«اليابان».. نهضة بسلاح «السلام» فى مواجهة «الانتقام»
أحد مصانع اليابان
شعب قهر المستحيل، وضرب أروع الأمثلة فى الصمود، وأثبت أنه لا يموت، إنه شعب «اليابان»، إحدى أكبر الدول الاقتصادية فى العالم الحديث، لم تدع آلام «هيروشيما» و«ناجازاكى» تورث أبناءها مشاعر الحقد والانتقام، ولكن بمجرد الهزيمة التى تعرضت لها فى الحرب العالمية الثانية، اتخذت نهجاً جديداً فى تعاملاتها الدولية، مبنياً على احترام الآخر، والتعاون من أجل نشر قيم السلام والمحبة فى العالم. تجنُّب اليابان خوض معارك إقليمية أو دولية أخرى، بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية، منحها الفرصة للانكفاء على العمل والتنمية، حتى غزت العالم بحضارتها، ومنتجاتها المشهود لها بالجودة العالية، حتى استحقت مصطلح «المعجزة اليابانية».
«فهمى»: الشعب اليابانى أدرك عدم جدوى استخدام العنف
الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، قال «إن التجربة اليابانية مليئة بالأحداث والارتكازات التى استندت عليها اليابان لتحقق ازدهاراً بعد إخفاق كبير بسبب الحرب العالمية الثانية»، مشيراً إلى أن اليابان أُجبرت على السلام وفقاً لاتفاقية تمت فى أعقاب الحرب، ومع ذلك مضت فى طريقها لتطور أداءها السياسى والاقتصادى بصورة كبيرة، لتقدم تجربة فريدة من نوعها.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية: «الشعب اليابانى أدرك بعد الاتفاقية أنه لا سبيل لاستخدام القوة والعنف، وبناء عليه فصلت اليابان بين شقين، الشق السياسى، والشق العسكرى والاستراتيجى»، موضحاً أن اليابانيين حققوا تجربة تسمى بالسلام الاقتصادى، وهذه التجربة قادتهم إلى ما وصلوا إليه، ليكونوا واحدة من أكثر الدول تقدماً فى العالم.
وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماعى السياسى: إن الشعب اليابانى حينما استبعد فكرة الانتقام من عقول أبنائه وانتشر السلام بينهم، شرعوا فى بناء حقيقى لمجتمعهم، مضيفاً أن «حرص المجتمع اليابانى على السلام المجتمعى كان له دور كبير فى الارتقاء باليابان».
وأكد «صادق» أن هذه الدولة الكبرى وضعت قاعدة أساسية للنهوض باقتصادها، وهى الإتقان فى العمل وإعلاء روح التعاون والحب بين أفراد العمل، وهذه تُعتبر أسمى صور السلام، لافتاً إلى أن العمل فى بيئة قائمة على الود والاحترام بين الجميع يساهم فى زيادة الإنتاج وإبراز الأفكار، ومحاولة الجميع الارتقاء بالمؤسسة التى يعمل بها، وللأسف مثل هذه الأمور نفتقدها فى مجتمعاتنا العربية.
وتابع أستاذ علم الاجتماع السياسى: «قبل إقرار السلام يجب أن تُقر بالخطيئة، حتى تُرسخ قواعد السلام على أسس وقواعد سليمة، وهو ما فعلته اليابان وشعبها»، مشدداً على أن نظام العمل هناك له أسس وأطر سليمة، والعامل أو الموظف لا يفكر فى شىء إلا التطوير والعمل على الارتقاء ببلاده، دون النظر للتدرج أو المكانة الوظيفية.