سامح مهران: «القاهرة للمسرح التجريبى» تغلب على ضعف الميزانية بجهود الشباب
سامح مهران
اختتمت أمس فعاليات الدورة الـ24 من مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى والمعاصر، الذى شهد مشاركة أكثر من 40 دولة، قدمت العديد من العروض التى تنوعت بين الرقص الاستعراضى والأداء التمثيلى، إلى جانب عقد الكثير من الورش والندوات عن الفنون المسرحية من إضاءة وكتابة وإخراج.
«الوطن» التقت الدكتور سامح مهران، رئيس مهرجان القاهرة القومى للمسرح التجريبى والمعاصر، الذى تحدث عن تقييمه لأداء الدورة الـ24 بعد توقف دام 5 سنوات، وقرار إلغاء المنافسات بين العروض المشاركة، كما تطرق إلى الإيجابيات والسلبيات التى شهدتها الفعاليات، والكثير من التفاصيل فى سياق الحوار التالى.
لا يوجد مهرجان خالٍ من السلبيات.. و«الورش الفنية» كانت فرصة للاطلاع على الثقافات المختلفة.. وسنتعاون مع «فورمان» للاستفادة من خبراته مستقبلاً
ما تقييمك للدورة الـ24 من مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى والمعاصر؟
- بالطبع أنا منحاز لما فعلته، فى إطار ما قدمناه من فعاليات تنوعت بين عروض مسرحية نسوية، وأخرى تنتمى إلى مسرح حرب العصابات المنتشر فى أمريكا اللاتينية، فالدورة الـ24 حققت أهدافها من تقديم عروض متعددة ومتنوعة، بالإضافة إلى الندوات الثقافية، التى كانت ثرية للغاية ومثيرة للجدل، فالمدنية تجمع دائماً البشر باختلاف أخلاقهم، وبالتالى علاقتها بالتراث تكون جدلية، بالإضافة إلى فكرة جماليات الأداء المعاصر، التى ترجمتها الدكتورة مروة مهدى عن أعمال الباحثة الألمانية إيريكا فيشر، وتبلورت فى محورين، هما جماليات الأداء، وتناغم الثقافات، فكلمة المسرح التجريبى اختفت منذ ثلاثينات القرن العشرين، وحلت مكانها فكرة المسرح المعاصر الذى يعتمد على انسجام الثقافات.
ما تعقيبك على السلبيات التى حدثت فى المهرجان؟
- لا يوجد حدث فنى خال من السلبيات، فالمهرجان عاد بقوة بعد توقف دام 5 سنوات، وذلك من خلال اتصالاتنا مع المسرحيين القدامى، من دافع رغبتنا فى تعويض غيابنا فى الفترة الماضية، ولكن بالتأكيد هذه الدورة أفضل من سابقتها، وظهر ذلك جلياً فى الورش المسرحية، مثل ورشة جيلز فورمان عن دراما المشهد، الذى تمكن من تلخيص رحلة شاملة لتطوير الشخصية الدرامية والمشهد المسرحى، وكان الإقبال الجماهيرى عليها كبيراً، ولا أخفى سراً أننا اتفقنا معه لعقد ورشة فى القاهرة لخدمة الوطن العربى، وذلك بعد انتهائه من ورشتين يقيمهما فى لندن وباريس، وبالتالى نحن ننفتح على العالم بمفاهيمه الواسعة.
هل تقصد أن الورش الفنية أكثر المحاور اللافتة للانتباه فى المهرجان؟
- بالفعل، الورش الفنية تعد إنجازاً كبيراً، فمن خلالها انفتح المسرحيون المصريون على ثقافات متنوعة، سواء على مستوى البحث الأكاديمى أو التطبيق العملى، مثل ورشة هيثم عاصم طنطاوى عن «جماليات التدفق»، فهو رجل عبقرى ويتمتع بحيوية ونشاط كبير، بالإضافة إلى ورشة الإضاءة لمنى كنيعو التى لاقت إقبالاً كبيراً من المتدربين، وورشة «النص المسرحى» لفيمى أوشوفيسان، فقد قدمنا توليفة متنوعة من الورش الفنية، ونحاول بقدر الإمكان أن نغطى كل عناصر العرض المسرحى من خلالها، لتدريب شباب المسرح، وإطلاعهم على التجارب الغربية.
