنطقة، والذى يخبره بدوره بأن الأزمة فى طريقها للحل خلال أيام قليلة: «وكل مرة تجيب التانية وحتى الآن الأزمة ماتحلتش ولا هتتحل طول ما إحنا شغالين بنظام البيروقراطية».
وأكد اللواء عصام رصاص، رئيس مركز ومدينة مطوبس، أنه يتم ترفيق 48 فداناً، وتركيب توصيلات الصرف الصحى بالكامل كمرحلة أولى، بالإضافة إلى لتركيب 450 عموداً كهربائياً كمرحلة أولى ورصف الطرق الخاصة بـ100 فدان داخل نطاق المنطقة الصناعية. وأضاف رئيس مدينة مطوبس أنه سيتم تذليل أى معوقات إدارية، وإصدار التراخيص المؤقتة القابلة للتجديد لحين إنهاء الإجراءات مع الزيارات والمتابعة الميدانية المستمرة لحل أى مشكلات تواجه إقامة وتشغيل المصانع، وسوف يتم دعم تشغيل المصانع بكل شفافية لجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل، وكذلك تقديم تسهيلات على عدادات ومحلات الكهرباء وعمل مقايسات لتوصيل الكهرباء قبل الانتهاء من مراحل الإنشاءات.