شهدت الندوات حضوراً ضعيفاً من الباحثين المصريين.. هل كان ذلك متعمداً؟
- إطلاقاً، فقد طرحنا إعلاناً على موقع المهرجان وصفحته على «فيس بوك»، ذكرنا فيه المواعيد النهائية لقبول الأبحاث العربية والأجنبية، وهذه المعايير طبقناها فى اختيار العروض، منها عرض صديقنا الدكتور هيثم عبدالرازق، المقدم من العراق، وتم رفضه لأنه ورد إلينا بعد انتهاء المدة المقررة لقبول العروض المسرحية، فنحن لدينا مبدأ نلتزم به ولا ننحاز لأحد على الإطلاق.
هل أزعجك تصعيد العرضين الفائزين من المهرجان القومى تلقائياً للمهرجان التجريبى، وإن لم تكن عروضاً تجريبية؟
- لم يحدث، وراعينا الاختلاف فى اختيار باقى العروض المسرحية، وضرورة تقديمها اتجاهات أخرى مختلفة فى المسرح المعاصر، ولاحظنا وجود المرأة فى جميع المجالات، وهى خطوة فريدة من نوعها، كان لها صدى كبير، وستؤثر فى الحركة المسرحية. اللجنة الفنية المشكلة من المهرجان القومى اختارت مسرحية «يوم أن قتلوا الغناء»، وتركت العروض الاحترافية، ما أثار غضب أصحابها، وهذا لا يعنى أن أعمالهم سيئة، ولكن هذه رؤية اللجنة ويجب أن تحترم.
ما السبب وراء إلغاء التنافس بين عروض المهرجان التجريبى؟
- أعتبر ذلك من المميزات الكبرى للمهرجان، فراعينا ألا تدخل العروض فى منافسات، لتهتم بالجانب التثقيفى، والناس تحتاج إلى أن تجلس مع بعضها البعض، وتتبادل الخبرات أكثر من التنافس، وفى النهاية لا تستطيعين أن تقارنى سياقاً بسياق آخر، فكل مسرح وليد بيئته وظروفه.
لماذا اعتمد المهرجان على المكرمين فى العام الماضى ليكونوا محاضرين فى الدورة الجارية؟
- هذا ليس صحيحاً من وجهة نظرى، نحن نحاول تنويع الوجوه على قدر المستطاع فى كل دورة، خصوصاً عند اختيار شخصية لتكريمها، وعلى سبيل المثال، تكريم المخرج حسن المنيعى هذا العام يعد إنجازاً للمهرجان، فهو عالم مسرحى كبير، وله تأثيره فى المغرب والوطن العربى، والكثير من ذوى الأعمار المتفاوتة قرأ له كتباً، فله إسهامات مختلفة فى إعداد مجموعة من الباحثين والنقاد المسرحيين من خلال مركز دراسات «الفرجة»، الذى أعتبره واحداً من أهم المراكز المسرحية فى العالم، وأتمنى أن يلعب المركز القومى فى مصر نفس الدور، بالإضافة إلى الباحثة الكبيرة إيريكا فيشر فهى إحدى علامات المسرح فى العالم العربى، سواء على ناحية التأريخ المسرحى أو تطويره.
كيف تغلبت على ضعف الميزانية؟
- نحن نعمل فى أضيق نطاق، ونعمل على إعداد فريق من الشباب يستطيعون إدارة المهرجان بعد رحيلنا، فهؤلاء الشباب لم يتقاضوا مقابلاً مادياً من أجل تطوير المهرجان واستعادة رونقه مرة أخرى، وكان الإنجاز الحقيقى فى إثبات وجوده، وتقديمه فكرة معاصرة، ونستطيع القول إن كوادرنا يستطيعون أن يتحكموا فى دفة الأمور.
ما أمنياتك فى الدورة المقبلة من المهرجان التجريبى؟
- سعيد بما حققناه فى الدورة الـ24، فقد حققت كل أمنياتى من عقد لقاءات فكرية متنوعة، حتى نقاشاتنا خارج الندوات كانت علمية، حيث تبادلنا الخبرات والآراء، بالإضافة إلى اكتساب الشباب مفاهيم جديدة عن المسارح العربية والغربية، وأتمنى فى الدورة المقبلة الموافقة لليوبيل الفضى للمهرجان، أن يسهم كل المكرمين من العالم العربى فى رفعة وارتقاء المسرح ونعرض الجمهور لصدمات حضارية، ونتلافى أحادية التفكير.
مشهد من مسرحية «ميديا»